في لبنان الهدنة ممنوعة!

تم نشره الجمعة 26 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 05:34 مساءً
في لبنان الهدنة ممنوعة!

المدينة نيوز - أما في لبنان، فإن «الهدنة» ممنوعة. ولولا أن الفرقاء المعنيين في سورية يناقشون فكرة الممثل الخاص الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي بالتوصل الى الهدنة، نتيجة رغبة كل من النظام من جهة والمعارضة من جهة ثانية، في رمي مسؤولية إفشال خطوة إنسانية من هذا النوع على الآخر، لكان الأسهل القول إن لا هدنة في لبنان، لأن لا هدنة في سورية، والأرجح أن هذا هو الأصح الى أن يثبت العكس.

ومعظم التقديرات يرى أن النظام تحت عنوان الهدنة سيسعى إلى تحسين ظروفه للانقضاض على مناطق تمكنت المعارضة من السيطرة عليها، والحجة جاهزة، «فالإرهابيون» الذين جعلهم الخصم لرفضه الاعتراف بخصومته مع شعبه، هم الذين خرقوها.

وإذا كان لبنان تمتع بهدنة (بالمعنى المجازي للكلمة) سياسية وأمنية بقيت هشة خلال الأشهر العشرين الماضية، نتيجة ظروف متعددة ومعقدة تتعلق بحساسية التوازنات الطائفية، ومن أبرزها هذا الانتظار الثقيل لمجريات الأزمة السورية، فإن اغتيال رئيس فرع المعلومات اللواء وسام الحسن الذي كان يجهد من موقعه كرجل اعتدال الى ضمان استمرار هذه التهدئة ومنع تخريبها، قد حسم الأمر لمصلحة ضرب الهدنة، وأثبت اغتياله أنه مهما كان رجل مسؤول يتمتع بالحس الإنساني يسعى الى إبعاد كأس التفجيرات والتوترات عن مواطنيه، فإن العقل الإجرامي الذي دأب على استهداف أمن البلد الصغير ذي الاستقرار الهش والمترنح على الدوام، لن يقبل بأن يتمتع بنوه بحد أدنى من التهدئة للصراع السياسي الكبير الذي يدور على أرضه، امتداداً لما يجري من حوله.

فلبنان يعيش منذ مطلع عام 2011 تحت سلطة سياسية أنتجتها الأساليب نفسها التي أنتجت السلطة السياسية القائمة في دمشق: القوة والقهر والضغط التي تطوّع مكونات المجتمع والحياة السياسية تحت شعار الممانعة وضروراتها، حتى لو عاكست الوحدة الوطنية والتسوية الداخلية التي تفرضها التركيبة الطائفية للبلد. وإذا كان اندلاع الأزمة السورية أخذ اللبنانيين الى انقسام عمودي حول الموقف منها فإن اللبنانيين اخترعوا صيغة النأي بالنفس للإبقاء على الهدنة الهشة، بعد أن انسحب اهتزاز سطوة النظام الذي أنتج السلطة في دمشق على السلطة القائمة في بيروت. وكان من مظاهر هذا الاهتزاز في بيروت المواقف الجريئة للرئيس ميشال سليمان ضد الخروق السورية وطرحه تصوره للاستراتيجية الدفاعية ولآلية تمهد لتكريس حصرية السلاح بيد الدولة والجيش لا في خدمة أهداف الممانعة.

 كما انعكس في مقاومة أحد أركان السلطة الحكومية التي أنتجتها سطوة محور الممانعة، وليد جنبلاط، لمساعي إلحاق لبنان بخطط الدفاع عن النظام في سورية ومواجهة معارضيه. واضطر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى مراعاة خجولة لموقفيهما على رغم حلفه التاريخي مع القيادة السورية التي قادته الى رئاسة الحكومة. لم تناسب الهدنة الأمنية – السياسية التي كانت قائمة تحت شعار النأي بالنفس النظام السوري، فهو يريد جر الساحة اللبنانية الى المواجهة التي يخوضها في الداخل والخارج، ومثلما كانت القاعدة عنده إما معي أو ضدي فهو أكثر تشدداً في ممارستها أثناء مواجهته الاهتزاز الذي أصاب سلطته. وكانت مشاركة «حزب الله» العلنية في القتال في سورية دفاعاً عن النظام تطبيقاً لهذه القاعدة، لأن صمود النظام مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الحزب.

وببساطة فإن وسام الحسن سقط لأنه قاوم هذه القاعدة عندما حال دون نجاح خطة نقل الأزمة السورية الى لبنان عبر كشفه مخطط ميشال سماحة والذي كان سيسقط «الهدنة» التي تظلل لبنان.

وببساطة أكثر فإن تشبيه تعذر الهدنة في سورية، بإسقاط الهدنة في لبنان عبر اغتيال الحسن وغيره من المظاهر، يتيح مقارنة أخرى لا تقل أهمية: إذا كان قيام سلطة انتقالية في سورية تمهيداً للانتقال السياسي ولانتخابات ديموقراطية، غير قابل للتحقيق بسبب رفض النظام والدول المساندة له، فإن دعوة قوى المعارضة اللبنانية و «14 آذار» لقيام حكومة حيادية تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة لن يكون قابلاً للتحقيق أيضاً إذا كان الدفاع عن النظام في سورية سيستمر في استخدام الساحة اللبنانية لحمايته من السقوط.

وأكثر ما يشي به رفض الحلفاء الرئيسيين للنظام في سورية تغيير الحكومة الحالية التي جاءت بها معادلة اهتزت باهتزاز النظام السوري، هو أن رفض صيغ الانتقال السياسي التي تطرح في سورية سيضع الانتقال السياسي في السلطة في لبنان، عبر الانتخابات النيابية الربيع المقبل، أمام احتمال التأجيل للحؤول دون هذا الانتقال، إذا كان محور الممانعة يخشى أن يقود هذا الاستحقاق الى هذا الانتقال.

يرمز اغتيال الحسن في لبنان الى الكثير مما سينكشف تباعاً. (الشام اليوم)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات