هل حقاً بالأمكان ... التغير والأصلاح من خلال البرلمان؟!
التجربة النووية الاردنية وخبرائها تقول عكس ذلك، فمنذ اكثر من عامين وثله من الخبراء الاردنيين تطالب بالأصلاح والتغيير والاعتماد على الكفائات الاردنية, والالتزام بالمعايير الدولية, وعدم التوقيع على اتفاقيات وهمية, ونبذ الشللية والمحسوبية, وعدم هدر المال العام, ووقف سياسة التخبط والتضليل وضرورة وضع استراتجية وطنية شاملة ومتكاملة بخطط علمية وخطوات واقعية لحل ازمة الطاقة.
لجنة التحقيق البرلمانية وجدت إن "اجابات الدكتور خالد طوقان كانت تجانب الحقيقة في كثير من الاحيان وهي غير شفافة وتحاول تكييف الارقام والمعطيات لكي تتناسب مع قناعاتها ورؤياها الامر الذي يتنافى مع مبدأ الشفافية وهذا يشكل تضليلا لصانع القرار". وأضاف التقرير حول كميات اليورانيوم وجدواه الاقتصادية " هذا التناقض تكرر كثيراً خلال الأعوام الماضية ويؤشر على ضعف التخطيط وعلى التسرع وعلى تضليل الرأي العام وصانع القرار بمعلومات غير صحيحة" (1)
بتاريخ 15/5/2012 "اوصى مجلس النواب بأغلبية كبيرة للحكومة بإقالة رئيس هيئة الطاقة النووية خالد طوقان"(2) ولكن الحكومة لم تستجب للبرلمان، وحتى عندما اصبح وزيراً في حكومة الدكتور معروف البخيت استمر طوقان بأدارة هيئة الطاقة النووية في مخالفة واضحة للقوانيين والانظمة الاردنية، ورغم كل التجاوزات والاخطاء لم يتجرأ دولة البخيت او دولة الخصاونة او دولة الطراونة على فعل شيء.
بتاريخ 31/5/2012 "قرر مجلس النواب الموافقة على توصية لجنة الطاقة بوقف العمل بمشروع المفاعل النووي وقفا تاما لحين توفر دراسة جدوى اقتصادية وتوفير التمويل اللازم لبناء المشروع والاتفاق على موقع مناسب لاقامة المحطة تراعي المتطلبات الدولية وتوفير الضمانات البيئية والمصادر المائية المناسبة. وصوت النواب على اعتبار ان توصيته بوقف العمل بمشروع المفاعل النووي ملزمة للحكومة." (3)
قراراً برلمانياً ملزماً .. فهل التزمت الحكومة؟!، ام ان هناك اشخاص فوق القانون وخارج ولاية الحكومة الاردنية. الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة قال ان "طوقان يرأس مؤسسة مستقلة, ملمحا بانه لا ولاية للحكومة على تلك المؤسسة ورئيسها حكما"(4). وبرغم التخبط والتضليل والانتقال من فشل لآخر في مشروع مبهم، لم تتوانى الحكومة عن دعم هذه الهيئة بمبلغ 36 مليون دينار في عام 2012 من المال العام.
خبرات وكفائات اردنية من حملة الدكتوراه انحازت للوطن وحاولت الاصلاح من خلال البرلمان فقدمت الحقائق العلمية وتحدثت بضمير فكان مصيرها قطع الارزاق والرحيل:
الدكتور الذي يقم بترخيص المفاعل النووي البحثي في الرمثا تم اقصائه
الدكتور الذي بين حقيقة ارقام اليورانيوم وعدم جدواه تم اقصائه
الدكتور الذي رفض نقل موقع المفاعل الى المفرق تم اقصائه
الدكتور الذي قال ان الفريق الموجود غير مؤهل لأدارة المشروع النووي تم اقصائه
الدكتور الذي رفض شركة اريفا الفرنسية تم اقصائه
الدكتور الذي دافع عن حق الاردن في ثرواته الطبيعية تم اقصائه
الدكتور الذي اشار الى تلاعب في البعثات الدراسية تم اقصائه
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا الانتخابات والبرلمان .. اذا كانت قرارات الاصلاح والتغيير لم تنفذ للآن .. وما زال رئيس الهيئة النووية في نفس المكان؟؟
____
الكاتب: خبير نووي متخصص في تصميم وهندسة المفاعلات وإدارة الوقود النووي، بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الهندسة النووية. مؤسس قسم الهندسة النووية في الاردن، مؤسس ومدير مشروع مختبرات اليورانيوم ومخزن النفايات المشعة وأول منشأة نووية اردنية، مفوض دورة الوقود النووي السابق.
المصادر:
(1) تقرير مجلس النواب الاردني حول المفاعل النووي, 2012
(2) الرأي, النواب يوصي بإقالة طوقان, 15/5/2012
(3) الرأي, النواب يوقف العمل بمشروع المفاعل النووي, 31/5/2012
(4) وكالة جراسا الاخبارية, اسألوه !!, اسلام صوالحة