ساسة واكاديميون : التدرج في الحكومات البرلمانية مرتبط بمأسسة الكتل البرلمانية والأحزاب
المدينة نيوز- قال ساسة واكاديميون وحقوقيون، ان التدرج في تطبيق نهج الحكومات البرلمانية مرتبط بتطور الكتل البرلمانية ومأسسة عملها جنبا الى جنب مع تطوير الاحزاب وتقدمها.
ورأى هؤلاء ان "توزير النواب" في المرحلة الراهنة يمكن ان يحدث ارباكا للحكومة والبرلمان على اعتبار ان ذلك سيعطي سلطة اضافية لنواب ويحرم منها آخرون طالما انهم لا ينتمون الى كتل صلبة ذات برامج مستقبلية.
واشار آخرون الى ضرورة "توزير النواب" بشكل مرحلي وضمن وزارات غير خدمية كخطوة تؤسس لمرحلة الحكومات البرلمانية التي يشكلها الائتلاف الاكبر في البرلمان.
ويجمع هؤلاء على ضرورة البدء بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب ومواءمته مع الدستور والبدء بحوار وطني لقانون انتخاب يعزز الحياة السياسية والتطور الديمقراطي في المملكة.
واعتبر هؤلاء، في حديث مع وكالة الانباء الاردنية (بترا) ضمن النقاشات التي بدأتها (بترا) مع مختلف اطياف المجتمع الاردني حول ما ورد في الورقة النقاشية الثالثة لجلالة الملك عبدالله الثاني، "ان طرح جلالته يمثل مرتكزا اساسيا للجميع من اجل النظر في الادوار المطلوبة لتفعيل الحياة السياسية وتطوير الاردن على مختلف الصعد.
الشريف: من المبكر الجمع بين النيابة والوزارة.
وقال وزير الاعلام الاسبق الدكتور نبيل الشريف ان أهم ما في الورقة النقاشية لجلالة الملك هو تحديد مفهوم الحكومات البرلمانية الذي يقوم على التدرج ويضع على جميع الاطراف في العملية السياسية مسؤوليات محددة.
واشار الى ضرورة ان يطور مجلس النواب اداءه ونظامه الداخلي والتوافق على مدونة سلوك تحكم عمله، مؤكدا ان الاحزاب مطالبة بإعداد برامج محددة لمعالجة مختلف القضايا الوطنية والانتقال من مرحلة الشعارات الى حقبة العمل البرامجي المحدد.
ويرى الشريف ان التصور الذي يطرحه جلالة الملك هو ائتلاف من الاحزاب يشكل الحكومة في المستقبل وستكون هناك احزاب اخرى تشكل حكومة ظل وللأخيرة دور مهم محدد، اذ انها قد تتسلم موقع السلطة التنفيذية في اية لحظة.
وربط الشريف تطور الحكومة البرلمانية بتطور الجهاز الحكومي وضرورة ابتعاده عن التسيس، وهو امر يتطلب عملا دؤوبا من اليوم بحيث يتم تعزيز الكادر الحكومي واعتماد مبدأ الخبرة والكفاءة خصوصا في مواقع الامناء العامين في الوزارات ولا سيما وأن الوزير من الآن فصاعدا سيكون على الارجح سياسيا ولن يكون فنيا.
واضاف "يجب ان يكون هناك كادر حكومي مستقر ومهني قادر على اداء المسؤوليات بغض النظر عن الوزير السياسي الذي قد يأتي في أي قوت حتى لا تتعرض الوزارات والمؤسسات لإرباك في ادائها".
وحول مشاركة النواب في الحكومة قال "إن الورقة النقاشية تحدثت حول هذا الموضوع، فهناك اشارة واضحة الى ان الدستور لا يمنع ذلك وان كانت التقاليد والاعراف السياسية في الفترة الماضية حالت دون ذلك.
ورأى ان من المبكر الحديث عن الجمع بين النيابة والوزارة، غير انه رأى ان تطبيق هذه الفكرة تتطلب امرين الاول تأطير العمل النيابي وإصلاح النظام الداخلي ومأسسة الكتل داخل المجلس بالتزامن مع تطوير الجهاز الحكومي.
وقال الشريف "مالم يحدث ذلك فإن مشاركة النواب في الحكومة ستشكل ارباكا لعمل الحكومة والبرلمان في آن واحد".
العايد : يجب وضع ضوابط لآلية الجمع بين الوزارة والنيابة.
واعتبر وزير الاعلام الاسبق رئيس مجلس ادارة الرأي علي العايد، ان جلالة الملك وضع الجميع امام مسؤولياتهم لتطوير الاردن، وحدد دور الحكومة والاحزاب والمواطنين ودور الملكية في تجذير ثقافة الديمقراطية وصولا الى تعزيز قيم التعددية والتسامح والفصل بين السلطات.
وبين ان الورقة النقاشية اشارت الى موضوع الحكومات البرلمانية التي يجب ان تستند حسب رأيه الى تقدم العمل الحزبي والبرلماني، لافتا الى متطلبات ضرورية يجب ان تؤخذ بالحسبان لآلية الجمع بين الوزارة والنيابة، ووضع ضوابط لمبادئ الفصل بين السلطات ما يؤكد ضرورة التدرج حتى تتكون الكتل وتتشكل بطريقة فاعلة وناضجة.
واشار العايد الى ان المواطن هو عماد محطات الاصلاح، فهو الذي ينتخب ويختار الحزب الذي يريد وعليه دور مهم في مراقبة اداء مجلس النواب، وهو امر ركز عليه جلالة الملك في الوثيقة ما يعطي رسائل لكل السلطات بضرورة التواصل مع المواطن ومعرفة افكاره واحتياجاته التي يجب على مؤسساته الدستورية العمل على تحقيق اقصى ما يمكن منها.
ولفت الى انه وفي ظل عدم نضوج تجربة الاحزاب في الاردن، فإن آلية التشاور مع النواب التي طرحها جلالة الملك تلقي مسؤولية كبيرة على النواب لتشكيل كتل نيابية فاعلة ذات برامج محددة.
ورأى ان تطوير مجلس النواب وتفعيل أدائه يتطلب بالضرورة وضع مدونة سلوك للمجلس تسهم في الارتقاء بعمله وكذلك تطوير النظام الداخلي بما يسهم في مأسسة عمل الكتل، لافتا الى ضرورة ان يكون هناك تحديد لعدد الكتل وعدد اعضائها ومعالجة موضوع الانسحابات والتحالفات وغيرها.
وقال "إن الجميع في الاردن عليه مسؤولية لتجذير ثقافة الديمقراطية والحزبية وسيادة القانون".
وبين العايد ان الفصل بين السلطات ووضع ضوابط لذلك يعتبر خطوة اساسية من اجل الانجاز والقيام بالأدوار المنوطة بكل سلطة، مشددا على ضرورة ان لا تكون المعارضة والموافقة بالمطلق فالرابط الاساس يجب ان يكون مدى تحقيق المصلحة العامة.
القاضي القلاب : الحكومات البرلمانية تتطلب برامج حزبية. وقال القاضي السابق والمحاضر في الدستور الاردني الدكتور سليمان القلاب ان نهج الحكومات البرلمانية يتطلب وجود احزاب توصل النواب بناء على برامج والذين يشكلون بدورهم اغلبية بائتلاف او حزب لتشكيل الحكومة.
واعتبر انه من المبكر الحديث عن "توزير النواب" لأن ذلك لا يصب في المصلحة العامة طالما ان النواب لا ينتمون الى كتل حقيقية واحزاب فاعلة ذات برامج حقيقية.
وتساءل القلاب "هل يعقل ان يكون هناك نائب صاحب سلطة تنفيذية وآخر لا يملكها، ان حصل ذلك فإنه سيقوي نائب على آخر وسيكون الآخر مناكفا لهذه العملية". واعتبر ان الورقة النقاشية الاخيرة التي طرحها جلالة الملك تشكل خارطة طريق لنهج الحكومات البرلمانية التي تحتاج لتطبيقها ثلاث دورات مقبلة كي تنضج الفكرة والكتل.
وعلى النواب، كما يقول القلاب، ان يدركوا اهمية تشكيل الكتل الصلبة ذات البرامج والتخلص من مرحلة الكتل الهلامية التي تجمعها مصالح آنية، مؤكدا ان التدرج للوصول الى حكومات برلمانية مرتبط بالضرورة بتطور الحياة البرلمانية والحزبية.
وقال ان المرحلة الحالية من التشاور الذي كرسه جلالة الملك هو عرف دستوري جديد منح فيه جلالة الملك جزءا من صلاحياته في تشكيل الحكومات للنواب.
واكد القلاب ضرورة تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بحيث تكون الكتل فيه مؤطرة قانونيا وان لا يكون الدخول والخرج منها ضمن "حرد سياسي" ويجب ان تكون مسجلة في مجلس النواب ضمن تعديل النظام الداخلي الذي لا يعترف حاليا بالكتل لكنها عرف داخلي.
المعاني : نريد أحزابا ذات قواعد ممتدة على مستوى الوطن.
من جهته، اعتبر الوزير السابق موسى المعاني ان الورقة النقاشية التي حدد جلالة الملك فيها مسؤولياته الملكية تجاه وطنه وشعبه، رسمت خارطة طريق للمسؤوليات والادوار السياسية للحكومة والاحزاب وللمجلس النيابي.
ورأى المعاني ان التحدي الاكبر يكمن في تجذير الثقافة الديمقراطية عند الجميع، وهو يتطلب تحويل الافكار الى خطط عمل وبرامج لخدمة الوطن والمواطن.
وقال ان الحكومات البرلمانية لا يمكن ان تتطور الا باستكمال النظام النيابي من خلال وجود احزاب فاعلة وبمدى تقدم العمل الحزبي والبرلماني، وكذلك تطور ادوار الحكومات والاحزاب والمواطنين في رسم خارطة طريق متكاملة من اجل السير الى الامام نحو عملية الاصلاح والديمقراطية.
وقال ان الوصول الى ذلك يتحقق بوجود احزاب ذات قواعد ممتدة على مستوى الوطن، وهو نهج مرتبط بالأساس بمدى النجاح في تقدم العمل في الاحزاب البرامجية.
واكد المعاني ضرورة ان يخضع مجلس النواب لمراقبة الموطنين ما دامت الحكومة خاضعة لمساءلته، مؤكدا أهمية ان تقوم الحكومة بإعداد وتنفيذ برامج عمل شاملة تنفذ ضمن خطط على مدى اربع سنوات لتحقق الازدهار والنماء والتنمية وان يتم محاسبتها على مدى تنفيذها للبرنامج.
ورأى المعاني ان المرحلة الحالية تتطلب مزيدا من الانفتاح والشفافية والمبادرة في تعامل رئيس الوزراء ومجلس الوزراء مع المجلس النيابي ومع المواطنين حتى تكون العملية تكاملية لإنجاح "ديمقراطيتنا" على ارض الواقع.
وبين ان الاردن يحتاج الى وقت من اجل تطوير الأحزاب السياسية بالحجم والامتداد الوطني ليتطور دورها في النهوض ولتكون قادرة على تشكيل الحكومات المقبلة.
اخليف الطراونة: مأسسة الكتل البرلمانية نواة لأحزاب.
وقال رئيس الجامعة الاردنية الدكتور اخليف الطراونة ان تطوير مفهوم الحكومات البرلمانية يتطلب من الكتل البرلمانية العمل ضمن برامج تتفق عليها بدل من ان تكون كتلا ضمن مجموعة من الافراد ضمن رؤى مختلفة، وان يتم تطوير برامج يتفق عليها الجميع.
وبين الدكتور الطراونة ان من المناسب ان تبدأ تلك الكتل برسم خطوط عريضة لبرامج يتفق عليها جميع افراد الكتلة بحيث تحقق استقرارا في قرار الكتلة وتوجهاتها ورأيها في الحكومة والبرامج المطروحة.
واقترح الطراونة ان تتوجه تلك الكتل نحو العمل الحزبي "وكأنها نواة لمشاريع احزاب"، وأن يفتح لها مكاتب خارج اروقة البرلمان لتتواصل من خلالها من الناخبين بحيث يتشكل راي عام اردني "كتلوي" حول برنامجها وتصورتها للعمل الحزبي المؤسسي.
وبين ان ذلك يشكل خطوة اولى لبروز احزاب قادرة على الساحة الاردنية لتحل مكان الكتل البرلمانية.
ودعا الى اعادة قراءة النظام الداخلي لمجلس النواب، وازالة كل التشوهات الموجودة فيه بما في ذلك التي تتعارض مع الدستور الاردني واضافة ما يمكن ان يحقق للكتل حالة من الاستقرار.
ومن مثل تلك الشروط، يرى الطراونة، ان من يلتحق بالكتلة لا يجوز له الانسحاب قبل مضي فترة 6 شهور على انضمامه ولا يقبل في غيرها الا بعد عام على الاقل، وان تعطى اولوية الحديث تحت القبة للكتل وأن يشجع العمل الجماعي.
وفيما يتعلق بموضوع "توزير النواب" قال الطراونة ان الدستور الاردني لا يمانع في ذلك وقد ورد حديث مفصل عن هذا الشأن في الورقة النقاشية لجلالة الملك، وحتى يعطى البرلمان فرصة حقيقية لتشكيل الحكومة فإنه لا بد من ان تتاح له ايضا فرصة الدخول في الحكومات الحالية لحين انضاج فكرة الحكومة البرلمانية الاردنية على ان يكون هذا التوزير في وزارات ليست خدمية حتى لا تستغل من قبل الوزير النائب لغايات انتخابية.
وبين انه من الممكن ان يصار الى اختيار نائب لرئيس الوزراء من النواب واخرين وزراء للشؤون البرلمانية والتنمية السياسية بحيث يعملون على تنشيط فكرة الحكومة البرلمانية من داخل الجسم الوزاري.
الدباس : آليات حقيقية لحماية حقوق الانسان.
واكد مفوض الحقوق والحريات في المركز الوطني لحقوق الانسان الدكتور علي الدباس أن ما تضمنته الورقة النقاشية من رؤى يمثل آليات حقيقية من اجل حقوق الانسان الاردني، مؤكدا ان تطبيقها يشكل نقلة نوعية في احترام حقوق المواطن.
وبين الدباس ان جلالة الملك اشار في ورقته النقاشية الى اهمية الوصول الى حكومات برلمانية فعالة وهو هدف في غاية الاهمية وفي حال تحقيقه فإنه يسهم في تفعيل حق المواطنين في المشاركة في ادارة الشأن العام.
وبين ان جلالته حدد الادوار المطلوبة من جميع الجهات بما فيها دور البرلمان في المساهمة الفاعلة في تجذير الديمقراطية وتعزيز قيم التعددية والتسامح وسيادة القانون وتعزيز مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات.
واشار الى ضرورة مساهمة المجلس الفاعلة والحقيقية لحماية الحقوق والحريات الراسخة لجميع المواطنين، والعمل على تطوير قانون انتخاب وصولا الى نظام انتخابي اكثر عدالة وتمثيلا يحمي التعددية ويغنيها ويوفر فرصا عادلة للتنافس الحر.
وأشار الى ضرورة تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب، وبلورة مدونة سلوك ملزمة تجسد الدور الفاعل للبرلمان في عملية وافراز حكومة تحظى بالرضا والتوافق من كافة الاطياف السياسية قوامها الكفاءة والقدرة على تحقيق الازدهار والامن لكافة ابناء الوطن من خلال برنامج عملي لمدة اربع سنوات تتم مراقبته من مجلس النواب.
واكد الدباس اننا ننظر بعين الامل الى ان يتم تطبيق ما ورد في الوثيقة وان تؤخذ على محمل الجد من الجميع لأنها تتضمن بنودا تعزز من ثقافة احترام حقوق الانسان وآليات لحماية حقوق المواطن في صناعة القرار والمشاركة فيه.