رسالة من مدير الحراج المقال إلى غابات الوطن
سابقى وفيا لك يا غابات وطني
...سابقى حارسا لك وخادما لترابك الطهور ...سأزورك وأجلس تحت أشجارك العتيقة ...واتنسم هو...ائك العليل ...وأطيل الجلوس وأتفياء ظلالك واتلمس اغصانك الحانية ...ساقبلها... واذرف الدمع سخيا على كل شجرة تقطع أو تموت من أشجارك العزيزة ..كيف لا وأنتي رفيقة دربي ومعشوقة قلبي في هذه الدنيا الفانية...كيف لا وأنا بدأت على هذه البسيطة وعشت طفولتي وصباي وشبابي بين أشجارك ...نعم ...خدمت لسنين قليلة وانا مسئولا عن دارتك العتيقة( دائرة الحراج) مرت بعذاباتها وبمر أياماها... وبمعاركها ...بشتاءها البارد حيث تمتد يد آلاثمين لبتر أشجارك فكنت اخرج في جوف الليل اتعقبهم ..واقف لاأمسح الحزن عن أشجارك واواسيك على من فقد منها ...وصيفا حيث حرائق الغادرين تجتاح خضرتك لتحيلها الى سواد وتحيل هواءك العليل الى غبار الرماد ...كان قلبي يبكي على كل شجرةتقضي في تلك النيران الغادرة وتنساب دموعي أسى وحسرة على كل ورقة تغادر عيني عن أغصانك الطاهرة ...لم اكتب كلمة يوما تغضبك ولم اساوم يوما عليك لاستبدالك با اكوام الحجارة والحديد...لم اوقع يوما على قرار ظالم بحقك يا رفيقة دربي... رغم الخطوب ...ورغم المحن التي عشت ...سا محيني يا غابات بلادي ان قصرت يوما بحقك ...او زاغ بصري لشيء لامع عنك...سامحيني فأنا اليوم لا املك قرارا يمسك ...سامحيني فقد كسرو قلمي... اليوم وانا ألملم اوراقي ودفاتري وذكرياتي وأرحل من دائرة حراجك العتيقة ...بعد أن احكموا ورسموا وخططوا ...لرحيلي ...لست حزينا لما أصابني من غدر الغادرين ...أنا حزينا عليك انتي يا من تزينين هامات وطني يا من نبتت جذورك وتشبثت بحبات ترابه الطهور ..وتسللت تلك الجذور الى قلبي فأصبح جسدي جزءا من ترابك الحبيب ... سامحيني يا غابات بلادي.. يا سنديان عجلون القديم ...سا محيني يا أشجار القيقب واللزاب في جرش...ويا أشجار البطم في وادي البطم ...وأشجار الزعرور واللوز والخروب في جبال السلط وزي...سامحيني يا أشجار الغضاء والطلح في أعماق الجنوب ...سامحيني يااشجار العرعر في الطفيلة وضانا...سامحني أيها الشيح والقيصوم في صحراء معان ...سامحيني يا أشجار النخيل القديم في مادبا وجبل نيبو ...يا شجر الاراك في الاغوار ...سامحيني يا اشجار الملول في اربد وفي بني كنانة الخير ويا شجرة القينوسي في لواء الكورة ...
سامحيني ياغابات دبين ...يوما فقد خسرت معركة الدفاع عنك في غابر ألايام... هل قبلت مسامحتي يا أشجار بلادي وغاباته الندية ....ماذا اقول وانا الجندي الذي كبلوا يدية .. اتسمحين لي بطلب بسيط ...ان أدفن يوما تحت ظل أشجارك وتحت ترابك الطهور لتقر عيني بك بالحياة وبعد الرحيل ....