حيث لا ينفع السكوت
سيشهد وطننا الأردن عمّا قريب عرساً وطنياً بهيجاً، يعمّ مدنه وقراه، ويشمل حواضره وبواديه، وهي مناسبة عزيزة نختبر فيها قدرتنا على المشاركة، ونخرج منها من حدود همومنا الخاصة إلى الهمّ الوطني الكبير، الذي لا يسعُ أحداً منّا إلا أنْ يعيشه بإيجابية وتفاعل، لنقدّم الأنموذج الحضاري (كما هو الأمل بنا دائماً) نعيش شعاراتنا ممارسة وتطبيقاً قبل أنْ نرفعها يافطات وإعلانات.
وإسلامنا الذي نؤمن به، وندعو الناس إليه من أهم سماته الإيجابية والمشاركة والتفاعل، وكما نعلم جميعاً فإنّ العملية الإنتخابية ممارسة حضارية تحترم رأي كلّ مواطن، وتعطيه حقّه في أنْ يقول كلمته حيث لا ينفع الصمت والسكوت.
وهذه الكلمة لها أثرها في الوصول إلى أهل الرأي والمشورة، القادرين على حمل الهم الوطني والمشاركة الفاعلة في التقنين والتشريع.
ولذا فإنّ إعتزال هذا الحقّ هو نوع من إهمال الذات، والذهاب بها إلى إلى ساحة الإنطوائية والإعتزال.
فلتكن كلمتنا هادرة، وصادقة، ومخلصة، تُقدّم الأكفاء القادرين على أداء واجبهم وحمل رسالتهم، والقادرين على الخروج من حدود النفس إلى حدود الآخر.
ولنحذّر من تسمية هذا العرس الوطني بالمعركة الإنتخابية؛ إذ المعركة تكون بين الأعداء والأضداد، والعرس يكون بين الأحباب والأخلّاء.
ومن حقّ كل مواطن أنْ يختار من بين المرشحين بكامل حريّته واختياره، فهذا حقّه، وهذه مسؤوليته، لا يُقبل من أحد أنْ يُصادر حقّه بالضغط عليه بأية وسيلة.
ولنعلم أنّ الصوت شهادة ومسؤولية، وسوف يُسأل عنها كل منّا أمام الله تعالى، قال سبحانه: "ستكتب شهادتهم ويسألون" (الزخرف 19).
ولنحرص جميعاً على أنْ تكون الإنتخابات مناسبة للتواصل والتزاور والتقارب، إضافة إلى الحوار والشورى والتآلف.
ومسؤوليتنا جميعاً أنْ لا يتحول هذا المهرجان الوطني البهيج إلى دعوة لعشائرية أو عنصرية أو فئوية، مستذكرين قول النبي –صلى الله عليه وسلم- : "ذروها فإنها منتنة" وقوله –عليه الصلاة والسلام: "ليس منّا من دعا إلى عصبية".
إنّنا اليوم بحاجة أكبر للمشاركة وصولاً إلى قادة مؤهلين لهذا الدور الكبير الذي ينتظرهم، وأولى بالذين ينظرون إلى موقع النيابة على أنّها فرصة للشيخة والوجاهة أولى لهم أنْ يبحثوا عنها في غير هذا المكان وبعيداً عن هذا الميدان.
وأظنّ أنّه لا يخفى علينا شيء من أدبيات الدعاية الإنتخابية، وإنْ كنّا نخطيء أحيانا عند التطبيق، فلنحذر ونُحذِّر.
وليس من نافلة القول أنْ نؤكد على أنّ تعمُّد الإساءة لسمعة أحد المرشحين لحساب مرشح آخر اغتيال للشخصية، وهذا فعلٌ محرم، ليس من ديننا وإسلامنا في شيء، وكفى بالمرء أنْ يحدّث بكل ما سمع.
ولا شك في أنّ التفكير في شراء أصوات الناخبين أو استمالتهم بالمال والوعود الكاذبة مسلك وضيع ، وخلقٌ ذميم، واعتراف بالهزيمة النفسية، ولهاث وراء المصالح الدونية، واستغلال دنيء لحاجة الضعفاء، وإنّي على ثقة بأنّ أبناء الوطن أكبر مِنْ يُقَدِّروا أصواتهم بثمن بخس دراهم معدودة.
ختاما أسجي إلى أبناء وطننا العزيز في الأردن وفي وطننا الإسلامي الكبير أطيب التحيات، وأجمل الأمنيات في غدٍ مفعم بالأمن والإيمان والسلام والإسلام.
والله من وراء القصد ،،،