لاحاجة بنا للأخلاق
بعض أصحاب الفكر ( الفستقي ) من صحفيينا العراقيين الأفذاذ والمولعين بالرؤية الغربية للحياة لاعن رغبة في معرفة الأشياء بل محاولة للتقليد نتيجة الإحباط والشعور بالدونية .هولاء البعضويون يتحدثون على الدوام في صالوناتهم الخاصة وفي علاقاتهم المخصية عن لاأهمية القيم في العمل الصحفي، ويروي بعض الزملاء من حين لآخر حكاية عن زميل جاءه صديق ليسأله أن يوفر فرصة عمل لصحفي شاب في المؤسسة التي يشغل فيها صاحبنا مسؤولية ما ،وقال الصديق،إن الشاب على خلق قويم وسلوك حميد ،فرد الزميل المتنفذ في تلك المؤسسة قائلا ،وماحاجتي لأخلاقه ،المهم هو أداؤه المهني وقدراته الصحفية ،أما الأخلاق فهي غير مهمة بالنسبة لي !
يفخر البعضويون بقول الزميل النحرير عن لاضرورة وجود القيم الأخلاقية في العمل الصحفي ، متناسين إن أول مايفعله اللاقيمي هو خيانة المؤسسة التي يعمل فيه، وبدلا من ذلك يركز على مصالحه الخاصة على حساب مصلحة المؤسسة ،وهو مايحصل في الغالب فالعديد من الصحفيين لايطول بهم المقام في أي مكان يعملون فيه لأسباب مرتبطة بإلتزاماتهم المتدنية بالقيم الأخلاقية وميلهم الى المشاكسة والتنابز والتماحك ومخالفة السائد من أجل لاشي ،أو من أجل شئ تافه.
يتصور البعض إنني إنما أقصد من حديثي عن الأخلاق ببعض الإلتزامات المتعلق منها بعبادات ومحرمات دينية كشرب الخمر ،أو مضاجعة النساء، أو بعض الميول خارج العمل ،وهذا ليس من إختصاصي حتى لو كنت أستطيع التأثير فيه ،لكني أتحدث عن قيم ( الأمانة ،الصدق،التضحية،الإيمان بالمسؤولية،الأخلاص) وقيم أخرى هي تحكم بالتأكيد، فإذا فقدت هذه القيم فلاقيمة لحرفية ومهنية أي صحفي، والمهم أن تكون الأخلاق حاضرة ومعها المهنية ،فلاقيمة لأحدهما من دون الآخر،ماجدوى وجود رجل على مستوى من الأخلاق والمبادئ والإلتزام وهو لايجيد العمل ولايفقه منه شيئا،وماقيمة أن يكون مهنيا وهو لايمتلك الأخلاق؟
في بريطانيا علت الأصوات التي تدين سلوك الممرضات والعاملين في المستشفيات تجاه المرضى وخاصة من الكبار في السن الذين هم بحاجة الى رعاية وإهتمام لايحتاج لهما الذين هم بأعمار أقل ،وجرى الكلام عن الممرضات ،وكيف يمكن التركيز على الجانب القيمي في عملهن ،وتوفير قدر من العاطفة والسلوك الإنساني؟ وعدم التركيز على المهنية في الأداء وحسب. فالمريض ينظر الى الطبيب والممرض بصفة المنقذ ويأمل منهما أن يساعدا في شفائه وتحسن حالته الصحية ،لكن يبدو أن الجفاء والتصلب وجمود العاطفة صارت هي الغالبة في مجتمع تحكمه المادية والنزعة الى تحصيل المكاسب الخاصة والإبتعاد عن المشاعر والأحاسيس والنوازع الإنسانية العالية التي يعدها البعض ضعفا ونكوصا وإنهزاما !
وفي الصحافة كما في الطب والصنائع الأخرى لايمكن الركون الى قيمة مهنية دون وصلها بقيم الأخلاق الحاكمة للسلوك الإنساني ،فحينها لايكون إلا الفشل رفيق من يفعل ذلك ولو بعد حين،والمهنية يمكن الحصول عليها بالمران والتدريب المستمر وتطوير القدرات ،لكن من الصعب شراء الأخلاق ،أو الحصول عليها في دورة تدريبية تستمر لأسابيع.