رحيل التشكيلي الشريف مودعا المنفى ليقيم فـي اللون
المدينة نيوز- نعى وزير الثقافة د. صبري الربيحات الفنان التشكيلي عدنان الشريف؛ عادّاً رحيله خسارةً كبيرة على الوسط الثقافي الأردني والعربي، محترماً عمره الستينيَّ، معرباً عن أسفه لرحيل هذه القامة التي استفادت من الموسيقى وعاءً للتشكيل.
وقال الوزير إنّ علاقة الوزارة بالوسط التشكيلي علاقة تقوم على الإيمان باللوحة التي يصبّ فنانها ما يقع عليه بصرُه جمالياتٍ تتأمّلها الأجيال، وتتلمس فيها تفاصيل حياة تضجّ بالحركة. وأضاف الربيحات أنّ حصول الراحل على جوائز هو مبعث فخرٍ لإنجازاتنا في الفنّ الإنسانيّ، واصفاً الذّائقة الفنيّة والأدبيّة الأردنيّة بالحاضرة دائماً.
وقال الوزير إنّ الشريف سيبقى في أذهان من عرفوه، وستظلّ لوحاته ماثلةً في وجداننا؛ تدلّ عليه.
وكان غيّب الموت التشكيلي عدنان الشريف بعد صراعٍ طويل مع المرض، وأعرب عدد من الفنانين عن حزنهم لرحيله، ووصفوا أعماله بأنها غنيّة، مشبعة بالموسيقى، وأنه اشتغل على مشروعه الفني بصمت، واستثمر ثقافته في التجريد وحاور لوحاته، وكان يغلّف كلّ ذلك قربه الإنساني وأخلاقه العالية مع أصدقائه التشكيليين بخاصّة، والمثقفين بعامّة.
عدّ الناقد في علم الجمال في الجامعة الأردنية د. مازن عصفور الراحل الشريف واحداً من الفنانين الأردنيين البارزين، المتميّزين في معالجة الأعمال الفنيّة الحداثيّة في ساحتنا المحليّة، وتمرّسه في التجريد الغنائي بكل مقوّماته الجمالية. وأضاف عصفور أنّ الشريف كان وثيق الصّلة بالموسيقى المسموعة والبصرية، يحرص على إحالتها مفرداتِ تشكيلية في نسيج غنائي مُحكم.
وذكر عصفور أنّ الراحل كان يردد- بحكم معايشته له، خلال عملهما في دارة الفنون- أنّ النصّ البصري بطبيعته سيمفونيّة بصريّة؛ مضيفاً أنّ الشريف كان صاحب حضور تشكيلي على الساحتين: المحليّة والعربية، وكان يتمتع بشفافية عالية، وحساسية لونيّة مميزة، خاتماً أنّ أعمال الراحل ستبقيهِ حيّاً بيننا رغم الغياب.
ماهر: إنسانيّة طاغية
قال الفنان المعماري علي ماهر: كم هو مؤلمٌ رحيل الشريف، وأعود بالذكرى يوم اشتغلنا معاً في دارة الفنون، وكانت إنسانيته طاغيةً على سلوكه مع من حوله، مضيفاً أنه أغنى كثيرين تعاملوا معه، ذاكراً صحبته الفنيّة معه، واستفادته بالقرب منه؛ وقال إنّ الراحل كان يشعّ بالمحبّة والإبداع، أما لوحاته فكانت سيمفونيات جاءت مخاضاً لانبهاره بالموسيقى، وكانت تجريديته واضحةً متميّزة.
خريس: موسيقى اللون
مدير عام المتحف الوطني للفنون التشكيلي د. خالد خريس وصف الراحل بأنه كان مطّلعاً، مثقّفاً، ذا أسلوب خاص، وذكر أنه تعرّف عليه في لبنان، ووصفه بأنه كان يشتغل بدقّة على اللون الموسيقي، وقال: ما أزال أذكر المعرض الجماعي: الفن الأوروبي العربي، وكان مشاركاً فيه، وانتقل د.خريس إلى اشتغال الشريف على التصوير الفوتوغرافي؛ محترماً التجربة المهمّة لديه، ومع تسليمه بقدر الله أعرب د.خريس عن حزنه لغياب الشريف، عادّاً رحيله خسارة للحركتين التشكيليتين: الأردنيّة والفلسطينية.
انعيم: معاناة صعبة
وذكر رئيس رابطة الفنانين التشكيليين غازي انعيم الجانب الإنساني الذي توافر عليه الراحل، واصفاً معاناته مع المرض بالصعبة؛ وقال: كان ينظر إلى اللوحة نظرة ألم، تتوق فيها ذراعه إلى إبداع ما يحس به وجدانه، ويمليه عليه عقله، وكنا نرتّب لحفل تكريم له قريباً، ولكن إرادة اله قضت دون ذلك.
العامري: لوحة المنفى
الناقد التشكيلي محمد العامري قال إنّ أعمال الشريف اتكأت على موضوعة المنفى الفلسطيني، وكانت بوستراته سياسية في ثمانينيات بيروت، وكانت تلحّ عليه هموم القضيّة، مضيفاً أنّ الراحل عرض في ألمانيا، ودرس في آداب ببيروت، كما درس الفن في الجامعة اللبنانية، وقدم إلى الأردن أوائل التسعينيات، واشتغل على التجريد بمرجعيّة موسيقى الجاز، وحفر بالمعدن، وأقام ورشة في أواخر التسعينيات من القرن الماضي في المتحف الوطني. واستذكر العامري معرض الراحل أزهار الدارة في دارة الفنون، ومعرضه التجريدي في جاليري الأورفلي. ومن جانب إنساني قال العامري إن الشريف كان إنسانيّاً، هادئاً، كثير التأمّل، وهو ما يمنحه إبداعاً تشكيليّاً؛ فحاز على جائزة الشراع الذهبي من بينالي الكويت، وكان إلى جانب ذلك مثقفاً بالسعي للمعرفة وحب الاطلاع، وكان مخلصاً لعمله الفني وبحثه فيه. وذكر العامري أنّ الراحل من مواليد غزّة عام تسعة وأربعين من القرن المنقضي.
الشقيري: استثمار الميديا
التشكيليّة رولا الشقيري وصفت الراحل بالفنان المعطاء الذي لم يبخل بمنح الشباب المعلومة الغنيّة، والفائدة الذّكيّة، وذكرت أنه- بالرغم من عطائه الكبير-لم يكن محبّاً للظهور بحكم إيمانه بما يقدّمه، واستذكرت إبداعه في التصوير الفوتوغرافي والكاريكاتير. وقالت: إذا كان من كلمة فهو فنان حقيقي يرسم بصدق، ويستثمر كلّ أنواع الميديا، ويمتلك مهارات كثيرة.
شحادة: ثراء التجربة
التشكيلي نبيل شحادة وصف الراحل بأنه كان دؤوباً في اشتغاله على مشروعه الفنّي، وقد تميّزت أعماله بغناها، كما تظهر لوحاته الغنيّة محاوراته تفاصيلها.
بقاعين: صمت المبدع
وقال التشكيلي سهيل بقاعين إنّ الشريف بحث واستثمر الموسيقى، وكان يعمل بصمت الفنان المبدع، وكانت له إسهاماته في تشكيل فسيفساء الفن والتشكيل الأردني.