الشرطة الجامعية.. لما .. لا !!
إذا كانت منظّمات التعليم العالي، واتحاد الجامعات العالمية، قد حجّم دور التدخل الأمني في الجامعات، لتكون منارات علّم تسودها الديمقراطية، بعيداً عن القوة، والعنف في التعامل مع هذه الشريحة الواسعة من أبناء الوطن. ولأكن لنعلم أن التعليم العالي في الأردن ما زال في هذا الوقت يحتضر، نتيجة لغياب الخطط الممنّهجة في الرقي بجامعاتنا، بالإضافة للتنوع في الأنشطة اللامنهجية، ومعالجة مشكلة الفراغ داخل أروقة الجامعات، والذين لا يحسنون توظيفه في الاستفادة في من مرافق ألجامعه والتي تغذي طلبتنا في كافة الجوانب الأكاديمية.
بات الأمن الجامعي عبئاً على الجامعات لا بل جزءاً من المشكلة نتيجة انتماء البعض منهم لتيارات معينة، لا بل تجذبهم العشائرية للتدخل مع جهة دون الأخرى، بدلاً أن يكونوا محايدين، لا بل يطفئوا شرارة العنف قبل انطلاقها. فالأمن الجامعي جاءوا بعد عملاً دؤوب في مؤسساتنا الأمنية، ولذلك استنفذ الجزء الأكبر منهم طاقاته في كيفية التعامل مع العنف الجامعي، لأنهم يعتقدون أن هذه الوظيفة هي مجرد استراحة محارب لا تتطلب أي جهداً يذكر، لذلك يقضي البعض منهم في محادثات جانبية مع زملائهم بدون الانتباه إلى ما يدور من صراعات وتكتلات داخل جامعاتنا، وبخاصة أن التحشيد للمشاجرات الجامعية يتطلب وقتاً ليس بالقصير ومع ذلك فالأمن الجامعي آخر ما يعلم عن هذا التخطيط الممنهج للعنف.
فالشرطة الجامعية ليش حلاً مثالياً لمشكلة العنف الجامعي، لأكن مع عجز الدولة عن معالجة هذه المشكلة التي تؤرق مجتمعنا الأردني، بالإضافة لغياب الدعم اللوجستي من الأجهزة الأمنية، والتي تعلم جيداً ما هي الجامعات التي تسودها العشائرية والجهورية والمنطقية؟ ومع ذلك تكتفي بالاستنفار وقت وقوع المشاجرات والتي تخلّف العديد من الإصابات والدمار في مرافق الجامعات والتي بنيت من دماء الأردنيين.
لا أعلم ما هو سرّ غياب الدولة عن الحدّ من هذه الظاهرة الخطيرة؟ وكأنها تخاطب الشعب أن الديمقراطية التي تريدونها باتت صعبة المنال، لأن شباب الوطن غير مؤهل لممارسة العمل الديمقراطي بكل حرية، لا بالعكس يستغلونها بشكل غير مثالي، مما يقدّم حجة واهية للدولة لتقليص الدور الديمقراطي الذي يمارسه الشباب، ونعود لسنوات لا نتمنى الرجوع اليها.
أصبح بعض رؤساء الجامعات يعيّنون وفق المحاصصة، والمحسوبية بدون أي خبرة إدارية تذكر، لا بل يكتفي بانجازاته الأكاديمية على حساب قوة الشخصية، والتي باتت مطلباُ يمتاز به القائمون على الجامعات دون الخضوع لمؤسسات أصحاب القرار، والتي تتدخل في التعيينات لا بل في اختيار أعضاء الهيئة التدريسية وتوزيع المغانم الجامعية من المنح، والقروض على الطلبة المحسوبين عليهم، فكثير من رؤساء الجامعات عيّن في السابق عن طريق مكالمة هاتفية أو صداقة جامعية.
ولا نبرر لعلماء الاجتماع، وعلم النفس، والإنسان في معالجة هذه المشكلة الخطيرة عن طريق إجراء العديد من الدراسات البحثية على هذه الظاهرة، والخروج بالتوصيات المناسبة وتقديمها لأصحاب القرار لعلها تجد آذاناً صاغية.