للمرة العاشرة.. حقوق عمالية عاثرة..!!
كتبت أكثر من مرة عن حقوق عمالية منتهكة، واستغربت كيف لا يعرف عنها مسؤولون، تذرّعوا بأنهم يجهلونها، مع العلم بأنها تدخل في صميم مسؤولياتهم ومهامهم، ومع ذلك نقول لهم ها قد عرفتم، لكنكم لم تفعلوا شيئاً..!!
وأتساءل: ألهذا الحد وصل الضعف وقلة الهيبة بمسؤولي الدولة، حتى عجزوا عن إنصاف عمال ضعفاء انتهكت حقوقهم العمالية في وضح النهار، على الرغم من أن القانون إلى جانبهم، لكن المسؤولين وقفوا إلى جانب ظالميهم، ضعفاً وعجزاً وخوفاً وقلة هيبة، ضاربين تطبيق القانون بعرض الحائط..؟!!
هل يستحق مسؤول على رأس وزارة إو دائرة رسمية أن يبقى في موقعه إذا كان يقف مكتوف اليدين أمام حالات ظلم وضياع حقوق دون أن ينتصر لأصحابها وينصفهم، وخصوصاً إذا كان هؤلاء من الضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة..!؟
لقد كتبت لأكثر من مرة عن عمال وعاملات التحميل والتنزيل في المؤسسة الاستهلاكية المدنية، وعددهم كان يفوق الثلاثمائة إلى أن تقلّص إلى (174) عاملاً وعاملة يحملون الجنسية الأردنية، وقد جاء الظلم عليهم من الحكومة عندما قرر مجلس إدارة المؤسسة رفع أجورهم الشهرية إلى الحد الأدنى الجديد للأجور البالغ 190 ديناراً، ولكن اعتباراً من مطلع شهر حزيران من هذا العام، في حين أن القرار الحكومي برفع الحد الأدني للأجور المستند إلى قانون العمل حدّد بداية استحقاق الأجر الجديد من مطلع شباط من العام الحالي، وبذلك فقد ظُلِم هؤلاء العمال وأُكِل حقهم بفارق الأجر عن أربعة شهور، ولم يتم إنصافهم حتى اللحظة، ناهيك عن التلكؤ في شمولهم بالضمان الاجتماعي بأثر رجعي اعتباراً من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل، أما الحقوق العمالية الأخرى كحقهم في الإجازات والعطل الرسمية والمغادرات والتثبيت فحدث ولا حرج، فهم لا يتمتعون بأي منها، لا بل يتم تهديدهم بالفصل إذا اضطر أحدهم أو إحداهن إلى الغياب لمرض أو لحالة طارئة أو غيرها..!!
وكتبت أيضاً عن العاملين في قطاع الخدمات الصحية المساندة والشركات التي تقدم خدمات النظافة في المستشفيات والمؤسسات وغيرها، وكيف تُنتهك حقوقهم من ناحية عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجر، ولا بالإجازات، والتهرب عن شمول فئات منهم بالضمان الاجتماعي، إضافة إلى التأخر في صرف رواتبهم لما بعد السابع من الشهر التالي للاستحقاق وهو ما يعد مخالفاً لقانون العمل..!
وكتبت عن موظفي الأمن والحماية العاملين لدى مؤسسة المتقاعدين العسكريين، وكيف أن معظمهم ما زالوا محرومين من الحد الأدنى للأجور، ويتقاضون راتباً لا يزيد على (150) ديناراً...!!
وكتبت عن انتهاكات حقوق العاملين في رياض الأطفال والمدارس الخاصة، سواء ما يتعلق بالحد الأدنى للأجور، أو ما يتعلق بتشغيلهم لمدة (9) أشهر فقط في السنة، حيث يتم إيقاف المعلمين والمعلمات العاملين في هذه المدارس عند بداية الإجازة الصيفية، ثم يعاد تشغيلهم مع بداية العام الدراسي، مما يؤثر على استمرارية شمولهم بالضمان وحقوقهم المستقبلية..!
وكتبت عن انتهاك صارخ للقانون والدستور بحق بعض العاملين بعقود على نظام المكافأة في إحدى الوزارات، والتي تشترط عليهم في العقد بأن لا يتم إشراكهم بالضمان الاجتماعي ولا بالتأمين الصحي، وكلهم أردنيون..، فكيف تسمح هذه الوزارة لنفسها أن تشترط عليهم هذا الشرط الجائر والذي هو شرط إذعان ويتعارض مع القوانين والتشريعات المعنية النافذة، ولدي عقود موقعة من ثلاثة وزراء تتضمن بنودها مثل هذا الشرط الفاسد الظالم..!!
وكتبت عن مأساة العاملات في مراكز محو الأمية التابعة لوزارة التربية والتعليم، من معلمات وآذنات، وما يتعرضن له من أبشع انتهاك لحقوقهن الإنسانية، إذْ لا يتمتعن بأي حقوق عمالية أو حتى إنسانية، سواء حقهن في التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي أو الإجازة، كما أنهن يعملن بأجور زهيدة تصل حد السخرة، إذْ تتقاضى الآذنة مبلغ عشرة دنانير شهرياً، فيما لا يكاد راتب المعلمة يتجاوز المائة دينار، وللإنصاف أقول بأن الدكتور فايز السعودي وزير التربية وعد بإنصافهن عبر تعديل التعليمات التي تُنظّم عمل مراكز محو الأمية لكن شيئاً لم يحدث حتى الآن، ولا زالت هؤلاء العاملات يرزحن تحت وطأة الظلم والقهر والحرمان..!!
والسؤآل: إلى متى يستطيع الإنسان العامل أن يصبر على الظلم وهو يرى غيره من موظفي الترف يتمتعون بحقوق تفوق الخيال..!!!
وأذكّر كل مسؤول بدءاً من رأس الدولة إلى أصغر مدير دائرة بمقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أيما عامل لي " أي مسؤول " ظلم أحداً فبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته)..!!
وأخاطب الوزراء ومديري الدوائر المعنية بمثل هذه الانتهاكات فأقول: منْ لا يملك الحفاظ على حقوق العمال ورفع الظلم عنهم، وضمان معاملتهم بالعدل والإنصاف، فمن الأفضل أن يتنحى.. وعلى صاحب الأمر أن يُنحّي أي مسؤول يعجز عن تطبيق القانون ويولّي القوي الأمين..!!