هل الدين أفيون الشعوب ؟ .... نعم
أثارتني هذه العبارة لكارل ماركس و لكن ما خفف الصدمة هو انه ملحد و لا يؤمن بالاديان و ينكر ان لهذا الكون خالق قدير , علما ان المؤمن للوهلة الاولى يفاجأ بهذه العبارة و لكنني لاحقا تحققت أن هذه العبارة من وجهة نظره صحيحة و حقيقية .
عندما يُستبدل الدين الحقيقي السماوي " دين الله سبحانه و تعالى " و المتمثل بالقرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و القائم بعد الاعتقاد على العمل و الإنجاز و الإتقان حيث يقول الله سبحانه و تعالى " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - التوبة:105 " بدين الحكام و الدين السياسي و المتمثل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة , و أصبح في كثير من الأحيان هو الكلام و الصفصطة و الدخول في علم الكلام و علم الفلسفة و علم البيانات و علم المفاوضات أكثر من العمل و الإنجاز , و نلاحظ أن اليهود هم أول من ابتدع المفاوضات حتى يضيعوا الحقيقة و هم في الوقت نفسه لم يوقفوا العمل مطلقاً و الكلام عندهم عن السلام كثيرا و كل العمل و الإنجاز لديهم هو الإعداد للحرب .
و لهذا قال ماركس كلمته أعلاه لأنه لم يرى الجانب الحقيقي في عصره لعظمة هذا الدين و قدرته على تنظيم الامور الدنيوية تمهيدا لصلاح الاخرة , و لكن ما هو ملاحظ أن هنالك بعض المشاهد الحقيقية رغم الكلام الكثير عند الأغلبية حول هذا الموضوع , و من المشاهد الجميلة التي أراها ما قام به رئيس الوزراء التركي " أردوغان " و القادم من رحم الفكر الإسلامي و هو تطبيق أخلاقه و مبادئه على الإنجاز و العمل و الإنتاج و الشاهد ما وصلت إليه تركيا اليوم .
و كذلك ما قام به " مهاتير محمد " في ماليزيا الذي حقق انجازا عظيما غير مسبوق في هذا العصر و هو ايضا ينتمي للفكر الاسلامي و لم يعرف عنه كثرة الكلام و إنما العمل و الإنجاز , إضافة إلى ما قامت به " حركة حماس" في غزة و هو خروجها من المفاوضات و الشعارات و البيانات إلى العمل و الإنجاز رغم قلة الإمكانيات و العراقيل الكثيرة أمامها .
و كلما زادت هذه المشاهد الحقيقية العملية عن الإسلام كلما وصلنا إلى إقناع الآخرين و هو أن هذا الدين ليس أفيون الشعوب و إنما الدين الحقيقي هو حياة الشعوب لانقاذها و اسعادها و نشر العدالة في صفوفها و تحقيق امنياتها و مطالبها .
و هذا ما حدث للفقراء و المساكين و العبيد في الصدر الأول للإسلام لأن هذا الدين ليس دين النخبة و لهذا شعرت تلك الفئات بمعنى الحرية و معنى العيش الكريم لأنهم كانوا يفتقدونها و حقيقة ان الفاقد للشيء يعرف معناه و طعمه بعد الحصول عليه فالعالم الغربي اليوم لا يعرف معنى الحرية لانه حاصل عليها .
لهذا فالدين الحقيقي هو القائم بعد العقيدة على العمل و الإنجاز و الإتقان , و هو المحرك الحقيقي للشعوب المستضعفة و الفاقدة للحرية و العدل و المساواة .