قراءة سريعة في برامج الاستقطاب السياسي للانتخابات الاسرائيلية
يستنتج قارىء برامج الاستقطاب السياسي بين القوى السياسية التي يبدوأنها متناحرة في اسرائيل، من خلال اوراقهم الانتخابية ؛ ان المزاج الاسرائيلي العام، بات اكثر تطرفا وعنجهية وتعنتا اكثر من ذي قبل ،اومن اي وقت مضى ، ومع ان هذه البرامج تدور حول مستقبل عملية السلام وسياسة المستوطنات والتحالفات ؛ فانها نحت منحى اكثر جرأة ووقاحة بالمطالبة بانهاء فكرة حل الدولتين المستقلتين اسرائيل وفلسطين ، بل وظهر رفض صارم لحل الدولتين ؛ حتى ان بعض الرؤى اقترحت ترحيل الفلسطينيين وضم الضفة الغربية ، وذلك مع تضاؤل الآمال بانقاذ عملية السلام ؛ فاعطت هذه البرامج الانتخابية صورة غامضة بل وقاتمة ، وطرحت شعارات ان ليس هناك مكان لدولة جديدة ، وظهر دعم مطلق لسياسة المستوطنات وتنميتها وتقويتها وحمايتها والدفاع عنها ، لقد غابت القضية الفلسطينية برمتها عن هذه البرامج ، وبرزت قضايا الامن وحاجة اسرئيل إلى القوة كأولوية اساسية ، وما يتطلبه ذلك من وجود شخصية قوية مثل نتنياهو، القادر على مواجهة مثل هذه المشكلات ، ومواجهة الضغوط الدولية ، والقادر على المناورة دون التنازل عن شيء ، ومواجهة اعداء اسرائيل من العرب والمسلمين ، وظهر التركيز على حيوية القوة ، وبخاصة لدى الاحزاب اليمينية والاصولية اليهودية ، فنتنياهو وشريكه ليبرمان يركزان على الامن ومخاطره ، مما يترجم استراتيجيتهما المعتمدة على التهويل والتخويف والترهيب ؛ لكسب اصوات الناخبين بالخوف والرعب ، لقد ركزت هذه البرامج على الوجوه الشخصية النجومية ، وافتقدت الاوراق المطروحة روح المنافسة الحقيقية القائمة على تحديات وبدائل فكرية للقضايا الحارقة ومبادرات حلها ، مثل قضايا احتلال الاراضي وعملية السلام ، وتسريع بناء المستوطنات طمعا في استمرارها ،كما تغيب الشأن الايراني وتهويل خطره كلية ، وقضايا الربيع العربي وما يلوح في الافق من توقعات ، بينما لوح نتنياهو بالبعبع الايراني وخطره العظيم في ولايته السابقة ؛وذلك لصرف النظر عن الاحتلال والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية آنذاك ، وصرف النظر عنها او تجاهلها هذه المرة!!
لقد اظهرت البرامج الانتخابية تعزيزا لمبادىء القدس موحدة ،والحدود الآمنة كأفضلية من السلام ،وتسريع الاستيطان ، والابقاء على غور الاردن لأهميته الامنية ، ويظهر من النظرة العامة ان الاحزاب الدينية واليمينية هي الاكثر ربحا ؛ حيث تضفي على خطابها شيئا من الراديكالية ،كما برزت حاجة اسرائيل حل مشاكلها الداخلية.
ومع ان ثمة احزاب أيدت في وجهة نظرها دعم عملية السلام ،والدعوة إلى انسحاب من معظم مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ، مثل حزب ميرتس الصهيوني اليساري ، كما طرحت تسيفي لفني ،رئيسة حزب هتنوعاه في خطابها اولية التسوية السلمية ، واما حزب يش عتيد ، فقد رأى ان فقر اليهود الشرقيين المتدينين وفلسطيني الداخل ؛ يشكلان عبئا على الاقتصاد الاسرائيلي ، وابرز اهمية تغيير نظام الحكم والدفاع عن الطبقا ت الوسطى ، والحقوق اليبرالية العلمانية ،كما اظهر حزبا شاس ويهودت هتوراة اهتماما بالقضايا الفئوية ، وذلك بالتركيز على اليهود الشرقيين والطبقات الفقيرة ، وصيانة مدارسهم الدينية ،والاهتمام بالتوراة كضمان لبقاء الشعب اليهودي ، ومواجهة التوجهات العلمانية لحزب اسرائيل بيتنا.
وظهر الاقصى كورقة سياسية رابحة بيد بعض الساسة الاسرائيليين الذين وعدو الناخبين برد حقوقهم في الاقصى ، كما وعدوهم بالصلاة فيه واقامة شعائرهم وطقوسهم التوراتية والتلموذية فيه ؛ مما يشير إلى خطة خبيثة مبيتة لتقسيم الاقصى بين المسلمين واليهود على غرار ما حدث في المسجد الابراهيمي في الخليل ؛ مع تباين الموقفين ، كما قام بعض الساسة الاسرائيليين بزيارات انتخابية لحائط البراق ،الذي يسمونه حائط المبكى؛ لتأكيد يهوديته كورقة انتخابية رابحة اخرى .
وفي النهاية يظل اليمين والاحزاب الاصولية اليهودية هما القوة المهيمنة والمتنفذة في هذه الاستقطابات،كما يظل الفلسطينيون ينتظرون نتائج هذه الانتخابات مع توقع الأسوأ .