مكافحة الفساد تفتح ملف المستشارين الاعلاميين .. واكثر الفساد في البلديات
المدينة نيوز - مشهور ابوعيد - قال رئيس هيئة مكافحة الفساد الدكتور عبد الشخانبة ان الهيئة سجلت تزايدا في قضايا اساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة واصبحت تشكل حوالي 25 بالمئة من اجمالي القضايا المسجلة خلال الشهور الستة الاولى من العام الحالي وعددها وصل الى 432 قضية.
واضاف الدكتور الشخانبة في حوار مع اسرة وكالة الانباء الاردنية (بترا) اداره مدير عام الوكالة الزميل رمضان الرواشدة ان غالبية القضايا تتركز في القطاع العام وتتزايد في البلديات خصوصا في مجال تقديم الخدمات وقرارات تعيين الموظفين دون مراعاة للعدالة، مشيرا الى ان الهيئة احالت اخيرا الى القضاء رئيس وعددا من موظفي احدى البلديات بشبهة فساد.
وكشف الدكتور الشخانبة عن احكام قضائية صدرت في 35 قضية احالتها الهيئة الى المحاكم المختصة وادين اصحاب العلاقة في معظمها ،حاثا المواطنين على محاربة "الثقافة المجتمعية التي تعلي من شان الفاسد" من خلال التعاون مع الهيئة بالابلاغ عن افعال الفساد ومرتكبيها.
واكد ان غالبية حالات افعال الفساد التي تشهدها الادارة خصوصا في البلديات الغاية منها تحقيق منافع شخصية لمرتكبي فعل الفساد على حساب الوظيفة العامة "وبتغطية قانونية يجب كشفها وفضح مرتكبيها".
وقال ان القوانين الاردنية حازمة ورادعة ولكنها تحتاج الى الية تنفيذ قوية لتعزيز جهود مكافحة الفساد في المملكة، مؤكدا في هذا المجال اثر تعاون المواطنين في التسهيل على الهيئة في مكافحة الفساد.
ولفت الى ان لدى الهيئة توجها بان يترافع المدعون العامون العاملون في الهيئة امام المحاكم ببعض القضايا التي يحققون فيها والتي تحمل طابع الاهمية "كونهم الاقدر على المرافعة خاصة وانهم جمعوا الادلة".
وفيما يتعلق بالمستشارين الاعلاميين العاملين في المؤسسات الرسمية، قال الدكتور الشخانبة ان الهيئة ستتابع موضوع المسشارين الاعلاميين للتحقق من مدى فاعليتهم في خدمة المؤسسات التي يعملون فيها ومدى ممارستهم لعملهم والتاكد من ان الهدف من التعيين خدمة المؤسسة "وليس لغايات التنفيع".
وفي موضوع البنوك في الاردن قال الدكتور الشخانبة ان البنوك شركات مساهمة عامة وان قانون الجرائم الاقتصادية اعتبر مال البنوك مالا عاما وبالتالي تخضع لصلاحيات الهيئة مشيرا الى ان الهيئة تعتمد في تعاملها مع قضايا البنوك من خلال البنك المركزي بصفته الرقابية والاشرافية وبيت خبرة.
وتناول رئيس هيئة مكافحة الفساد موضوع الشركات المساهمة العامة، وقال ان الهيئة تتابع قضايا سجلت بحق شركات مساهمة عامة والطلب من مراقبة الشركات تشكيل لجنة تدقيق في حسابات شركات اخرى سجلت بحقها قضايا لدى الهيئة مؤكدا ان الهيئة لن تتوانى عن متابعة اية قضايا بحق هذه الشركات.
وعودا على مجموع القضايا التي نظرتها الهيئة خلال الشهور الستة الاولى من العام الحالي قال الدكتور الشخانبة ان دائرة المعلومات والتحقيق في الهيئة، نظرت خلال الفترة المذكورة 432 قضية مختلفة من قضايا الفساد الواردة في قانون الهيئة.
واوضح ان الهيئة حفظت 31 قضية من هذه القضايا لعدم وجود شبهة فساد فيها، واحالت الى مدعي عام الهيئة خلال تلك الفترة 50 قضية وجدت فيها حالات فساد تستدعي احالة اصحاب العلاقة فيها الى الادعاء العام للتحقيق معهم ومن ثم احالتهم للجهات القضائية المختصة لمحاكمتهم وايقاع الجزاء العادل بحقهم.
اما ما انجزته دائرة الادعاء العام في الهيئة خلال هذه الفترة فقد بلغ وفق الدكتور الشخانبة 92 قضية قامت بالتحقيق مع اصحاب العلاقة فيها واحالت للجهات القضائية المختصة 67 قضية منها لوجود شبهة فساد مثلما احالت قضيتين من اجل تحديد المرجع المختص مشيرا الى ان 23 قضية لا تزال قيد النظر.
وقال الدكتور الشخانبة ان القضاء اصدر احكاما في 35 قضية كانت الهيئة احالتها له،وتمت في معظمها ادانة اصحاب العلاقة فيها واصدار احكام بحقهم ، مبينا ان الهيئة تعاملت خلال الفترة المذكورة مع 432 قضية من خلال دائرة المعلومات والتحقيق، فيما تعاملت دائرة الادعاء العام مع 92 قضية، شملت القطاعين العام والخاص، مشيرا الى ان اكثر القضايا كانت في نطاق القطاع العام وتتعلق بالوزارات والدوائر الحكومية بالاضافة الى البلديات.
وعن نوعية هذه القضايا، قال الدكتور الشخانبة انها تشمل اعداد مصدقات كاذبة وتزويرها وقضايا اختلاس واحتيال وتزوير ورشوة واستثمار وظيفة ومخالفة لقانون الغذاء والدواء وتقليد خاتم ادارة عامة واستخدامه وقضايا اخلال بواجبات الوظيفة العامة وقضايا لها علاقة بالفساد الاداري والمتمثلة بعدم احترام القوانين والانظمة والتعليمات، وعدم المساواة بين المواطنين في تقديم الخدمة او في التعيينات واساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة العامة خصوصا في البلديات.
وعن انتشار اساءة استعمال السلطة، ونسبتها بالنسبة لباقي قضايا الفساد خاصة في القطاع العام قال الدكتور الشخانبة ان 25 بالمئة من القضايا التي تلقتها دائرة المعلومات والتحقق خلال الشهور الستة الاولى من العام الحالي تشتمل على ادعاء بان هناك اساءة استعمال سلطة تتمثل بالاخلال بواجبات الوظيفة وعدم التقيد بالقوانين والانظمة واتخاذ قرارات ادارية خاطئة وعدم تحقيق العدالة والمساواة.
ولفت الدكتور الشخانبة الى انه ليس جميع الادعاءات حقيقية حيث يحفظ قسم كبير منها لعدم صحة الادعاء وتتم احالة الباقي اذا تبين اساءة استعمال السلطة للجهات القضائية المختصة.
وردا على سؤال حول اذا ما قدم جميع المسؤولين اقرارات بذممهم المالية لدائرة اشهار الذمة في وزارة العدل، قال "لغاية الان لم يتم اخبار هيئة مكافحة الفساد من قبل الدائرة عن اي شخص تاخر في تسليم اقرارات الذمة المالية وكذلك لم تقدم للهيئة اي شكوى بخصوص اثراء غير مشروع".
وبين ان قانون اشهار الذمة المالية يقضي بان تقدم الشكوى المتعلقة بمقدم الاقرار معززة بالبينات والوثائق الى رئيس محكمة التمييز ليقوم بدراستها واذا ثبتت جديتها يقوم باحالة الشكوى مع اقرارات الذمة المالية الى هيئة من هيئات فحص اقرارات الذمة المالية لتدقيقها، لافتا الى انه اذا تبين وجود دليل كاف على اثراء غير مشروع فعلى الدائرة احالة الاوراق ونتائج فحصها وتدقيقها الى الجهات المختصة بالتحقيق والمحاكمة.
وتابع "لم يردنا من دائرة اشهار الذمة المالية اي مخاطبة بهذا الخصوص".
وردا على سؤال حول الحلول المستخلصة لمواجهة اساءة استعمال السلطة والاهمال بواجبات الوظيفة واستثمار الوظيفة وهي ابرز القضايا التي ما زالت قيد التحقيق في الهيئة والتي سجل معظمها بحق موظفين في القطاع العام ،قال الدكتور الشخانبة ان عمل الهيئة يركز على الجانب العلاجي والمتمثل بالكشف عن قضايا الفساد والتحري والتحقيق فيها واحالة مرتكبيها للجهات القضائية المختصة لايقاع الجزاء العادل بحقهم.
كما تركز الهيئة على الجانب الوقائي الذي ركزت عليه الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والمتمثل بالوقاية من الفساد والغاية منه تقليل فرص حصول الفساد من خلال سد الثغرات في التشريعات واجراءات العمل وتبسيط بيئة الاعمال، وتعزيز قيم النزاهة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
واشار الدكتور الشخانبة الى محور مهم من عمل الهيئة وهو محور توعية المواطنين بمخاطر الفساد المختلفة على خطط التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئة الاستثمارية والسمعة الدولية للاردن.
واضاف "من هنا ياتي دور الهيئة في هذا الجانب حيث ان هناك دائرة مختصة فيها هي دائرة الوقاية ومن مهامها مراجعة التشريعات واجراءات العمل وبيان اي ثغرات فيها ومن ثم التوصية للمسؤولين بذلك".
واشار الى تعزيز التعاون والتنسيق بين الهيئة والجهات المعنية، وبخاصة وزارة تطوير القطاع العام ومعهد الادارة العامة في كل ما من شانه تطوير الادارة العامة وسد الثغرات في التشريعات واجراءات العمل، وتأهيل الموظفين وتدريبهم وتعزيز قيم النزاهة ومحاربة الفساد لديهم.
وقال ان هيئة مكافحة الفساد حديثة النشاة وتحتاج الى تاهيل وتدريب موظفي الهيئة تاهيلا متقدما في مجال الكشف عن قضايا الفساد والوقاية منه بعيدا عن الاساليب التقليدية المعروفة.
وبين ان التطور الذي يشهده العالم في جميع المجالات خاصة في مجال التكنولوجيا والمعلومات يستدعي تعزيز القدرة على التعامل مع هذه الموضوعات، "فاحيانا يكون الفساد معقدا ومغطى بالقانون ولكن نشعر بالرغم من ذلك ان هناك فسادا وهذا يتطلب الخبرة المتقدمة والتعامل مع الاساليب الحديثة والمتطورة للكشف عنه ومعرفته".
واكد الدكتور الشخانبة حرص الهيئة على الافادة من الخبرة الاوروبية المتطورة في هذا المجال ،مشيرا الى انها عقدت عدة دورات شارك فيها خبراء على مستوى عال من الاتحاد الاوروبي واستفاد منها موظفون في الهيئة وفي عدد من الدوائر الحكومية، وارسلت عددا من موظفيها للاطلاع على تجارب فرنسا والنمسا في مجال مكافحة الفساد.
واضاف ان الهيئة سعت مع المفوضية الاوروبية للافادة من تجربة الاتحاد الاوروبي في مجال مكافحة الفساد وتوأمة الهيئة مع احدى هيئات مكافحة الفساد في الاتحاد الاوروبي وتم عقد العديد من اللقاءات في هذا المجال ومن المتوقع اخراجها الى حيز التنفيذ في الربع الاخير من هذا العام.
واكد الدكتور الشخانبة ان مكافحة الفساد عمل جماعي تشارك فيه جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية بالاضافة الى البرلمان والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والمواطن، مضيفا ان الهيئة بذلت خلال العام الحالي جهودا كبيرة لتنسيق جهود التعاون مع المؤسسات المعنية وتم بهذا الخصوص توقيع مذكرات تفاهم بين الهيئة ودائرة المواصفات والمقاييس، ودائرة الاراضي والمساحة، وستوقع خلال الاسابيع المقبلة مذكرات تفاهم مع مديرية الامن العام ووزارة التربية والتعليم ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون وغيرها.
وعن الفائدة من مذكرات التفاهم قال انها تتمثل بزيادة التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات والافادة من الخبرات المتوفرة في الهيئة والادعاء العام، مؤكدا اهمية هذه المذكرات في تعزيز قيم النزاهة والعدالة في العمل، وادخال ثقافة مكافحة الفساد في المساقات الدراسية للمدارس والجامعات.
وردا على سؤال حول حجم الضرر المالي الذي تتكبده الدولة سنويا نتيجة الفساد قال الدكتور الشخانبة ان الاضرار المالية الناجمة عن ارتكاب قضايا الفساد كبيرة جدا،" فهناك قضايا اختلاس واستثمار وظيفة عامة ورشوة وغيرها من قضايا الفساد، ولكن اثار الفساد لا تقاس بالاثر المالي فقط الذي لا يمكن حصره في جميع قضايا الفساد المرتكبة".
وتابع قائلا "يجب النظر الى اثار الفساد الاخرى والمتمثلة بتاثيره في خطط التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتاثيره في الديمقراطية والمؤسسية واحترام القانون والحاكمية الرشيدة والثقة بالمؤسسات الوطنية، بالاضافة الى انتشار الفقر والبطالة وتدني الخدمات المقدمة للمواطنين وتاثيره في الاستثمار والمساعدات الخارجية، بالاضافة الى انتشار السلبية في المجتمع واللامبالاة وانتشار الجريمة والحقد والكراهية بين افراد المجتمع مؤكدا اثر هذه الاضرار ودورها في احداث "دمار على المجتمع باكمله وفي المؤسسات والاجهزة المختلفة".
وقال "لذلك فاننا في الاردن حريصون على مكافحة الفساد والوقاية منه".
وبهذا الخصوص قال ان الاردن تقدم في ترتيب تقارير الشفافية الدولية ويشغل وفق اخر تقرير للبنك الدولي المرتبة 31 من اصل 216 دولة اي بنسبة 1ر69 بالمئة في مجال مكافحة الفساد على مستوى العالم، مؤكدا ان الاردن يكاد يكون من اوائل الدول العربية التي تكافح الفساد.
يذكر ان الهيئة التي باشرت العمل في الاول من كانون الثاني العام الماضي تعمل على مكافحة الفساد وتقليل فرص حصوله من خلال سد الثغرات في مجالات التشريع والتعليمات ودراسة بيئة الاعمال والتاشير على الثغرات فيها وتعزيز قيم المساواة والعدالة بين المواطنين بالاضافة الى التوعية باهمية مكافحة الفساد والكشف عن مرتكبي فعل الفساد واحالتهم للجهات القضائية المختصة وايقاع الجزاء العادل بحقهم.