سائق محترف...!!!
حالة طريفة حدثت معي في الثلجة الماضية وما زلت أُعاني من تبعاتها حتى هذه اللحظة ، حيث أنني أقود سيارة ذات دفع رباعي صنعت لتتغلب على الظروف الصعبة مهما بلغت ( على ذمة مصنعيها ) .
وفي ذات يوم الثلجة إضطررت الى الخروج من المنزل ومعي أولادي ، كانت الشوارع زلقة ، والقيادة تحتاج الى مزيد من التأني والحذر ، وفي طريق العودة كان أحد الشوارع الرئيسية والذي يؤدي الى تلة مرتفعة قد أغلق بسبب تراكم الثلوج ، ولم تستطع معظم السيارات إكمال السير فتوقفت ، قررت الإنعطاف الى شارع فرعي ، لأستطيع الإلتفاف من حوله مستعينة بالشوارع الفرعية لعلني أجد سبيلا للوصول الى المنزل بأمان ، وما أن بدأت السير في ذلك الشارع الضيق حتى إكتشفت بأنه غير معبد ، ووجدت نفسي وأولادي في مأزق أكبر من الذي حاولنا الهروب منه ، حيث أن السيارة قد علقت ولم أتمكن من تحريكها .
إجتمع الناس حول السيارة منهم أهل النخوة وكثير منهم ممن تجمعوا للمشاهدة والتسلية أو للمراقبة وإبداء الرأي والتنظير ، وللصدفة فقد كان أصحاب " الونشات " والذين كانوا يُملؤون الشوارع رعبا قد إختفوا ولم نرى منهم أحدا .
وتناوب على محاولة إخراج السيارة خمسة أشخاص ، بدا كل منهم متحمسا جدا في البداية ، وكانت ثقته بنفسه عالية ، ولكن ما أن يجلس خلف المِقود حتى يتبين فشله وعدم قدرته على (زحزحة) السيارة من مكانها .
*جاء أول شخص لإخراج السيارة من الوحل ، قال أنه يقود السيارات السريعة ومعتاد على التقنية الحديثة ، وما أن جلس خلف المقود ، حتى أعلن عدم قدرته على إخراج السيارة ( مستغرباً من عدم تجاوبها مع قيادته المتطورة وتقنياته الحديثة ) .
*جاء بعده شخص وقال بأنه سائق معتّق ومعتاد على تلك الظروف ، ولكن ما لبث حتى إنسحب وأعلن فشله!!! ( مستغربا بأنه "راهن، يراهن، راهن" على أنه سيخرجها ولكن "عجلة الحظ" لم تسعفه ) .
*جاء بعده شخص إدّعى بأنه يستطيع إخراج السيارة ولكن بدون أي مساعدة إن هو قام بالدوس على بدالة البنزين وبنفس الوقت قام هو بدفع السيارة بيديه ، وبالطبع فشل مباشرة ( مستغربا من أن قوته لم تمكنه من خرق طبيعة الحياة ) .
* جاء شخص متمرس وله باع وخبرة طويلة في قيادة السيارات ، جلس خلف المقود بثقة وقناعة ثم نظر الى الجميع وقال (هذه السيارة أوتوماتيك وأنا معتاد على التعشيق اليدوي ) وما لبث أن إنسحب ، وله مع سيارتنا حكايات أخرى .
* فجاء شخص من بعيد صائحاً ( أنا هو أنا هو ) وقبل أن يركب خلف المقود ، أغلق الباب ودخل من الشباك ، ثم جلس يناجي السيارة ( بالدعاء تارة وباكلام المعسول تارة ثم بالبكاء قليلا ) ولكنه ما أن بدأ حتى قضى على ما تبقى من وقود السيارة ، ( وزاد من الطين بِلة ) عندما أصبحت السيارة بعرض الشارع مما زاد الأمر تعقيدا .
بقينا على تلك الحال ساعتين ( تفيد .. السنتين ) وبعد أن أعدنا تعبئة خزان الوقود ، وننتظر من سيقود السيارة لإخراجها من الوحل والثلج .
والمضحك أن الونشات بدأت بالتوافد ولكن بما أن صاحبنا المتخصص "بالتعشيق اليدوي" قد جلب ورشة عظيمة مكونة من (150 ميكانيكي/ة ) في محاولة لإستبدال الأتوماتيك بالتعشيق اليدوي ، وعقد على إحضار سائقاً محترفاً كما وعد ( مع أن المكتوب باين من عنوانه ) .
ونحن لا نملك إلا أن ندعوا الله لكي نتمكن من الوصول الى البيت بأمان وسلامة .
لكن للأسف ما زالت السيارة عالقة ، وأنا وأولادي ما زلنا ننتظر من سيخرجها من ذلك الغَرَزْ ، مع أن السيارة ذات دفع رباعي ، ومحدثة ، وفيها مواصفات عظيمة ، كل ما تحتاجه هو " شوفير " محترف لا يسمع تنظير من سبقه ، ويقدر الوضع جيداً ثم يستعين بخير ما وُجد ويخرج السيارة من ذلك الموقف مع أنني مقتنعة بأن الأمر سيطول وستبقى السيارة عالقة الى أجل غير مسمى .