أنا أريد وساماً!!
عندما منحني مدير المدرسة في بداية التسعينات شهادة للتفوق والتقدير، وحسن الانضباط، لم تملكن الفرحة آنذاك، بل بكيت على هذا التقدير والتكريم الذي طال انتظاره. كم وساماً في هذا البلد منح لمؤسساتنا الوطنية وشخوصها؟ علّقت على صدورهم، وزينّت مكاتبهم، والتقطوا العديد من الصور التذكارية معها، ومع ذلك هناك تراجعاً ملحوظاً في عطاء تلك المؤسسات بل بعضها أهلك من ملفات الفساد التي عمّقت جروحها، وقللت من إنتاجها، وبقى شخوصها أبطال مصلحون يتداورون على مفاصل الدولة المركزية، بدون أن تضع معايير تقييم لأدائهم الهشّ، لا بل توارثت المناصب لديهم، فأصبحت العائلة تزين لوحة الشرف في تلك المؤسسة وذاك.
والذي زاد من هول تلك السياسات، أن تلك المؤسسات أنجبت مؤسسات أخر، بعضا منها جاء كجوائز ترضية لابن مسؤول، أو وزير، أو صاحب قرار، لم يبق لهم من الكعكة الوزارية شيئاً يذكر، فلا يشاء أصحاب القرار أن يبقوا بدون إطلالة إعلامية، ومناصب سيادية لبعض الوقت، والدليل على عدم نجاعة ذاك الأسلوب من الترضية، والتوريث؛ هو انهيار بعض تلك المؤسسات من الناحية الإنتاجية، بل أصبحت عبئاً على الوطن، وشعبه.
ومع ذلك حصلت بعض مؤسساتنا على شهادات الايزوا العالمية، التي من المفترض أن تتمتع بالجودة العالية في التعاطي مع الأمور الإدارية، والفنية، والمالية، بدون أن نشاهد تحسنناً ملحوظاً في الأداء، يعكس تلك الشهادات التي تمنح لنا، فمؤسساتنا التعليمية بشهادة الاكاديميين، والتربويين أن هناك تراجعاً في إدارة العملية التعليمية ومحتواها، لا بل أصبح بعض أجيالنا الناشئة تعيش فراغا ثقافياً ملحوظاً، ونحن الذين كنا في نهاية الثمانينات مصدرين للعلماء الذين يطوفون في أرجاء العالم كسفراء لوطنهم العزيز.
لابدّ أن يعاد النظر في منح الأوسمة، والعطايا والمكافآت التي تمنح بدون انجاز يذكر، سوى الترهل الإداري وانتعاش مؤسسة الفساد التي نشطت في الأعوام الأخيرة، وحصلت على العديد من المكتسبات نتيجة تغولها في مفاصل الدولة.
حان الوقت أن يمنح الأشخاص الذين يخدمون الوطن من وراء الكواليس أوسمة معنوية، طال انتظارها، فقد غيبت عنهم الكاميرات التلفزيونية، والبهرجة الإعلامية, وهم قابعون في البوادي، والأرياف يقومون بواجبهم الوطني بكل تفان وإخلاص، لا ينتظرون سوى أن يبقى الأردن قويا في وجه الصعاب.