أردنة الخدم!
سألت إحدى طالباتي: أين وقعت معركة الكرامة في الربة أم في الرمثا؟!، فأجابت: في الرمثا!!!، وسألت آخر، أين تقع تبوك في محافظة عجلون أم في محافظة مأدبا؟!؛ فأجاب: في محافظة عجلون!!!، وسألت جميع الطلبة السؤال التالي: ماهي الفترة التي مكثها الرسول عليه السلام في الدعوة السرية؟!، فتراوحت الاجابات بين الخمسة والخمسة عشر سنة!!!.
ذهلت كثيرا للمستوى الثقافي لهكذا جامعيين؛ واخذني الفضول للمزيد من الأسئلة عن ظروف تنشئتهم الاجتماعية؛ فكانت النتيجة أنهم تتلمذوا على أيدي الخادمات الأجنبيات وشربوا من حليب الهولنديات السمان فأصبحوا لا ينتمون لأم أو امة ولا يغارون على الوطن وأرضه!!!.
نسمع كل يوم بتجارة الرقيق وجرائم الخادمات وما يفعلنه بكثير من الأُسر لكننا للأسف لم نتعلم فأكثر من يقع عليهم العنف البشري والاضطهاد هم الاطفال فهم من اكثر الضحايا لاؤلئك الخادمات و فريسة سهلة لهن؛ فهنا خادمه تضرب طفلا لا يكاد يكمل الشهر الرابع من عمره وهناك انواع شتى من العنف الذي يلاقيه اطفال المجتمع وأعجزهم عن حماية نفسه من قبل الخادمات ومنه" العنف الجسدي ، العنف الجنسي ، والعنف النفسي"،وهناك الكثير من الاطفال ممن يتعرضون للثلاثة معا وقد يكون عنفٌ مفرط للغاية يؤدي الى الوفاة في بعض الحالات، وهكذا فأنه ينتج في مجتمعنا جيل ٌ عنيفٌ مريض فالعنف لا يولد الا العنف إضافة الى الآثار الاجتماعية والتربوية والاقتصادية التي نتحملها كمواطنين ودولة.
وهنا يراودني سؤال لطالما طرحته على نفسي هل تعجز الدولة الأردنية عن توفير البديل الوطني؛ وهل يمكن أردنة الخدم بشكل مؤسسي يحافظ على هويتنا وقيمنا السمحة ؟!.
أعتقد أن من الممكن لا بل من الواجب على الحكومة توفر البديل الوطني لخدم المنازل ؛ ويمكن انشاء مؤسسة وطنية او توجيه القطاع الخاص للإستثمار في هذا المجال تحت إشراف حكومي مباشر، بحيث تنشأ مؤسسة لهذه الغاية تتولى استقطاب فتيات وفتيان من اعمار معينة ومن ثم الحاقهم بدورات تأهيلية ضمن برنامج متكامل متخصص في رعاية المنازل وخدمتها ومبادئ التمريض ورعاية الطفولة والأخلاقيات العامة؛ وبعد اجتياز التأهيل المناسب يتم توظيف هؤلاء الخريجين برواتب مجزية وشمولهم بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي .
وعن تقديم الخدمة للمواطن فإنها تتم بشكل مؤسسي بحيث يتقدم طالب الخدمة بطلب للمؤسسة المعنية يبين نوع الخدمة ومدتها والفترة الزمنية بحيث يمكن أن تكون مع المبيت او بدون المبيت ونوع المخدوم هل هو طفل ام مسن ام عاجز.....الخ، ويكون لدى المؤسسة جميع التخصصات المطلوبة اضافة الى المشرفين الاجتماعيين الذين يقومون بإجراء المسح الشامل لتقديم الخدمة بشكل يلبي احتياجات طالبها، وتكون الاسعار معلنة من المؤسسة وبموافقة واشراف وزارة العمل.
وحتى نضمن الخدمة المتميزة والمستدامة تتولى المؤسسة إجراء تقييم دوري لخدم المنازل من وجهة نظر متلقي الخدمة؛ ويتوقف استمرار أو نقل الخادم او انهاء عمله على نتائج التقييم، وبشكل تدريجي تتم عملية احلال البديل الوطني بالأجنبي وصولا الى أردنة الخدم خلال خمس سنوات على الأكثر.