محمد البوعزيزي في ذكراه
طارق الطيب محمد البوعزيزي ولد في 29 مارس عام 1984 وتوفي في4 يناير 2011، هو شاب تونسي قام بإضرام النار في نفسه يوم الجمعة 17 ديسمبر عام 2011 في ولاية سيدي بوزيد إحتجاجا على مصادرة العربة التي كان يبيع الخضار والفواكه لكسب رزقه ، وعندما اراد ان يقدم شكوى ضد الشرطية فادية حمد التي صفعته على وجهه على مرأى من الناس لم يجد جوابا شافيا لشكواه من الدولة .
بل رفضت السلطات شكواه وليعبر عن عدم سكوته على الضيم وعلى عدم قدرته على مواجهة خصمه وخجله على نفسه بعدم قدرته على رد الصفعة للشرطية ، اجهش بالبكاء وبعدها سكب على نفسه مادة التنر وأشعل النار في نفسه وتوفي بعد 18 يوما من الحادثة .
وليرحل بعده زين العابدين هاربا عن تونس، الى السعودية ، ومخلوعا عن السلطة بعد شهر من الثورة التي أشعلها البوعزيزي، وبعد حكم قاس دام ثلاثا وعشرين سنة لشعب مكافح أذاقه وزبانيته صنوفا من الذل والهوان والتنكيل والمنع ومصادرة الحريات .
ولقد وجد بعض المقهورين من بني يعرب فرصة للتعبير عن عدم القبول بالحياة المعاشه فلحق به حوالي 50 ضحية أو يزيد ، في بلداننا العربية على امتدادها ، من المحتجين لأي سبب إرتأه هؤلاء بإحراقهم انفسهم امام العالم لطلب يرجون تحقيقه وقد لا يتحقق على مستوى شخصي ، أو على مستوى ، وتاركين الحزن على الأهل والأحبة من بعدهم ، وليخسر الوطن أحد أبنائه الذي سلبت حقوقه من فئة باغية .
ولينطلق الربيع العربي بعد ذلك في بلدان كثيرة، وإن حمل معه المآسي الكثيرة والأحزان والدمار والخراب ، والنهب والسرقة ، وظهور ما يسمى بالبلطجية ، والزعران ، والبلاطجة ،والشبيحة ، في عالمنا العربي الذي أصبح يئن من مأسي هذا الربيع ، الذي تحول إلى خريف دام ، واصبح الوضع صعبا وقاسيا وداميا .
فإذا ما غضب موظف من الموظفين في عمله هدد بإحراق نفسه، وإذا ما ساءت الأمور المادية لقسم من الناس ، اسرع أحدهم لإحراق نفسه ، وإذا ما حاول بعضهم إيجاد وسيلة ليعتاش منها ، تم محاربته ، ولتبدأ ، دوامة العنف والحرائق .
وليشتعل عالمنا العربي بهذا العنف الدامي واللأمنتهي ، بعدك يا بوعزيزي ، فهل أنت اشعلت الشرارة ؟ وهل كنت أب الثورات والربيع العربي ولنقل الظاهره البوعزيزيه؟ ام كنت اللعنة التي سببت هذه الفوضى وان لم تكن خلاقه ،وهل أنت الذي سيتحمل إثم ووزر من مات محترقا من بعدك ، وتقليدا لك على ما صنعته بنفسك ؟؟
الحياة ليست عنفا، شجارا ، خرابا ، دمارا ، الحياة مودة رحمة ، محبة ، تعاون ، ألفة ،ومحاولة للبحث عن طريق متشح بربيع مزهر بورود ورياحين وياسمين ، وليست ممزوجة برائحة البارود والرصاص والموت والخراب والدمار ""؟؟ الحياة هبة الله وعطائه لخلقه وهو الذي بيده كل شئ.
كم كنت قاسيا بحق نفسك يا ايها المرتحل بلحظة إنفجار الذات ، وكبرياء النفس والأنفة والعزة ، وكنت بعيدا عن تحكيم العقل ، وتغليب الحوار على الأنا ، التي أحيانا ما تدفعنا بإتجاهات غير سليمة ، فنضيع بعدها في متاهات ، وسراديب وغياهب النسيان ، وبعدها لا ينفع الندم ، وخسارة النفس والذات ،وقد يخسر المرء وطنا أو جزءا من وطن "" وتنتهي الحياة .
ولي تساؤل هل أشعلت ثورات يا البوعزيزي ، أم تسببت بخراب بلدان ، وتشريد الآلاف ممن لا ذنب لهم ، في عالمنا المتأرجح بذل وهوان عندما حاول الآخرون تقليدك؟، في هذا الزمن الملئ بالذل والانكسار ""؟؟؟