حماية وحرية الصحفيين: الإفلات من العقاب ظاهرة تأخذ بالاتساع في العالم العربي
المدينة نيوز - دعا مركز حماية وحرية الصحفيين إلى مراجعة التشريعات التي تساهم إلى إفلات مرتكبي الانتهاكات والاعتداءات على حرية الصحافة من العقاب، خاصة وأن الحكومات لا تقوم بإعداد التشريعات مع ما يتفق بالتزاماتها الدولية في هذا المجال.
وأشار المركز في بيان صادر عنه بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب والذي يصادف الثالث والعشرين من نوفمبر أن "الانتهاكات الجسيمة على الإعلاميين في السنوات الأخيرة بدأت تأخذ شكل التعذيب والمعاملة القاسية واللا إنسانية وحجز الحرية واعتداءات بدنية ولفظية جسيمة".
وأضاف أن إفلات المعتدين على الصحفيين من العقاب أدى إلى اتساع هذه الظاهرة ليس على المستويين الإقليمي والعالمي، وتوسعت عربياً مع ولادة الربيع العربي وانتشار الحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاح، مؤكداً على أن "الاعتداءات التي طالت الصحفيين لم تأت عفوية أو عرضية بل نتيجة سياسات منهجية متعمدة، وما يعزز هذا الاستنتاج هو عدم محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات وملاحقتهم، أو كف يدهم عنها، وفي المقابل لم يتم إنصاف وتعويض الضحايا".
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور أن "الاعتداءات التي يرتكبها ممن يعرفون بـ"البلطجية" على مرأى ومسمع رجال الأمن، وأحياناً بمعرفتهم أو تحريضهم، ولا يتم اعتقال أياً منهم أو ملاحقته باتت ظاهرة جديدة تستدعي الوقوف عليها".
وأكد على أن "إخفاء هوية الجناة الذين يشاركون بالاعتداءات سواء على الصحفيين أو المواطنين في حالات التجمعات والمسيرات السلمية أسماؤهم غير معروفة ولا يوجد ما يدل عليهم، علماً أن الأجهزة الأمنية غير عاجزة بطبيعة الحال عن معرفتهم وإحالتهم للقضاء".
ودعا منصور كافة المنظمات غير الحكومية على المستويين العالمي والإقليمي إلى تنسيق جهودها من أجل تعزيز العدالة الجنائية ومنع الإفلات من العقاب وتبادل المعلومات فيما بينها لملاحقة الجناة.
وأشار إلى أن "قتل الصحفيين أو تعذيبهم يعتبر جريمة دولية في القانون الدولي الإنساني، ويلزم الدول بأن تلاحق مرتكبي هذه الجرائم بصرف النظر عن مكان وقوعها أو جنسية مرتكبيها وفقاً لاتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكول جنيف الأول".
وقال منصور أن "مركز حماية وحرية الصحفيين عبر وحدته رصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الإعلاميين "سند" تعمل على المساعدة في توفير الأدلة حتى لا يفلت منتهكي الحريات الإعلامية من العقاب"، مؤكداً على أن "المركز يحرص دائماً على هذا المبدأ، إلى جانب توفير العون القانوني لضحايا الانتهاكات".
ويعمل المركز من خلال وحدة "سند" على إعداد تقرير عربي موحد حول حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي للعام 2012، يعلن عنه في الثالث من أيار 2013 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وسيتناول التقرير الانتهاكات الصارخة بحق الصحفيين الذين لم يتم تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، ويشير إلى إفلات الجناة من العقاب وعدم ملاحقتهم وردعهم.
يذكر أن اليونسكو أصدرت تقريراً بمناسبة اليوم العلمي للإفلات من العقاب بعنوان "الأمن والسلامة للصحافيين أينما كانوا"، ذكرت فيه أن أكثر من 600 صحفي وإعلامي قتلوا في السنوات العشر الماضية، مما يعني أن كل أسبوع يلقى صحفي مصرعه بسبب ما ينقله من أخبار ومعلومات إلى الجمهور العام، وفي الأشهر التسعة الأولى لعام 2012 أدانت مديرة اليونسكو إيرينا بوكوفا مقتل 95 إعلامياً ومدوناً، وما يثير القلق حسب كلام اليونسكو أن 5% فقط من جميع حالات القتل أفضت إلى إدانة مرتكبي هذه الجرائم.
وأشارت اليونسكو أن الانتهاكات التي تقع على الصحفيين، سواء جرائم القتل أو التعذيب أو الاختطاف والاختفاء ليست مرتبطة فقط بتغطية الإعلاميين لمناطق النزاع والحروب.
وقال تقرير آخر أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالمدافعين عن حقوق الإنسان لعام 2012، أن "السبب وراء مقتل معظم الصحفيين لا يرتبط بتغطيتهم لنزاعات مسلحة، بل يرتبط عادة بمقالات يعدونها عن قضايا محلية في المدن التي يعيشون بها ويعملون فيها، وتتعلق خاصة بقضايا الفساد وغير ذلك من الأنشطة غير القانونية مثل الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات".
وكانت الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير "أيفكس" دعت العام الماضي 2011 إلى يوم عالمي لإنهاء الإفلات من العقاب، وللمطالبة بالعدالة لجميع الذين يجبرون على السكوت وعدم إظهار الحقيقة باستخدام مختلف وسائل التهديد والعنف الذي يصل إلى حد القتل، ويضم ذلك كل الأشخاص الذين يستهدفون بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير ومنهم الفنانين والموسيقيين والكتاب والصحفيين ونشطاء الإنترنت والمواطنين الصحفيين.
وتم اعتماد يوم 23 نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً لإنهاء الإفلات من العقاب، ليكون يوماً تنتهي فيه حملة سنوية مدتها 23 يوماً تبدأ في الأول من تشرين ثاني من كل عام يتم خلالها تسليط الضوء على انتهاك تعرض له أحد المدافعين عن حرية التعبير للفت أنظار العالم إلى الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها.
وجاء تخصيص هذا اليوم تخليداً لذكرى مجزرة امباتوان التي وقعت في الفلبين عام 2009 وراح ضحيتها 58 شخصاً من بينهم 32 صحفي وإعلامي.