الرئيس يغادر العناية الحثيثة بعد (10) أيام..!
أصدر رئيس حكومة دولة "ثانستان"، وهي دولة تنتمي لمجموعة دول منطقة إقليم "غامستان" المنحازة لإقليم "ثعلبستان" بياناً عشية صدور مرسوم بتكليفه برئاسة الحكومة الثانستانية الجديدة، قال فيها بأنه سيعمل على تشكيل حكومة بيضاء نقية، وبأنه لن يأتي إلاّ بوزراء أنقياء أتقياء أقرب إلى الوعّاظ والنُسّاك منهم إلى رجال السياسة والفُسّاق، وذلك حتى يفوّت الفرصة على المتربصين للطعن بحكومته وبشرعيتها السياسية والقانونية والدينية على حدٍ سواء..!
وفي أول رد فعل على تصريحات الرئيس، قال مختار عشيرة "الأسود الحمر" وهي عشيرة ذات نفوذ وقوة تتخذ من مدينة "كونستركتر" جنوب إقليم "ثانستان" مقراً لها، ويتمتع مختارها بثقة كبيرة في الوسط العشائري والرسمي، قال بأنه سيدعم توجّهات الرئيس، وبأنه يؤيد كل ما جاء في بيانه، وأكّد بأن عشيرته سوف تراجع موقفها السابق من شخص الرئيس الذي كانت تعتقد بأنه لن يقدّم جديداً لدولة تواجه تحديات الاستدامة..!
أما رئيس مجلس ممثلي الشعب، فأدلى بتصريح مقتضب تعقيباً على بيان الرئيس عبّر فيها عن استغرابه من كلام الرئيس المكلّف، وبأنه لم يفهم شيئاً مما يرمي إليه، وأكّد بأن الرؤية الواضحة كان يمكن أن تُشكّل بوابة حقيقية للحوار مع الرئيس والتفاهم على شكل الحكومة التي سيقودها بعيداً عن الكلمات الطنّانة، والعواطف الرنّانة التي لا تعبر إلاّ عن وعود حالمة من الصعب تحقيقها، إلاّ إذا كان الرئيس غير مدرك لذكاء الناس وقدرتهم على تحليل الأمور والحكم على الأشياء بموضوعية وحياد..!
وعندما كان الرئيس يتحاور مع الأطياف المجتمعية الرئيسية في الدولة ليعرف ما تفكّر فيه النخب السياسية في المجتمع، كان في كل مرة يظهر بمظهر الناسك، ويعبّر عن آماله في تشكيل حكومة وُعّاظ، ولكن بغطاء سياسي شعبي، وكان يؤكّد بأن مثل هذه الحكومة لا بد أن تحظى بثقة الشعب، ما سيمكّنها من منح مجلس الشعب مكانة سامقة وإعادة ما فقده المجلس من هيبة على مدار السنوات الفائتة، وأن هذه الحكومة ستكون معصومة عن اجتراح ما يزعج مجلس الشعب أو يُغضب أسود الغابة وديناصوراتها فقط..!
أما الصدمة فكانت أن الرئيس لم يستطع إقناع كل النخب بعبقريته، ولا يزال يحاول اختراق بعض العقول، لكن بياناً شديد اللهجة كان قد صدر عن جماعة وطنية سياسية شعبية حملت فيه على الرئيس واتهمته بالمراوغة السياسية والتضليل، وأعلنت ندمها على التوافق المبدئي معه..!!
وفيما كان الرئيس يحاول الخروج من حالة الحرج الشديدة التي وقع فيها، إذا به يُفاجأ بتصريحات لاذعة رفيعة المستوى تنتقد أداء نخب سياسية وأمنية مخضرمة، ما وضعه في دائرة حرج جديدة، فما كان يُعوِّل عليه في النهار تلاشى في الليل، وهو الآن في غرفة العناية الحثيثة يحاول أن يسترد أنفاسه بعد كل هذا الحرج، ويفهم ما يفعله، وقال ناطق غير رسمي باسمه بأن حالة الرئيس المكلّف مستقرّة، على الرغم من أنه في وضع لا يُحسد عليه، وأنه سيغادر غرفة العناية الحثيثة خلال عشرة أيام، ليخرج على الناس بحكومة كبيرة لكنها خفيفة الوزن، وسوف تحصد أصوات تمنحها شرعية منقوصة، وسوف تضع عنواناً للمرحلة يقول: (النصف زائد واحد وضعها سخيف ولا يحسمها إلاّ حصيف...!!!).