محمد القباني : غياب الدراما الأردنية يعود لتداخل العامل السياسي بالثقافي بالفني
![محمد القباني : غياب الدراما الأردنية يعود لتداخل العامل السياسي بالثقافي بالفني محمد القباني : غياب الدراما الأردنية يعود لتداخل العامل السياسي بالثقافي بالفني](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/0308f2547ba9f842f63657a1ce80418c_lllllllllllllllllllllllllllllllllllllllllllllllllll.jpg)
المدينة نيوز - قال الفنان محمد القباني: إن الدراما تظل هي الاساس لأنها تلامس المجتمع وتتحدث عن هموم المواطن وحياته اليومية حسب ما ذكرته تقارير صحفية. واعتبر القبانى أن غياب الدراما الاردنية في الآونة الاخيرة عن الصورة يعود لتداخل العامل السياسي بالثقافي بالفني وهذا ما جعل الفنان الاردني مبتعدا عن الصورة لكنه اخذ يعود مضيفاً ان الفنان وطنه كل الفضاء المتاح امامه ولهذا اصبحنا الان نشاهد دراما عربية منوعة مغربية وخليجية وسورية وغيرها هذا كله بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة فاليوم المحطات الفضائية تصل الى كل ارجاء العالم و لهذا اختلفت الصورة بشكل كامل وانا اعتقد ان الفن ليس محددا بجنسية معينة أو بلد معين؛ الفن دائماً انساني ويتعامل مع المسألة بشكل انساني بحت.
وأضاف القبانى : ان الفن هو الابداع سواء كان في التمثيل او الاخراج او الفن التشكيلي او الكتابة او الرواية هذه الابداعات الفردية لها علاقة بمصداقية الفنان والمبدع نفسه، بقدر ما هو صادق بقدر ما يصل الى جمهوره بشكل ممتار ويعبر عنهم ومن هنا تنبع مسألة البراعة فالصدق بالاساس هو مفتاح السر للوصول الى الابداع وتختلف الادوات باختلاف الثقافة والفرص المتاحة امامهم.
جديد وعن جديده قال القباني انه انتهى من المشاركة في الفيلم القصير» حُمّى عائلية» للمخرج عمر عبد الهادي والذي فاز بمهرجان دبي ومهرجان لوكارنو بجائزة الاتحاد الدولي لنقّاد السينما للأفلام. وبطولة الفنانة نادرة عمران وبيكا عبد الرحمن وفراس الطيبي ومدة الفيلم»13» دقيقة ويمثل فيه القباني دور « الأب»، بينما تجسد الفنانة نادرة عمران دور» الأُم» وتدور الأحداث «في الطريق إلى بيت خطيبة المستقبل، داخل سيارة العائلة، يغرق كل فرد من أفراد العائلة في أفكاره، الأم والبنت والابن يتساءلون عن معنى وجودهم الحزين، بينما يبدو الأب وحيدا معزولا داخل عالمه الخاص.
هذه الرحلة تستغرق 13 دقيقة فقط وهي مدة الفيلم، كما أنها أكثر من كافية وبشكل مقنع لتفجير العديد من القضايا الجوهرية في كنف عائلة تعيش سوية منذ ربع قرن. سيناريو الفيلم وحواره لسمر العزة وعمرو عبد الهادي، الذي تولى الإخراج أيضا، بينما تضم قائمة الممثلين فيه كلا من محمد القباني في دور الأب، ونادرة عمران في دور الام، وآمنة بن رجب (تونس) في دور البنت، وفراس الطيب في دور الابن، أما الصوت والموسيقى التصويرية، فهي من نصيب فالح حنون، والإدارة الفنية لضرار القباني.
تقارب فيزيائي وتباعد فكري ويبدو المكان غير واضح المعالم في الفيلم ولا ينتمي لأي مدينة معروفة ، ولا يوجد في الفيلم ما يدل على المكان سوى اللهجة التي يتحدث بها ابطال الفيلم وهي اللهجة الأردنية. وفي هذه الرحلة، التي تشكل احداث الفيلم ، تنفجر مكنونات صدور أفراد العائلة ونتعرف مجموعة من الأسرار الخطيرة والعميقة التي تكشفها شخصيات الفيلم، والتي ستؤثر على حيواتهم الممتدة بعد الفيلم ، والنقطة المهمة في الفيلم انه رغم التقارب الفيزيائي بين الشخصيات حيث الحيز الضيق الذي تدور فيه الأحداث (السيارة) إلا أنه لا يوجد اي تواصل بين الشخصيات على المستوى الفكري او العاطفي ، إذن هنا التناقض وهنا فكرة الفيلم (تقارب فيزيائي وتباعد فكري).
الكرسي وحول ما يشغله حاليا، يقول الفنان محمد القباني: كثيرة هي التجارب التي رأيناها وأصابتنا الخيبة من بعضها، بينما استبشرنا خيراً وفرحنا ونحن نراقب أداء مثقف نال منصباً رسمياً خاصة إذا كان من مناصب الثقافة أو الاعلام أو الفن ، سواء كان كاتباً او شاعراً او فناناً تشكيلياً او مخرجاً أو صحافياً أو أكاديمياً وكاتباً أو أديباً، حيث كنا وما زلنا نعتقد أن هذه النماذج من الكفاءات هي الأقدر على تفهم مشاكلنا ورغباتنا لأنها منا ولا شك أنها عانت معنا وعرفت وجع الداء وبالضرورة لديها وصفة الترياق والدواء.
لكن على ما يبدو أن للكرسي سحره الخاص الذي لا يستطيع المبدع أن يتواءم معه، فتكون النتائج بالتالي كارثية عليه وعلى الحركة الابداعية، وأنا هنا لا أخصص حالة معينة وموجودة إنما أتحدث بشكل عام فكلنا يعرف المصير الذي آل اليه بابلوا نيرودا والراحل محمود درويش حين ترك المنصب وبقي شاعرا رغم ذيول المنصب التي ظلت تلاحقه، وعرار الذي جعل منصبه كمدعٍ عام في خدمة المواطن قبل الحكومة إن لم يكن ضدها رغم أنه كان يمثلها ولهذا لم يستمر طويلاً في منصبه، واختار الابداع على الوظيفة الرسمية.
ولدينا شعراء وأدباء ومخرجون وفنانون تقلدوا مناصب عديدة، ومنهم من تقلدها لبضع مرات لكن الغالبية العظمى منهم غلبوا جانب الكرسي وبقاءهم عليه أطول مدة ممكنة متناسين إبداعهم الذي أوصلهم الى ما وصلوا اليه، حتى أن بعضهم لم يكتب سطراً أدبياً أو صحافياً ولم تترطب ريشته بلون أو هجر الكاميرا ونسيها، وفي كل لقاء معهم كانوا يفهموننا أن السلطة لم تأخذهم، وحقيقة الأمر أنها أخذتهم وأخذتنا معهم نتيجة عدم قدرتهم على الدفاع عنا أو الوقوف في صف الابداع الذي أفرزهم. الدراما ليست ترفا ويستطرد الفنان قباني بما يشبه الحوار مع النفس قائلا: ليست كل الأمور مهمة، بعضها يمكن أن يكون هذا قول، و قول آخر إن كل الأمور مهما صغرت هي مهمة في محيطها وضرورية لمن يعاني منها أو يقع فيها وفي هذا شيء من الصواب إن لم يكن الصواب كله، ذلك أن ما أراه عادياً وغير مهم قد تراه أنت عكس ذلك لأنك واقع فيه أو يضغط عليك بشكل أو بآخر بينما هو بعيد عن دائرتي ولا يعنيني أو يؤثر فيّ.
وهذه بالضبط هي حالنا، فبعضهم يرى أن الدراما تَرف لا ضرورة له ولا أولوية ضمن ما نعاني منه من غلاء وفقر وبطالة وفساد مجتمع آخذ في التشرذم بالإقصاء أو الاستقواء أو الفوضى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعقائدياً. بعضهم يرى كل هذا بمعنى أن أطالب برغيف الخبز وجرة الغاز أو لتر الكاز أجدى وأكثر أهمية من أن أطالب بالعمل على إحياء الدراما والإنتاج الدرامي في مجتمع يفتقد إلى أبسط ما يسد عوزه وحاجاته الأدنى ليعيش فقط، وهنا بالضبط مربط الفرس بالنسبة لنا، فالدراما والفن ليست ترفاً وإنما جرس إنذار ومنبه ومحفز للتخلص من كل ما سبق والمطالبة به بطريقة يفهمها الحاكم الذي يملك القرار كما يفهمها المحكوم الذي يقع عليه القرار.
صراع الدراما صراع بين ضدين الخير والشر، الفقر والغنى، المتوفر وغير المتوفر، وهي لذلك مهمة وضرورية وذات أثر إيجابي لو غلبنا الخير فيها، وسلبي لو سمحنا للشر أن ينسل منها، هي تبني إن أردنا وتهدم وتدمر إن أردنا أيضاً، فلم لا نستثمر فيها لخيرنا وخير مجتمعنا الذي تتزعزع أركانه أمام أعيننا كل لحظة؟! لماذا لا يسمح لنا بممارسة دورنا في هذا لنرتقي بمجتمعنا ونحميه من كل ما يحاول إفساده، بحماية وتأكيد لغتنا وتقاليدنا وعاداتنا وإبراز جميلها ورائعها ومفيدها؟! ومحاربة الدعوات المريبة الآتية من ثقافات وسلوكيات وعادات غريبة علينا وليست منا؟.
أتألم وأنا أرى أسماء كبيرة فينا تقول: إن حضارتنا المرتكزة على تاريخ عظيم لأمتنا ليست موجودة ولا تصلح للزمن الذي نعيش فيه، وآخر يقول: إن تاريخنا كُله دموي ومبني على ثقافة الغزو وسلب الآخر، وغيره يؤكد بأننا مجتمع لا يصلح لكي يكون ديمقراطياً لأنه ابن الرق والعبودية وفردية شيخ القبيلة، أو أن ثقافتنا شمولية لا مكان للفرد فيها مستعملاً عبارة (دعونا نعترف) قبل كل جملة وتحت شعارات شتى. لماذا نصبر على جلد الذات لاسترضاء الغربي والتشبه به؟! أليس الأجدى والأنفع لنا أن نعظم تميزنا بالاعتزاز الفعلي بتراثنا وخطابنا التنويري لنستعيد بقوةٍ موقعنا المتقدم بين الأمم ؟!! "الدستور " .