الحمار حمار !! ليس له قرار؛ مهما لف ّ ودار ، ومهما سمع و نهـّق طول النـّـهـار
بالأمس ذهبت الى المطار لتوديع صديقي العزيز عبدالجـبـّار ؛ الذي ترك البلد وطار ، وبعد أن ودعته ؛ قررت العودة الى الدار، لكني وأثناء مروري في صالة الإنتظار ، رأيت أناساً كثار، و لفت انتباهي أن معظمهم كانوا ختياريّة كبار؛ وعرفت لاحقاً أنهم مجموعة من التـّجار، كانوا يجلسون حول شخص يبدو عليه أنه من الأشرار .
ملابسه كان عليها عشرة أطنان غبار، ووجهه كانت تبدو عليه ملامح الغباء بدون أن أضطر وأستخدم لرؤيتها منظار ؛ ؛ شعره كان منفوشاً ومنكوشاً وكأنه واقع للتو من القطار ، منظره كان مضحكاً وطريقة ردوده كانت تدل على أن له عقل حمار ؛ فضلاً أنه كان يحمل في يده مسطرة وقلم وفرجار، وفي اليد الأخرى صندوق صغير به درنفيس ومفك ومسمار.
فقررت الوقوف والإنتظار؛ ريثما أرى ما سيسفر عن نقاشهم من قرار ، وفعلاً سمعت التجـار يطلبون منه حل المشكلة التي بينه وبينهم باختصار ، ورأيتهم يدعونه للتفاهم معهم بالمنطق و الحوار، معتقدين أنه سيفهم عليهم وأنهم قد يتوصلون معه الى قرار بفك الحصار.
وبعد برهة من الوقت ، ارتفعت الأصوات وحدث الشـّجار، لدرجة أنه سمعه كل من كانوا متواجدين لحظتها في المطار، وسمعه أيضاً كل الذين كانوا قادمين من معظم الأقطار وخاصة من دول الجوار .
ومن باب الأخوة في الله ومنعاً لتزايد حدة الشـّجار، قررت اقحام نفسي في الحوار، حتى أساهم في حل المشكلة، وحتى أعرف السبب وماحدث وماصار، فطلب مني ذلك الحمار ألا أحشـر أنفي بينه وبين أولئك التـّجار، وفجأة رأيته يرفع في وجهي سكيناً ويلوّح بطعني بالفرجار، إن لم أبتعد عن المكان في الحال وأنـفـّذ القرار.
الأمر الذي جعلني وحفاظـاً منـّي على الأمن والاستقرار، أفضـّل أن أبتعد قليلاً عن وجه ذلك الحمار ، وفضـّـلت أن أتكلم مع بعض التجار؛ الذين قلت لهم باختصار:ـ
إن الدعوة الى النقاش والحوار ياتجــّار ؛ موضوع ليس من السهل أبداً أن يفهمه أي مهبول أو أي حمار !!؟؟ لأنه حتى يكون الحوار حوار ؛ فإنه يجب أن يتم التوصل في نهايته الى قرار ، ومادام أن الدلائل تـُشـير كـلــّـها الى أن الوصول الى القرار سيكون صعباً بعد اجراء هذا الحوار ، فإنه ليس من الحكمة أبداً أن تتحاوروا مع حمار ، كما إنه ليس من الذكاء ؛ أن ترهقوا أنفسكم وُتتعبوا أيضاً معكم الحمار !!
ثم تركتهم وأنا متضايق جداً ومحتـار، وخرجت من باب المطار ؛ عائداً بأدراجي الى الـدّار.
وقبل أن أنهي معكم المقال يا أخوة وياشـطــّار ، أعلمكم بأنني غالباً أنصح الناس ؛ سواء كانوا صغاراً أو كبار ، وسواء كانوا حميراً أو أغنـاماً أو أبقار ؛ وأطلب منهم بألاّ يــُضـيّعوا وقتهم ووقت أي حمـار !!؟؟ لأن الحمار حمار ، ليس له قرار ، مهما لفّ ودار ، ومهما سمع و نهـّق طول الـنـّهـار.
طالب جامعي ـ اولى هندسة