الأردن بين المشروعين الأمريكي و الإيراني
تلاحقت التحليلات و الآراء و الاختلافات حول مقابلة السفير الإيراني في عمان د. مصطفى مصلح زادة ،مع محطة جوسات الفضائية الأسبوع الماضي، بخصوص مقايضة منتجات أردنية بالنفط الإيراني , و كل ما حصل بسبب موقع الأردن الجغرافي الفريد في العالم ،إذ يقع بين أهم دولتين و هي دولة العدو الصهيوني ( إسرائيل ) و هي أهم قاعدة عسكرية متقدمة للعالم الغربي بشكل عام ولأمريكا بشكل خاص و بحدود 650 كم.
اما الدولة الثانية فهي منظومة دول الخليج العربي و على رأسها المملكة العربية السعودية وهي أهم منطقة اقتصادية في العالم بسبب وجود شريان الحياة العالمي فيها و المتمثل بالنفط .
كنا و مانزال في الأردن و طوال عقود مضت، مرتبطين بالمشروع الأمريكي ،و حديثا دخل المشروع الإيراني في المنطقة العربية من خلال دحر العدو الصهيوني عام 2000 ،و هروبه من جنوب لبنان على يد حزب الله و من ثم دحره ثانية و على يد حزب الله أيضا في العام 2006 ،ومن ثم بدأت شيطنة إيران و حزب الله و الشيعة على العموم , بهدف أن يصبح العدو الأول في المنطقة هو إيران بدلا من إسرائيل, و بدأنا نسمع عن قصص و أخبار و آراء جديدة علينا كعامة الناس عن الشيعة و من هنا جاءت حساسية التعامل مع إيران، و الأمر الذي زاد من حساسية التعامل هو موقف إيران الداعم للنظام السوري .
السؤال الذي يطرح نفسه ... أين مصلحتنا في الأردن من المشروع الإيراني ؟
أعتقد أن ما حصل في الآونة الأخيرة حرك المياه الراكدة , فالجميع بدأ يتحرك الآن و يدرك موقع الأردن الاستراتيجي ,,, والسؤال هنا : ماذا نريد نحن أمام هذا الواقع ؟فبالإضافة إلى الاحتقان السياسي بخصوص الانتخابات المقبلة الناجم عن قانون الصوت الواحد المجزوء ،برز احتقان اقتصادي متمثل برفع أسعار المحروقات و ارتفاع قيمة المديونية و ارتفاع عجز الموازنة العامة , ما يفرض علينا أن نبحث و بكل جدية عن كيفية الخلاص من ذلك الإحتقان و أن نسعى كي نصبح دولة تعتمد على قدراتها الذاتية .
نستطيع في الأردن الفصل بين تعاملنا مع إيران سياسيا و عسكريا من جهة و بين تعاوننا معها اقتصاديا فقط , و هذا التعامل يشمل السياحة الدينية و ذلك من خلال السماح لأعداد محددة و ضمن برامج محددة للإيرانيين لزيارة الأماكن الدينية التي يهتم بها الشيعة و على رأسها منطقة المزار و مؤته في جنوب الأردن . و هذا سيحرك الاقتصاد الأردني و خاصة في الجنوب و هي من المناطق الأشد فقراً , و كما هو حاصل في الحرمين الشريفين حيث تسمح المملكة العربية السعودية بذلك سواء في مواسم الحج او العمرة لمئات الآلاف من الإيرانيين بزيارتها و على مدار العام .
كما يمكننا التعامل مع ايران اقتصاديا أيضا و ذلك من خلال مقايضة النفظ الإيراني بالمنتجات الاردنية كما هو حاصل بين ايران و دولة الامارات العربية المتحدة رغم وجود نزاع سياسي قائم و مايزال بين الدولتين بسبب احتلال الجزر الثلاث . و ما هو حاصل ايضا بين ايران وكل من دولة قطر و دولة الكويت و كذلك بين ايران و تركيا حيث يوجد تبادل اقتصادي رغم تباين وجهات النظر السياسية بين ايران و تلك الدول و كل ذلك لا يدخل في عالم السياسة و السلاح و الاستقطاب .
أرى متيقنا أن هذه خطوة ايجابية لنا على الصعيد الاقتصادي و لا نريد أكثر من ذلك .