النقد الجندري: تمثلات في الكتابة النسائية للمغربي عبد النور إدريس

المدينة نيوز- صدر حديثا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بعمان كتاب بعنوان النقد الجندري: تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية للناقد والباحث الدكتور عبد النور إدريس.
يناقش الكتاب الذي يقع في 232 صفحة من القطع الكبير نظرية النقد الأدبي النسائي ( النقد الجندري) مبينا ان الاهتمام بالكتابة النسائية يتطلب التسلح المعرفي بالقضايا الجندرية، خاصة أخذ الحيطة والحذر مما تنتجه اللغة من معاني (تحجرت) في المعجم الذكوري وفي سياقاته، فانعكست تلك الهيمنة على قراءة النص النسائي، فتمثلت المرأة هامشا في اللغة والخطاب .
وكشف المؤلف ان النقد الأدبي النسائي وهو يوظف مقاربة النوع الاجتماعي ينطلق من كون الجندر مفهوم يهيكل الإدراك والتنظيم الرمزي لسائر الحياة الاجتماعية، من خلال الرموز والطقوس الثقافية، والمفاهيم الناتجة عن الدلالات والمعاني الرمزية الواردة في مختلف المذاهب الدينية والعلمية والتعليمية، وتحدد بشكل يقيني وموحد معنى كل من الرجل والمرأة والمذكر والمؤنث.
ويرى ان النقد الأدبي النسائي يحقق انسجامه مع النقد الثقافي، بما هو نقد يستطيع تحويل الرؤية المعرفية للمرأة إلى علاقات نصيّة، نقد يرصد الأنثوي ويقرأ النص الأدبي للمرأة بمرجعية نقدية منفتحة على كل الإطارات النقدية السابقة، فهو يصغي إلى الشفرات المؤنثة المبثوثة في النصوص، ويدرك إيحاءاتها التي تعلن عنها مجمل الفروق الجنسية، لا فيما يتعلق ببنائها المادي الفيزيولوجي أو ببنائها الثقافي والاجتماعي.
يطرح الباحث أسئلة جديدة حول التِّزْواج بين الأدب والنوع الاجتماعي الذي ينخرط هذا الكتاب في بناء إرهاصات وهو ما يُغني الخطاب الأدبي وينعكس بالإيجاب على الحقل المنهجي، في سبيل تمكين القارئ من فهم الإشكال الأساسي الذي يثيره الطرح المؤنث داخل النص وخارجه، خاصة الكيفية التي ينفلت بها الإبداع الأنثوي من الرقابة الذكورية بايجاد نص مختلف.
يلامس الكتاب مفهوم الجندر بالرغم من كونه مفهوما إشكاليا، اذ يسهٍّل على الدارس عملية فك رموز المعاني والدلالات التي تمنحها الثقافات للفوارق الجنسية حيث يمكن استعماله أداة تحليلية، فبالإضافة لانتقاده للتصورات السائدة والمؤسسات والقيم الاجتماعية والثقافية، بإمكانه أيضا بناء معارف وتصورات جديدة في الأدب والفن والفلسفة والقانون دون ان يلغي أو يهمش الفوارق البيولوجية القائمة بين الرجل والمرأة على اعتبار أن هذه الفوارق مبرمجة في طبيعتنا كبشر.
وتبعا لذلك جرى توزيع محتويات الكتاب إلى فصول وعناصر فرعية منها الكتابة النسائية بين البُعد المرجعي والبُعد الأدبي وفيه يتناول مشكلة الأدب النسائي المصطلحية والمفهومية، والمراحل التي مرّ منها، وأسئلة النقد النسائي والنوع الاجتماعي وفيه يقدم مدخلا لفهم المصطلحات والمفاهيم، وهي تَمنح النقد الأدبي النسائي أداة للتفكير والمقاربة، فتطرق إلى بعض المدارس النقدية بالتحليل خاصة البنيوية التكوينية والسيميائيات والتفكيكية، دون إغفال بعض الصفحات المشرقة للكتابة النسائية الانجليزية، حيث تم التعرف على أهم رائدات النـزعة النسوية الغربية كسيمون دي بوفوار وجوليا كريستيفا وفيرجينيا وولف وروسي إيريغاري.
وفي الفصل الثالث المعنون النقد النسائي: الواقع النظري وآفاق التطبيق يبحث في جانبه النظري واقع النقد النسائي وتمايزه والنقد النسوي، واختلافهما على المستوى المصطلحي والمنهجي، ويخلص فيه إلى أن المنحى النقدي الذي نسج منه الخيوط الأساسية لموضوعاته تتجلى في توظيف مقاربة النوع الاجتماعي لرؤية الكتابة النسائية من الداخل.
(بترا)