الإصلاح الاقتصادي في مواجهة الفساد
في الوقت الذي تبدأ فيه المؤثرات السلبية للإصلاح الاقتصادي بالانحسار سرعان ما تعلم إيجابيات الإصلاح الاقتصادي على المدى الطويل والتي تتصدرها :
ـ تراجع العجز في الموازنة العامة للدولة 0
ـ تخفيض سقف المديونية الخارجية 0
ـ السيطرة على معدلات التضخم واستقرار سعر صرف الدينار 0
ـ تخفيض فائض في ميزان المدفوعات وارتفاع الاحتياطي من العملة الأجنبية 0
ـ ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي بما في ذلك الدخل القومي 0
وحتى يؤتي الإصلاح الاقتصادي ثماره ويحقق النتائج المرغوبة والمطلوبة يفترض توفير مستلزمات إنجاحه وأن تعطيه فرصته الكافية بعيداً عن المماطلة والتسويف 0
وفرص نجاح الإصلاح الاقتصادي مرهونة بعدة عوامل من بينها :
ـ كفاءة الأداء الحكومي وفاعلية الجهاز الإداري للدولة 0
ـ المشاركة الشعبية في صنع القرارات الاقتصادية وبقدر ما تتسع دائرة المشاركة الشعبية في صياغة أهداف
الإصلاح الاقتصادي بقدر ما يسهم ذلك في ابتكار صيغ فعالة في تنفيذها 0
ـ كسر الركود الاقتصادي من أقوى أو أضعف حلقاته من خلال تطبيق إجراءات اقتصادية فعالة بما في ذلك استخدام سياسة العجز المقصود كوسيلة لإنعاش الحياة الاقتصادية 0
ـ المزاوجة بين مقتضيات الإصلاح الاقتصادي وبين الاستقرار الاجتماعي 0
والإصلاح الاقتصادي في مواجهة الفساد يتعذر إنجاز أهداف الإصلاح الاقتصادي ومراميه دون مكافحة الفساد وتصفية مرتكزاته ، فالإصلاح والفساد وجهان مختلفان لحقيقة واحدة وهي الرغبة في تغيير ما هو قائم فإن كان فاسداً تم إصلاحه وإن كان صالحاً تم تحصينه من التداعي والانهيار والمعادل الموضوعي لإصلاح كل ما هو فاسد يتمثل بتقويم الاعوجاج وتصويب الأخطاء وإعادة بناء ما أفسدته الطبيعة وما خربته الأيادي الملوثة 0
وإذا كانت التنمية تستهدف إحداث تغيير جذري في الحياة الاقتصادية والسياسية للبلاد فإن مهمة الإصلاح تنصب على معالجة الاختلالات الهيكلية على مستوى الاقتصاد بشقيه الجزئي والكلي 0
والإصلاح الاقتصادي ليس بالوصفة السحرية ولا بالجرعة الأبدية التي يحقن بها الاقتصاد الوطني لمرة واحدة حتى يخرج من أزمته ويتماثل للشفاء 0
فالإصلاح الاقتصادي عملية متواصلة ومستمرة تمليها متغيرات الحياة بوصفها انعكاساً لعلاقات القوة غير المتوازنة التي تعزز الفساد في الدولة البيروقراطية حيث يتحول الفساد من حالة فردية إلى ظاهرة تستعصي على الحل نظراً لمقاومة المنتفعين منها لإجراءات الإصلاح التي تهدد مكتسباتهم غير المشروعة 0
وبالمقابل فإن من السهولة بمكان مكافحة الفساد في الدولة الديمقراطية لأنه يبقى في حقل الارتكابات الفردية ولا يتحول إلى ظاهرة نظراً للدور الذي تلعبه "السلطة الرابعة " الصحافة في رصد مظاهر الفساد وتعقب مرتكبيه حتى يقعوا في قبضة القضاء العادل ، الأمر الذي يعني أن سبل مكافحة الفساد في الدولة الديمقراطية أيسر وأسهل بما يقاس من وسائل مواجهته في الدولة الشمولية التي تعشش في ظلها البيروقراطية 0
والسؤال الذي يطرح نفسه ما السبيل إلى لجم الفساد ؟ وما علاقة الفساد بمفهوم الحق والواجب ؟ وما الآثار الأخلاقية التي تترتب على ممارسة الفساد ؟
إن مكافحة الفساد السياسي والمالي والإداري تستدعي بالضرورة تغيير البنية التي أنتجت الفساد من خلال تطبيق ثلاثية قوامها :
ـ الحكم الرشيد ويعني الحكمة في وضع الموارد الطبيعية والطاقات البشرية موضع الاستثمار الأمثل عبر تطبيق سياسات اقتصادية صائبة وبناءة 0
ـ الشفافية والعلانية في عمل مؤسسات الدولة 0
ـ المساءلة القانونية الصارمة للقائمين على إدارة شؤون الدولة 0