متلازمة الفوضى التي تغزونا...
تم نشره الأربعاء 03rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:46 صباحاً
بقلم علي شهاب عضيبات
لابد وان موضوع انتشار الامراض في الوقت الحالي هو موضوع شائع ويتحدث عنه الكبير والصغير..وقد أدت هذه الامراض الى مشاكل صحيه عجزت البشريه أحيانا عن التصدي لها وذلك لصعوبتها وارتفاع كلفة علاجها..ومن هذه الأمراض التي انتشرت حديثا في بلدنا مرض الفوضى الذي أسميته بمتلازمة الفوضى..والمتلازمه هي مجموعه من الاعراض المترافقه مع بعضها التي تشكل مرضا ولعل أشهرها وأكثرها رعبا هي متلازمة نقص المناعه المكتسبه او ما يسمى بالايدز
لقد كان شيئا غريبا على مجتمعنا ان يصل لهذا الوضع خصوصا وان المجتمع الاردني هو من أكثر المجتمعات تعليما وثقافه ولكنها بالفعل عدوى مرضيه أصابت الكثيرين فجعلت منهم مثالا حيا على الانفلات وعدم الشعور بالمسئوليه..ولا أقصد هنا المطالبه بالاصلاح كما سيتخيل القارئ بل بالعكس انا أعتقد أن وجود معارضه بناءه ووطنيه هو أمر صحي وسبب من أسباب التقدم المنشود..ولكنني أقصد مظاهر الحياه العامه في البلد..الشوارع مليئه بالفوضى ,المدارس مليئه بالفوضى ,الدوائر الحكوميه مليئه بالفوضى,الاعلام مليء بالفوضى,اغلاق شوارع من قبل محتجين,تكسير ممتلكات,حالات القتل التي شاعت ,جرائم الشرف والانحلال الأخلاقي,بسطات تغلق الطرقات,جامعات تعتبر منارات للعلم تحولت الى ساحات للصراع...فما الذي يحدث؟!!
ان المتابع للاخبار لابد وأن يصيبه الاكتئاب من كثرة هذه الاخبار التي تجعل القلب يعتصر ألما..وأعتقد ان السبب الاول والرئيس لهذا الوضع هو الابتعاد عن تعاليم الدين الحنيف وثانيا هو ابتعاد الناس عن ثقافة تطبيق القانون سواء كان هذا القانون مكتوبا كدستور للبلاد او كعرف في المجتمع مستمد من القيم المجتمعيه والعادات والتقاليد..ثم يأتي بعد ذلك اسباب أخرى مثل تنوع أطياف المجتمع نتيجة الهجرات المتتاليه أثرت على كيان المجتمع ..اضافة لأسباب أخرى مثل اللهث غير المدروس نحو الحداثه وحب تقليد الغير والتفكك المجتمعي والاسري والعشائري..ولابد هنا من ذكر الفقر والبطاله كسبب مع أنني أختلف مع كثيرين في موضوع الفقر الذي يصنفونه على أنه السبب الاول لهذه المظاهر ولكنني دائما أقول أن الفقر لا يبرر الانحلال الاخلاقي او حتى تطبيق القانون..ان سلوك الفرد في المجتمع يعبر عن مدى وعيه وثقافته وليس عن مستواه المادي وعلى سبيل المثال اذا اخذنا موضوع الالتزام بقوانين السير لايمكن أن نبرر لشخص قام بقطع اشاره حمراء وتسبب بحادث مروري بأنه فقير ..وعلى ذلك يتم قياس باقي الامور
ان الكثيرين يقومون بالاستدلال على موضوع تطبيق القانون عن طريق المقارنه بالدول الغنيه كالغرب مثلا ..ولكنني أعتقد أن هذه المقارنه غير دقيقه لان هناك دولا فيها نسبه من الفقر ولكن شعوبها امتلكت ثقافة تطبيق القانون والالتزام بالنظام فلماذا نقفز للمقارنه بامريكا وكندا ؟لماذا لا نقارن بدوله مثل الصين مثلا؟؟ او دوله مثل الفلبين او مثل البرازيل مثلا ؟؟ وبالمقابل أليس هناك دول غنيه وليس عند شعوبها ثقافة تطبيق القانون؟؟
لا شك أن الوضع الحالي في بلدنا ينذر بالخطر فان زادت الامور عن حدها قد يحدث ما لاتحمد عقباه لا قدر الله..والمسئوليه تقع على عاتق الجميع..الدوله يجب عليها توعية الناس والعمل على تطبيق القانون حتى بالقوه لو لزم الامر وعدم التهاون في الاساءه الى الاخرين وفي هذا المجال لابد ان نذكر ان موضوع محاربة الفساد هو ايضا محاربه للفوضى..ورب الأسره من واجبه أن يعزز موضوع الالتزام بالقانون عند عائلته وكذلك المعلم في مدرسته..ولا شك ايضا أن هناك واجبا يقع على القطاع الخاص كونه من مكونات نسيج الوطن وشريك في التنميه..ولكن للأسف دأب جزء من القطاع الخاص على موضوع تكديس الثروه دون النظر الى موضوع تطوير المجتمع المحلي وهذا تقصير واضح يجب اصلاحه
الفوضى ترتبط بمصطلحات بغيضه مثل الاهمال والعنف والتخلف وعدم المسئوليه والفساد..أما تطبيق القانون يرتبط بمصطلحات محببه للجميع مثل النظام والشعور بالمسئوليه والبناء والتقدم والنزاهه..فأي هذه المصطلحات نريد؟؟ ام اننا سنردد ما يقوله البعض بأن الناس مجبرين على هذه الفوضى ..فليس من الحكمه ربط السلوك المتحضر عن طريق تطبيق القانون بالوضع السياسي او الاقتصادي لان تطبيق القانون هو أخلاق بالدرجه الاولى ولم تكن الاخلاق يوما مرتبطه بمال او غيره ! ورب العالمين يقول "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " صدق الله العظيم..والحبيب المصطفى يقول:أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "
اللهم أصلح حالنا وأحسن مآلنا، اللهم ارزقنا قلباً خاشعاً، وعلماً نافعاً، وعملاً صالحا خالصاً، اللهم إنا نعوذ بك من الرياء والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق