الاستقلال يجذر الارث الثقافي للاردنيين
المدينة نيوز- جذر استقلال المملكة الذي تحقق في الخامس والعشرين من ايار 1946 في نفوس الاردنيين هويتهم الخاصة التي نهلت من الثقافة العربية الإسلامية وتأصلت في مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها الوحدوية .
ومن يعود إلى الخطابات والمراسلات التي وجهت إلى المغفور له جلالة الملك عبد الله المؤسس عند إعلان الاستقلال يجد ذلك الارتباط الذي تجسد بالمفاهيم والمعاني الإسلامية والابعاد القومية لهذه الدولة التي جمعت أحرار العرب من مفكرين وأدباء وسياسيين ساهموا في نشر الوعي القومي ورفضهم للتبعية والظلم والاستبداد وتسلط الاستعمار الذي وقع على معظم الدول العربية في تلك الفترة من بدايات القرن الماضي .
ويتضح ذلك الارتباط بين الثقافة والسياسة من خلال اهتمام الدولة الأردنية بالشأن الثقافي إذ كان جلالة الملك المؤسس يجمع في ديوانه الأدباء والشعراء والمفكرين ويستمع إلى آرائهم السياسية وفي مختلف القضايا التي تهم الدولة ، عدا عن اهتمامه بالشعراء ممن كانوا ينضمون إلى مجلسه ليتبادلوا الشعر في مناظرات ومساجلات شعرية ، فقد كان الملك المؤسس شاعرا يجيد نظم الشعر ويبرع في قصائده التي كانت تتنوع موضوعاتها بين السياسة والأدب وما تحويه من أبعاد قومية .
ومن أشهر الشعراء الذين كانوا في بلاط الملك المؤسس ، فؤاد الخطيب وخير الدين الزركلي والأمير عادل ارسلان وعرار وغيرهم مما أضفى حركة وحيوية على هذه الفترة التاريخية من الحكم ،كما ظهر بعدهم في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي مجموعة من الرموز الثقافية ممن أسهموا في بناء نهضة ثقافية وطنية اسست لمنهجية جديدة ومشروع ثقافي وطني يستمد أفكاره من مبادئ هذه الدولة عملوا على تأريخها ومنهم عبد الكريم غرايبة وسليمان الموسى وعلي محافظة وغيرهم .
كما بدأت تتشكل تباشير جديدة في مجالات الفنون والرواية والقصة والكتابة الابداعية برز فيها عدد من المبدعين ومنهم روكس بن زائد العزيزي وحسني فريز وعبد الحليم عباس وصبحي ابو غنيمة وواصف صليبي وامين شنار ومحمود سيف الدين الايراني وغيرهم ، ورافق هذه الحركة الادبية والفكرية حركة نقدية تزعمها يعقوب العودات وناصر الدين الاسد وعيسى الناعوري ومحمود السمرة وغيرهم .
وتشكلت في الستينيات من القرن الماضي بدايات حقيقية للرواية الأردنية من خلال أعمال ثلاثة كتاب مبدعين هم تيسير السبول وأمين شنار وسليم نحاس, وقد سجلت مؤخرا تقدما هائلا في الكم والكيف.
وبعد ان تولى المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية كان لا بد من وجود حاضنة ترعى الابداع الاردني في مختلف الحقول فصدرت العديد من التشريعات وتاسست المؤسسات الثقافية والتعليمية وانتشرت المطابع في مختلف انحاء المملكة والمجلات والصحف كما بدت تنتشر في عمان صالات لعرض الفنون التشكيلية .
وفي الاول من تشرين الثاني عام 1956 افتتح جلالة الملك الحسين رحمه الله اذاعة عمان في منطقة جبل الحسين ، وفي الاول من اذار عام 1959 افتتح مبنى الاذاعة في منطقة ام الحيران وفي عام 1968 افتتح التلفزيون الاردني كما تاسست عام 1966 دائرة الثقافة والفنون التابعة لوزارة الاعلام وكان هدفها دعم الحركة الفنية والادبية في الاردن مما دفع بالحركة الفنية وبالذات المسرحية للنهوض مجددا بعد ان كانت في فترة سابقة لا تتعدى سوى محاولات فردية اضافة الى الدور الذي لعبته الجامعة الاردنية التي تاسست عام 1962 في تجذير حركة مسرحية متطورة .
وبرز جيل من المسرحين الذين اسسوا لحركة مسرحية وطنية واعتبروا فيما بعد من رواد الحركة المسرحية والفنية في الاردن ومنهم هاني صنوبر وجميل عواد ونبيل المشيني وزهير النوباني واشرف اباظة ونبيل صوالحة وهشام يانس، كما انتعشت الحركة المسرحية في السبعينيات بعد ظهور مجموعة من الاكاديميين ممن درسوا المسرح في دول عربية واجنبية ومنهم حاتم السيد وعمر قفاف واحمد قوادري ويوسف الجمل وغيرهم .
وشيدت المشروعات الثقافية والفنية في مختلف المحافظات في عهد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال حيث كان قصر الثقافة في مدينة الحسين للشباب احد اهم المعالم الثقافية الجاذبة للانشطة الثقافية والفنية حيث وقف على خشبته كبار الفنانين في العالم العربي .
وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي أسست دائرة الثقافة والفنون معهد الفنون والموسيقى ليقوم بتاهيل الهواة في مجالات الفن والتصوير والنحت والخزف حتى اصبحوا فيما بعد مجموعة من المبدعين والمحترفين .
وتم تاسيس رابطة الكتاب الاردنيين عام 1974 ومجمع اللغة العربية الاردني عام 1976 ومؤسسة عبد الحميد شومان 1978 ومؤسسة ال البيت للفكر الاسلامي عام 1980 , ومنتدى الفكر العربي عام 1981 وهو العام الذي شهد انطلاقة مهرجان جرش للثقافة والفنون .
وفي فترة الثمانينيات من القرن الماضي نهضت الدراما الاردنية واصبحت المسلسلات الاردنية منافسا قويا على الشاشات العربية حيث حملت هذه المسلسلات الحكايات والسير الشعبية الأردنية واهتمامات القرية والمدينة عدا عن ابرازها للمكان السياحي الاردني .
وفي فترة التسعينيات من القرن الماضي توسع انشاء الروابط والجمعيات الثقافية في مختلف مناطق المملكة والمراكز الثقافية وصالات الفنون والفرق الشعبية والتراثية والمسرحية وانتشرت المجلات الادبية والفكرية والمتاحف التراثية رافقها استفادة المثقفين من التطور الاعلامي الذي تمثل في المحطات الفضائية وانتشار الانترنت والمواقع الالكترونية .
وتشكلت في هذه الفترة مهرجانات ثقافية عديدة منها مهرجان الفحيص وايام عمان المسرحية ومهرجان شبيب والأزرق ، ورعت وزارة الثقافة مهرجانات المسرح الاردني ومسرح الشباب ومسرح الطفل ومهرجان الخالدية للشعر النبطي ومهرجان الرمثا للشعر .