من صوت البادية إلى الدكتور رحيل الغرايبة
لقد تابعتُ مُبادرتكم (زمزم) ولأن زمزم مياهُ طاهرة ولها دلالة في نفس كل مؤمن فإن صوت البادية هذا الاسم الذي شرفتني يوماً بحمله في إحدى مقالاتك أناشدك بأن تُعيد لهذه الرمزية طهارتها وتقوم مشكوراً بسحب أو تعديل هذه المبادرة بما يضمن عدم التنازل عن ثوابت الحركة الإصلاحية الأردنية، هذا الطلب بُني على الأسباب التالية:-
أولاً:- منذُ ما يزيد عن العامين ونحنُ القوى الوطنية على مساحة الوطن الحبيب نشارك الحركة الإسلامية الهم والهموم والكفاح الجاد من أجل الإصلاح الشامل الذي سيشمل بإذن الله كافة مرافق الحياة، ومن خلال هذا الخط الذي رسمناهُ لأنفسنا تعرضنا ولا زلنا للضغوط والأذى والإغراءات ولكنا صمدنا بوجه ماكينة الظلم والاستبداد وقد وضعنا مُستقبلنا ومُستقبل أطفالنا قُرباناً للخلاص من النهج السياسي الفاسد الذي يحكم ويتحكم بكافة مفاصل الدولة الأردنية، نهج التوريث والفساد المالي والإداري والتهميش وتغول النبلاء على قوت الفقراء وسيطرة المال (الأسود) على مجالس النواب وتغول الأمني على السياسي، لذا لم يعد مقبولاً لنا ولكم ولقواعدنا الشعبية وقواعدكم الحزبية بأن يتفرد طيف في اتخاذ قرار مفصلي بمعزل عن مشاركة كافة القوى الوطنية من خلال حوار يؤدي بالضرورة إلى تبني هذا القرار والالتزام به، خصوصاً إذا كان هذا القرار أو التوجه يؤدي إلى الطعن في مصداقية الحركة الإصلاحية، ومهما أسمينا المبادرة (زمزم) أو(كوثر) فإن الاسم الصحيح هو مُبادرة (الاستسلام) لمنظومة الفساد والاستبداد التي تتحكم في المشهد السياسي الأردني.
ثانياُ:- كان من المُمكن التعاطي مع المُبادرة والتي نفترض فيها حُسن النية وأن تكون محل دراسة وتمحيص لو أن هذه المُبادرة جاءت بعد أن تحقق الحد الأدنى من الإصلاح وهو إقرار قانون انتخاب عادل يضمن النزاهة في التمثيل ويعزز وصول القوى الوطنية والأحزاب إلى قبة البرلمان، لا قانون يؤدي إلى تنمية الصراعات العشائرية ويُفتت النسيج المُجتمعي ويُنتج نواب (حارات) يتصارعون على خدمة أهدافهم الشخصية ويتلقون التعليمات عبر هواتفهم الخلوية في (الحمامات) أحياناً.
ثالثاً:- لا اختلف معك عزيزي بضرورة المراجعة وأن الحركة الإسلامية لا بُد لها من تحديد أولوياتها ضمن الإطار الوطني وأن الحركة تحتاج إلى مُراجعة شاملة لتتمكن من تمكين العناصر الشابة فيها، لكن هل يكون هذا من خلال الخروج بمبادرات من داخل الحركة الإسلامية لتُستغل من قبل النظام للتشكيك بها وتشتيت الجهود، لقد توافقنا مع الحركة الإسلامية على شعار (إصلاح النظام) وعلى آلية إصلاح النظام والمسيرة السلمية لتحقيق الهدف المنشود، وإلى أن يتحقق الهدف فإننا قد نتفق مع بعض بنود المبادرة ولكن نختلف على التوقيت، أما البند الخاص ب ((إلغاء المُقاطعة التي تبنتها الجماعة من حيث اشتراكها بالحكومات والانتخابات وتبني التدرج في التحول نحو الديمقراطية)) فإن هذا التوجه ينسف كُل البنود الإيجابية في مُبادرتكم وسيؤدي في حال تبنيه من قبل الحركة الإسلامية إلى طلاق لا رجعة فيه ما بين الحراكات الإصلاحية والحركة الإسلامية، فهل هذا هو المطلوب ؟
عندما نصل إلى الإصلاح الشامل المنشود لا بُد للحراكات الشعبية من التوحد في (تيار وطني) كي تكون فاعلة على الساحة السياسية ولا بُد للحركة الإسلامية من مراجعة شاملة كي تكون أقرب للمواطن البسيط من خلال الاهتمام بالشأن المحلي والهم اليومي والبرامج الاقتصادية والسياسية التي تُحاكي الهم الأردني وتمكين القوى الشبابية داخلها ويبقى هذا شأن داخلي لا يتم من خلال مُبادرات تتناولها وسائل الإعلام بالتشويه والتحريف.
رابعاً:- لأننا نُجل ونحترم ونقدر قامة وطنية لها في وجدان الأردنيين ما لها من احترام ولأن هذه المُبادرة لن ترى النور إلا في أروقة النظام فإن أملنا بك وبزملائك كبير بأن تُسحب هذه المبادرة حتى لا يُكتب في تاريخ الأردن أن الدكتور إرحيل الغرايبة قد ساهم في عرقلة الحركة الإصلاحية في الأردن ولا أقول إجهاضها لأن هذا الحركة هي حتمية تاريخية ولا يستطيع أياً كان أن يُجهضها، ولتعلم أخي العزيز أن الحركة الإسلامية مرهونة للحراكات الإصلاحية في هذه المرحلة وأن الحراكات الإصلاحية لا غنى لها عن الحركة الإسلامية في هذه المرحلة المفصلية وعندما يتحقق الإصلاح المنشود وسيتحقق بإذن الله عندها للحركة الإسلامية كامل الحرية بأن تتآلف مع أي طيف سياسي أو تعمل بإنفراد ونحنُ من ناضل ويناضل من أجل الوطن سنعود لمواقعنا من أجل خدمة الوطن فلسنا والله يعلم طُلاب منصب أو جاه ولن نكون إلا في صف الوطن وإذا اقتضت مصلحة الوطن مُعارضة الحركة الإسلامية سنُعارض الحركة إذا حادت لا سمح الله عن طريق الأمة ومصلحتها، أخيراً بمحبة لشخصكم الكريم أقول لا نخشى من زمزم على الحركـــــــة الإصلاحية ولكني أخشى على قامة من قامات الوطن بأن لا تُكمل معنــــــــــــا المشوار.