قوات المعارضة تتحدى حرس الأسد وتقتل "نخبة" من عناصره وأنقرة تكتفي بـ"رسالة ردع"
المدينة نيوز - في عملية تُظهر حجم اختراق قوات المعارضة السورية معاقلَ النظام السوري الأمنية وفي رسالة ثانية تحدّت فيها المعارضة القوات النظامية، قُتل 21 عنصراً على الأقل من "نخبة" الحرس الجمهوري السوري في تفجير أعقبه إطلاق نار في قدسيا غرب دمشق، وفق ما أكد ناشطون وشهود والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومن زاوية اخرى، انعكست أجواء المواجهة المتصاعدة بين سورية وتركيا في أعقاب قصف الجيش السوري قريةً حدودية تركية على أجواء السياسة الداخلية التركية، وأبرزت الخلاف القائم بين الحكومة وفريق من المعارضة في شأن حدود تدخل أنقرة في الأزمة السورية. واكتفت أنقرة بـ "رسالة ردع" ما يعني أن المواجهة ستحصل "عند الضرورة".
وعقد البرلمان التركي جلسة عاصفة أمس لمناقشة الطلب الذي قدمته حكومة رجب طيب أردوغان لمنحها تفويضاً موسعاً مدته عام يسمح للجيش بشن عمليات عسكرية خارج الحدود، على غرار ما يقوم به في شمال العراق. ووافق البرلمان على الطلب بغالبية 320 نائباً ضموا نواب الحكومة وحزب المعارضة القومي فيما رفض الطلب 129 نائباً من حزب السلام والديموقراطية الكردي وحزب الشعب الجمهوري اليساري. وشن هذا الحزب، الذي يدين بالولاء لأفكار أتاتورك، هجوماً لاذعاً على وزير الخارجية أحمد داود أوغلو قائلاً إن مغامراته الخارجية "تعود بالموت والخراب على تركيا" معتبراً أن سياسة العمق الاستراتيجي التي يبشر بها داود أوغلو قد أفلست. واتهم الحكومة بالسعي للزج بتركيا في حرب إقليميه لا مصلحة لها فيها. واضطرت الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة شارك فيها مئات اليساريين على باب البرلمان للتعبير عن رفضهم منح الحكومة تفويضاً لاستخدام الجيش في عمليات خارجية تستهدف سورية، ورفعوا لافتات منددة بالحرب ومؤيدة للشعب السوري.
وبموافقة البرلمان على التفويض اعتبر وزير الخارجية أن "الرسالة وصلت إلى صاحبها" في إشارة إلى نية الحكومة الاكتفاء بقرار البرلمان الذي اعتبره داود أوغلو رادعاً قوياً لدمشق، فيما شدد نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي على أن الضوء الأخضر الذي أعطاه البرلمان ليس تفويضاً بشن حرب و "أنه سيكون بمثابة رادع". وأكد مسؤولون في حزب العدالة والتنمية أن هذا التفويض لا يعني إعلان الحرب على سورية، خصوصاً في ظل وجود بعض التململ داخل الحزب الحاكم تجاه سياسة الحكومة فيما يتعلق بالملف السوري، إذ قال وزير الخارجية الأسبق وعضو حزب العدالة والتنمية الحاكم يشار ياكش إنه من الواضح أن القصف السوري على قرية أكتشه قالا لم يكن متعمداً وأن دعم حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي موقفَ تركيا لا يعطيها الحق في إعلان الحرب على سورية أو استخدام الجيش التركي للتدخل في النزاع الداخلي القائم هناك.
ضربة قوية للحرس الجمهوري السوري
وهذه أكبر خسارة في صفوف قوات الحرس الجمهوري منذ بدء الحركة الاحتجاجية في البلاد. كما أن عملية أمس هي العملية النوعية الثانية خلال 48 ساعة التي تتعرض فيها القوات النظامية لهجمات خطيرة في معاقلها، إذ قتل 48 عنصراً نظامياً أول من أمس في سلسلة تفجيرات قرب نادي الضباط وسط حلب.
وكان لافتاً أن العمليتين جاءتا مباشرة في أعقاب إعلان النظام تجهيز آلاف الجنود مدعومين بالآليات لشن هجمات حاسمة في حلب لاستعادة السيطرة عليها، وأخرى مماثلة في ريف دمشق لإنهاء وجود تنظيمات المعارضة فيه.
وقال المرصد السوري في بيان "ارتفع إلى 21 عدد عناصر الحرس الجمهوري الذين قتلوا إثر إطلاق رصاص واستهداف حافلة صغيرة واشتباكات في منطقة قدسيا".
ونقل المرصد عن مصدر طبي وشهود، أن عدد القتلى "مرشح للارتفاع، وأن سيارات الإسعاف تتوافد على مساكن الحرس الجمهوري في قدسيا".
وأفاد المرصد أن غالبية من سقطوا "قتلت في التفجير"، بينما قضى آخرون في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في قدسيا "التي تتعرض بعض مناطقها للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المنطقة".
وقوات الحرس الجمهوري من قوات النخبة في سورية، وهي متمركزة في المناطق الحساسة والمهمة وتخضع لسيطرة مباشرة من كبار القيادات الأمنية في طليعتهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
وشهدت مناطق عدة في ريف دمشق أمس، قصفاً واشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية التي "تحاول أن تحسم الوضع على الأرض والسيطرة على المنطقة، لكنها لا تنجح في ذلك" وفق المرصد السوري.
وفي حلب، أفاد المرصد أمس عن تعرض أحياء عدة، منها صلاح الدين وباب النصر والصاخور للقصف. كما قتل "ما لا يقل عن ستة من القوات النظامية إثر هجوم نفذه مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة على حاجزهم في حي صلاح الدين".
ودعت سورية مجلس الأمن الدولي إلى إدانة "الأحداث الإرهابية" التي شهدتها حلب، وذلك في رسالة بعثت بها إلى رئيس المجلس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك غداة تبني "جبهة النصرة الإسلامية" هجمات حلب الانتحارية. وكانت جبهة النصرة أعلنت في بيان نشرته مواقع جهادية، مسؤوليتها عن استهداف مراكز أمنية في ساحة سعدالله الجابري بوسط حلب، في عملية أطلقت عليها اسم "غزوة نسف الأوكار".
وأدت أعمال العنف في مناطق سورية مختلفة إلى سقوط 63 قتيلاً أمس غالبيتهم في ريف دمشق، وهم 24 مدنياً وثمانية مقاتلين معارضين و31 جندياً نظامياً، وفق المرصد.
إلى ذلك، نددت الجمعية البرلمانية في مجلس أوروبا في ستراسبورغ بـ "الجرائم ضد الإنسانية" التي ترتكب في سورية، داعية أوروبا إلى "بذل المزيد لمساعدة ضحايا النزاع". وأوصى النواب الأوروبيون الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بـ "اتخاذ التدابير لإقامة منطقة حظر جوي بهدف الحؤول دون قصف السكان المدنيين".(القدس)