لماذا يستفزك المطر وتريده ثلج؟!
في إطار متابعة الحالة الجوية السائدة في الأردن، كنت أتابع التصريحات والمقابلات الصحفية والتلفزيونية، وكانت جميعها مستفزة وبخاصة عند التعميم. هذا يقول أن ما حدث في الأردن يحدث في كل دول وعواصم العالم. وهذا غير صحيح البتة. كنت في نيروبي وفي عدة مدن كينية وتسقط عليها الأمطار بغزارة لا مثيل لها على الاطلاق طيلة أشهر السنة ومع ذلك لا يحدث فيها ما حدث في الأردن هذا الأسبوع. وفي ألمانيا تسقط الأمطار والثلوج بغزارة كبيرة ولا تجد أي طريق فرعي مغلق، وكذا الحال في كثير من مدن العالم.
والسؤال الرئيس الذي يطرح نفسه هو: لماذا حدث ما حدث؟ وما المستور الذي انكشف؟
أحد المسؤولين، وعبر إحدى المحطات الفضائيّة، يقول: أرجو أن يتحول المطر إلى ثلج لأن لدينا خبرة أكثر في التعامل مع الثلج، ويكون المواطن مبسوط للتعامل مع الثلج، أما الأمطار الغزيرة فهي تشكل صعوبة للتعامل معها. وقد استفزني هذا التعليق (التصريح) الذي تبعته ابتساة عريضة من المسؤول ورفاقه في الحوار، ولا أعتقد أن في مقدور هذا المسؤول عقد صفقة مع غيمة أو أكثر كي تستر عورات شوارعنا التي لحق بها الأذى بفعل الغش والفساد وضعف المسؤولية، وغياب الخبرة والتخطيط والتنسيق.
في كل مناسبة، أشعر بأننا نحاول التبرير بعد انكشاف المستور. إنها حقا فضيحة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التبرير والتعتيم والتعميم.
أن تقارن عمان بمدينة دبي وغرق الأخيرة بفعل زخة مطر؛ فهي مقارنة خاطئة من ناحية، وهي تكشف التماثل بين المدينتين من حيث عدم توافر البنية التحية والغش. أذكر أن جميع الأبراج في دبي قد تعطلت، وتحولت الشوارع إلى برك بسبب عدم توافر شبكات الصرف. وعلق على ذلك أحد المسؤولين هناك: "لم نتوقع سقوط الأمطار".
وختاما، هل يعقل أن تتعطل كافة مرافق البلد بفعل المطر والثلج؟ أم أن هذا ينسجم مع حالة الكسل التي اكتسينا بها؟
أرجو الساعة أن نكون في مستوى المسؤولية، وبرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها كافة المؤسسات والأجهزة المعنية فهي لا تكفي لإصلاح الخلل، وما يترتب على الغش وضعف التخطيط من آثار قد تكون كارثية.
لا أريد الإطالة عليكم، فأنتم على دراية بأس المشكلة. لكن، إنْ هي كلمة مدفوعة بالاستفزاز والتعميم الذي يلجأ إليه كثيرون لتبرير التقصير والغش وغياب التخطيط العصري العلمي. وأرجو الخير كله لكم وللوطن. وكل عام وأنتم بخير.