هل ينتظر الأردنيون نكبة البرامكة الجدد؟!
سألني أحد الأصدقاء العرب عن الحراك الأردني؛ هل هو ضد الحكومات أم ضد النظام؟!، وسألني أيضا عن سر الحريات الأعلامية ذات السقوف العالية مقارنة بالعديد من الدول العربية وخاصة تلك التي اجتاحها مايسمى بالربيع العربي؛ وهل ثمة جهات اردنية تسعى من خلال نفوذها لتأزيم العلاقة بين الشعب والملك لتخلوا لها الساحة !!.
وفي الإجابة على تساؤلات صديقي يمكن القول : أن الحراك السلمي الذي تشهده المملكة منذ عامين هو في حقيقته مطلب ملكي؛ فعندما يكلف الملك رئيسا للحكومة فلايعني ذلك أن الملك يمنح ذلك الرئيس "صك غفران"؛ فهو يتوسم به العمل لتحقيق رؤاه وفي ذات الوقت فهو يجعله تحت الرقابة المباشرة للشعب الأردني، ويتوقع الملك ان يكون الشعب عينا للملك على أعمال الرئيس وحكومته؛ وعليه؛ فالحراك السلمي ماهو الا مؤشر لمساعدة الملك على تقييم حكومته ومحاسبتها؛ وبذلك يكون الحراك عونا للملك ومطلبا لسلامة حكمه!!.
أما الإجابة على سر الحريات الإعلامية ذات السقوف العالية في الأردن؛ فهذا مايجسده كرم وتسامح الهاشميين على مر التاريخ؛ فالكاتب أو المعارض الأردني لبرامج الحكومة لديه قناعة تامة أن الحكومة إذا ما اقدمت على اعتقاله فإن أمرا ملكيا سيصدر بالعفو والإفراج عنه؛ وهذه القناعة تشكل الدافع الرئيس والضمانة الحقيقية للديمقراطية الأردنية التي نعتز بها في الأردن ويحرم منها معظم شعوب الأرض؛ ولكننا نسعى دائما نحو المزيد من التحسين المستمر لهذا النهج الحضاري!.
وبقي إجابة التساؤل الأهم حول الجهات الاردنية التي تسعى من خلال نفوذها لتأزيم العلاقة بين الشعب والملك لتخلوا لها الساحة لمحاولة إبعاد الأردنيين المخلصين عن المواقع الهامة في الدولة الأردنية، وإقناع الملك بأن المخلصين الأردنيين ماهم إلا فئة معارضة لنظام حكمه؛ وإن حراكهم ضد النظام وليس ضد الفساد والمفسدين؛ وهذه الجهات عظم نفوذها فأصبح شبيها بنفوذ البرامكة في عهد هارون الرشيد!!!.
البرامكة الجدد يريدون الولاء لهم وليس للملك ويريدون الملك لهم وليس لكافة أبناء شعبه؛ وهذا ما يفسر سياسة بعض الحكومات وبعض الوزراء في اقصاء وتهميش الكفاءات الوطنية وحرمانها من الوصول للمواقع المتقدمة في الدولة؛ في حين نلحظ تقدم الرويبضة وسيطرتها المستدامة على هذه المواقع!!!.
وكما كان هارون الرشيد ذكيا، وعرف نفوذ البرامكة ، وفي غضون ساعات أنهى أسطورتهم و سلطتهم داخل الدولة العباسية في معركته ضدهم والتي سميت ب " نكبة البرامكة"؛ فإننا على يقين بقدرة وريث الدولة العباسية الهاشمية على نكبة البرامكة الجدد وهذا النصر المبين الذي ينتظره الأردنيون!!!.