الدستور ومزاج صاحب القرار وأبناء الأردنيات
كفل الدستور الاردني منذ قيام المملكة الاردنية جملة من الثوابت والقواعد العامة والتى تعتبر أنها مسلمات, لا أختلاف فيها لأنها نابعة من صميم قناعاتنا, والتى تحقق التوازن والتكافل للشعب الأردني, ولكن لابد أن يكون هناك من يغيب أجزاء من الدستور ويجعل منها حبراً على الورق, وتعتبر المادة 6 من الدستور من المواد التى تغيب إلى حدا ما, والتى تنص على أن الأردنيون أمام القانون سواء, لا تميز بينهم في الحقوق والواجبات وإن أختلفوا في العرق أو اللغة أوالدين. وبذلك تعتبر هذه المادة من المواد التى تساوي بين الأردنيين في الحقوق والواجبات, كما أن هذه المادة تقدم القانون على أي اعتبار أخر, أي أن القانون هو الأصل والمرجعية في تحديد قواعد التعامل داخل المجتمع الاردني. حيث أن الدستور هو القانون الأساسي الذي لا يجوز مخالفته ويعتبر الأقوى, ولا تنقضه القوانين العادية او المراسيم الحكومية. فلماذا يغيب صاحب القرار حق المرأة الاردنية المتزوجة من مواطن عربي أن تعطي أبنائها جنسيتها, لماذا يفرض عليها أن تدفع الضرائب ويحرمها من حقها, لماذا يحتم عليها ان تكون مواطنة صالحة ولا يحتم على وطنها أن يكون باراً بأبنته ويحتضن ابنائها, لماذا يحق للرجل أن يتزوج من خارج الوطن وإن اختلفت عنه بالجنسية والدين واللغه والعادات والتقاليد وتصبح زوجته مواطنة تمتلك حقوق وليس عليها واجبات, ويعاقب المرأة إن تزوجت من يختلف عنها في جزئية سخيفة وهي الجنسية, لماذا ندعي القومية ونلصق صفة القومية بينا إن كنا نفرض عقوبة قاسية غير عادلة على مواطنات أردنيات بتهمت الزواج من مواطن عربي .
ولو تحدثنا من ناحية القانون الدولي الخاص لوجدنا أن مسألة التجنيس من المواضيع التي بحثها وفصلها, حيث يفرق ما بين الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة, حيث تمنح الاولى بمجرد الولادة و تقوم على علاقة الدم, كأن يولد طفل لأبوين يحمل كلاهما او احدهما جنسية الدولة, وتكون الجنسية المكتسبة قائمة على اساس علاقة حقيقية بين الدولة والفرد الاجنبي, كالإقامة لفترة طويلة على اراضي الدولة وبدون انقطاع, او الارتباط بزاوج من مواطنيها بغض النظر عن كونه رجل او امرأة, اضافة لاعتبارات اخرى, كمسألة لم الشمل والتي تعتبر من القضايا الانسانية, ولو نظرنا الى جميع حالات أبناء الاردنيات لوجدنا أنهم من الذين يستوفون جميع الشروط, والاهم من هذا أنهم تنطبق عليهم شروط منح الجنسية الاصليه وهي بالدم.
ولو بحثنا في حجة صاحب القرار نجد أنها أسباب غير مقنعه ولكنه يجد بها ذريعة ليتنصل من تطبيق الدستور. فمن يقول أن منح أبناء الأردنيات الجنسية هو لعب بالهوية الأردنية وإخلال في التوازن الديموغرافي وإخلال بالامن القومي والوطني, هؤلاء من تدعي أنهم خطر على الأردن وأمنه وهويته هم أبناء مواطنات أردنيات, عاشوا وتربوا على قيمنا وعاداتنا على حب الوطن ومعظمهم من حملة الشهادات ومن المتميزين, في الدول المتقدمة يتم استقدام المتميزين ونحن نسنتبعد أبنائنا المتميزين مع العلم ان بينهم من يتميز ويعاني. ولا تدعي أنك لا تعادي حقوق النساء الأردنيات ولكنك تقدم المصلحة الوطنية على مصلحتهن. فهذه ما هي إلا ذريعة لا اساس لها لأن حقوق المواطن تتفق مع المصلحة الوطنية بل وتنبع منها. ومن يدعي أنه يطبق أحكام الدين وأن الابناء يتبعون جنسية والدهم هي ايضاً حجة واهية لأن الجنسية تختلف عن النسب. والجنسية لا أساس لها في الدين. ومن يصرخ بأعلى صوته ويدعي أنه يريد الحفاظ على الهوية الفلسطينية وقضيتها, أعتقد أن هناك حل لهذه المشكلة, وإعطاء الحقوق لأصحابها لا يؤثر على قضيه كبيرة كالقضية الفلسطينة, ويمكن إستثتاء أبناء الأردنيات المتزوجات من فلسطنين, ويأخذون حقوق مدنية لتسهل عليهم مصاعب الحياة ويحافظون على هويتهم هذا اذا اخذنا بعين الاعتبار انه يريد الحفاظ على الهوية الفلسطينية. ومع العلم أن الفلسطيني متمسك بهويته ولا يتنازل عنها, وهم ليسوا الفئة الغالبه في هذه المعضلة.
أن التنصل من اعطاء الأردنيات حق تجنيس أبنائهم هي جريمة واستلاب لحق شرعه الدستور, لقد آن الأوان أن تحل هذه المعضلة وتنصف المرأة الاردنية المتزوجة من غير أردني على اعتبار أنها مواطنة مارست حقها في اختيار شريك حياتها كما يفعل الرجل تماماً.