الإسلاميون .. من الثورة إلى الدولة
قامت إحدى القنوات السلفية مؤخرا ببث ثلاث حلقات للمفكر الإسلامي الكويتي البارز الدكتور عبد الله النفيسي، تركزت آخر حلقة منها حول مستقبل الإسلاميين والحكم، وتعرّض الدكتور إلى تجربة حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة والضفة الغربية، وإلى تجربة حركة الإخوان المسلمين في كل من مصر وتونس، كما عرّج الدكتور في حديثه عن مستقبل الوضع اليمني والليبي.
وقد عرف د.عبد الله النفيسي كأحد أبرز المحللين والباحثين المختصين في الشأن السياسي الإسلامي، ورأيه النابع من حرصه على واقع الحركات الاسلامية واهتمامه بتطورها ونجاحها ، فتستحق كلماته الوقوف عليها بل إعداد لقاءات لنقاشها واسقاطها على التجرية الاسلامية في الأردن، ومن أهم النقاط التي ركز عليها الدكتور النفيسي في لقائه كانت:
أولا: الدخول في المشهد السياسي رويدا رويدا وبحذر، أي بتمثيل لايزيد عن 30% بحيث تكون نسبة مرجحةـ وفي نفس الوقت لا تتحمل المسؤولية السياسية كاملة، و حذر من تولي الإسلاميين لمنصب رئيس الوزراء هذا المنصب الذي سيضطرهم للتعامل مع كيماويات السياسة المرّة المكروهة شعبيا كلقاء رئيس وزراء صهيوني، وقبول ما يخالف معتقداتهم وشعاراتهم التي كانت سببا في اختيار الشعب لهم، كالقبول بالمفاوضات مع العدو أو الجلوس مع محاور التحالفات الأمريكية في المنطقة، موضحا ذلك بأن العالم ينقسم الى قسمين دول المركز ودول الأطراف، فدول المركز وهي تملك السيطرة على القمح والبترول والشرعية، ودول الأطراف وهي الدول التي تتأثر مباشرة بدول المركز لذلك فكون الدول العربية من دول الأطراف حاليا فلن يستطيع الإسلاميون تطبيق مايريدون حال وصولهم للحكم.
ثانيا: تجاوز العتبة الحزبية وعدم الاستقواء بالصندوق والتراجع عن الفكر الاقصائي بل الكياسة السياسية، فهي استثمار الصندوق دون مسح الطرف الآخر، والتبشير بخطاب إيجابي جديد من خلال ائتلاف وطني من النخب السياسية والاقتصادية للنهوض بالدولة وتحمل اعبائها.
ثالثا: تحقيق مصالحة مع رجال الأعمال للنهوض الاقتصادي في الدول التي قامت فيها الثورات.
رابعا: بما يخص الشأن المصري أكد الدكتور على ضرورة تعيين مبعوث مصري لشؤون دول الخليج حيث ستكون داعمة له.
خامسا: عرّج على المشهد الليبي ونصح بعدم استيراد دساتير غربية بل المضي حسب الأعراف المحلية، وحذر من تصدر الاسلاميين للمشهد السياسي في الجزائر اذ سيتسبب ذلك في حرب أهلية.
ولعل أهم النصائح التي كررها الدكتور النفيسي، هي التراجع عن الفكر الاقصائي والاستقوائي بالصندوق، وقد وصف ذلك بمغامرة الاكتساح واقصاء الآخر، فعلا هي مغامرة لأنها ستضع الإسلاميين وحدهم في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وستبقي الفرصة سانحة للاضطرابات وتغذية الفتنة الداخلية.
كنت أتمنى على الدكتور النفيسي أن يفيدنا بنصحه في قراءة المشهد الأردني لواقع الحركات الإسلامية المعاصرة ، فالواقع الذي نعيشه حاليا يحتاج إلى محلل بصير إذ أصبح الحليم حيراناً، فمع دعوات المبادرات الإسلامية الجديدة من هنا وهناك، وروح الشباب الإسلامي التي تدعو للتغيير حتى في قلب هيكلية الحركات الإسلامية، وعبير الربيع العربي الذي يغدو ويروح في نسيم وطننا الغالي، لا أستطيع أن أقرأ نسبة تصويت بلغت 99% في اجتماع هيئة عامة لإحدى النقابات المهنية التي هيمنت عليها الحركة الإسلامية لأكثر من عشرين عاماً إلّا تغريداً نشازاً في الوقت الخطأ، فهناك فرق على حد قول الدكتور النفيسي بين الافحام والإقناع، ونعود لنسأل ذات السؤال الذي طرحه د.النفيسي أهي مغامرة بين حدي الاكتساح والإقصاء؟