ماذا يُحضَّر للأسير داخل الغرف السوداء؟

المدينة نيوز - في المبدأ العام أصبح معلوماً أن أيّ مشروعية لأيّ حركة اعتراضية أو مقاومة لا تقوم إلّا على الدم، وهذا ما أثبته تاريخ الأحزاب اللبنانية على مرّ الحروب التي عصفت بلبنان، بدءاً من حزب "الكتائب" الذي اكتسب مشروعيته بالدم بعدما كان طرفاً أساسياً في الحرب اللبنانية، وحزبي"القوات اللبنانية" و"التقدمي الاشتراكي" من خلال حرب الجبل، مروراً بكل من حركة "أمل" و"حزب الله" إما من خلال معارك إقليم التفاح وإما من مقاومتهما لإسرائيل، وصولاً إلى النائب ميشال عون الذي كرّس هو الآخر مشروعيته من خلال حربَيْ "التحرير" و"الإلغاء".
"حزب الله" في الأمس القريب قدّم هذه المشروعية على طبق من فضّة لحركة الأسير بعدما أَسقط له قتيلين على أرض صيدا، فعرف إمام مسجد بلال بن رباح كيف يستغل هذا الحدث لصالح حركته هذه، فخرج من اشتباكه بتأييد معظم القوى الداخلية وإن اختلفت معه على الطريقة التي خرج بها للمطالبة بحقه، كونها تعتبر أن السلاح هو الطريق الأقصر الى الفتنة في البلد.
مصادر مقرّبة من "حزب الله" تؤكد لـ"الجمهورية" أن "الحزب لن ينجرّ إلى معركة زواريب، "هي بالنسبة إلينا مقبرة لكل حركة نسجت أو تريد ان تنسج لنفسها خطاً جهادياً او سياسياً تؤسس عليه حضورها كقوة اساسية فاعلة ومعترف بهاً، فما بالك بحزب مقاوم قدّم على مذبح الوطن آلاف الشهداء من اجل إعلاء كلمة الحق وليس لرفع الرايات على الأعمدة".
وترى أن "ما جرى في صيدا لا يحتمل التأويل بالنسبة إلينا، فهناك اعتداء واضح ضدنا أظهرته كاميرات المراقبة والتقارير التي أعدّتها الجهات الأمنية الرسمية، خصوصاً أنّ المُعتدي له سوابق في الاستفزازات وإثارة النعرات المذهبية من على المنابر المتنقلة بين البقاع والشمال وبيروت".
وتشدد المصادر على "أننا في أمسّ الحاجة إلى الوحدة والتكاتف خصوصاً أنّ غزة تُستهدف لأنها تقع ضمن الخط المقاوم والممانع لقيام دولة إسرائيل، والحرب التي تخوضها المقاومة الفلسطينية اليوم، تؤكد عدم خروجها عن هذا الخط الذي رسمته بدماء شهدائها ومقاوميها، وكل إشكال يحصل في الداخل اللبناني هو مُشتبه وخدمة للمشروع الإسرائيلي. من هذا المنطلق، سنواجهه بأيّ طريقة ومهما كلّف الأمر لأنّ الواجب يقتضي وأد الفتنة من أيّ جهة أتت".
في المقابل ترى أوساط قوى "14 آذار"، أنّ "حزب الله" بعيد اليوم عن أي عمل مقاوم، لا بل اكثر من ذلك هو أشبه بعصابة قطع الطرق، فتراه يفتعل مشكلاً في الشمال عن طريق حلفائه ليعود ويُشعل فتيل حرب في صيدا تحت حجج واهية وكاذبة منها المسّ بالشعارات المقدّسة على غرار ما حصل في صيدا"، وتعتبر أن "الحزب يستعمل الدولة دائماً لإزاحة الحركات المناهضة له، وللأسف نجد أنّ البعض في هذه الدولة قد أصبح عمالاً "غب الطلب" ينصاعون لأوامره وينوبون عنه في التسليح والقمع وفي تغطية جرائمه وارتكاباته". وتشير أوساط "14 آذار" إلى "خطة ما، قيد الإعداد للحدّ من حركة الأسير أو الإطاحة بها إذا أمكن، كونها باتت تهدد "حزب الله"، الذي قرّر على ما يبدو ضرب هذه الحركة لكن ليس مباشرة لأنه يُدرك مدى خطورة هذا الأمر ونتائجه الوخيمة على الصعيد المذهبي"، مضيفة: "وكما فعل في طرابلس لتوقيف المولوي وتحجيم الحركات السلفية، ها هو يسعى إلى استخدام الدولة للقضاء على الحركة الأسيرية. واليوم نحن نعتقد بأنّ أمراً ما يُحضّر في الخفاء ضد الأسير والأيام ستثبت صحة رأينا".
وتؤكد الأوساط أنّ "صفة المقاومة والممانعة قد سقطت عن "حزب الله" وداعميه، ففي الوقت الذي كانت فيه حركة "حماس" تلملم قتلاها وعلى رأسهم قائدها العسكري، كان الحزب منشغلاً داخل غرفه السوداء في إعداد الخطة تلو الأخرى لبسط سيطرته على مدينة صيدا، إدراكاً منه مدى أهمية هذه المدينة، إذ يكفي أن تُقطع الطريق الرئيسية التي تربطها بالجنوب لتُسد عن الحزب كل المنافذ التي يخرج سلاحه منها".(الجمهورية)