في اليوم العالمي للكتاب : مثقفون يطالبون بتوسيع دائرة اتفاقيات الملكية الفكرية
المدينة نيوز- يعتبر الثالث والعشرون من نيسان تاريخا رمزيا للاحتفال بيوم الأدب العالمي الذي اعتادت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التذكير به كل عام ، لدلالات ثقافية معينة في تاريخ ثقافات الشعوب ، كيوم وفاة (شكسبير) و(سرفانتس) وغيرهما من الكتاب .
وأتاحت هذه المناسبة الفرصة لاكتشاف عالم الكتاب بجوانبه المتعددة وتقديره والتعمق فيه، ويعني ذلك أن الكتاب وسيلة للتعبير عن القيم وواسطة لنقل المعارف ، ومستودع للتراث غير المادي ونافذة نستشرف منها على التنوع الثقافي وهو وسيلة للحوار ومصدر للثراء وثمرة لجهود المبدعين، الذي يكفل قانون حقوق المؤلف حمايتهم.
تقول الروائية الدكتورة شهلا العجيلي ان اليوم العالمي للكتاب والملكية الفكرية نستذكر فيه من صنع ذاكرتنا وشخصيّتنا وحضورنا , مشيرة الى ان المشتغلين في عالم الأدب والثقافة تعدّ الكتابة حرفتهم والكتاب أداتهم .
وتؤكد أن وسائل الاتصال الحديثة روجت لفكرة القراءة أكثر من ذي قبل، وفرضت منظومة الملكيّة الفكريّة نوعاً من الاحترام لعقل الكاتب وجهده ، فمثلما تحترم القوانين ممتلكات الأفراد الماديّة، وحقوقهم فيها، يجب أن تحترم القوانين ذاتها، ممتلكات الأفراد التي هي بضعة من أنفسهم وأرواحهم، فتوليهم حقّهم المعنويّ والماديّ لأفكارهم، وتوقع عقوبات نتيجة انتهاكاتها وازدرائها وسرقتها وقرصنتها، وعلى مؤسسات المجتمع المدنيّ أن تجيّر جهودها في هذا الاتجاه، مثلما على الدول أن تفعّل قوانينها المتعلّقة بالملكيّة الفكريّة.
وقال مدير الدراسات بدائرة المطبوعات والنشر القاص الدكتور عبد الله الطوالبة انها لفتة رائعة أن يخصص يوم للكتاب ، الذي كان وسيبقى رغم التطور المذهل في وسائل الاعلام والاتصال والتثقيف المرجع الأهم للمعرفة والثقافة.
واضاف ان الكتاب سجل التاريخ وشاهد ينبض بالحياة على مدى الدهر، يتكلم من غير صوت يدون تواريخ الأمم والشعوب ويتكفل بنقل المعارف والثقافات من جيل الى أجيال .
وقال الدكتور الطوالبة بهذه المناسبة ان القراءة وتثقيف الذات هو علاج الروح ومصدر الرقي والنهوض، وكل هذا مصدره الكتاب , ومن المؤلم أن معدل قراءة الانسان العربي لا تتجاوز ربع صفحة في العام ، انها فاجعة عن حق وفقا له .
وبينت عضو الهيئة التدريسية في جامعة عمان الاهلية الدكتورة حفيظة أحمد إن قول المتنبي " وخير جليس في الزمان كتاب " يؤكد أهمية الكتاب، فهو أساس الحياة ومصدر رئيس للمعرفة ووسيلة نقل التراث الإنساني والحضاري والثقافي والعلمي والإبداعي إلى الأجيال، وسبب في دفع عجلة التقدم والرقيّ الإنساني نحو الأفضل، ويساعد في الوصول إلى فكر الآخر وحوار الثقافات.
واشارت الى ان نقادنا العرب القدامى ادركوا أهميه الكتاب والكتابة والتأليف، فوضعوا الكتب فيها، مبينة ان الجيل الجديد يعيش ، ولا سيما في مجتمعاتنا العربية، أزمة العزوف عن الكتاب وقراءته, ولعل انتشار وسائط الاتصال المتعددة وارتفاع أسعار الكتب من الأسباب التي أسهمت في تزايد هذه الأزمة.
واعتبرت ان هذا اليوم بمثابة دعوة إلى المؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات) لترسيخ ثقافة القراءة عند الطلبة، الذين لا يقرأون سوى الكتب المنهجية (المدرسية والأكاديمية)، بتوجيههم إلى القراءة اللامنهجية إلى جانب القراءة المنهجية، وتغذية المكتبات فيها بأحدث الكتب المتنوعة المعارف، وهو مناسبة للمؤسسات والروابط الثقافية للاحتفاء بالمبدعين وإنجازاتهم الثقافية ومؤلفاتهم في مجالات إبداعهم.
وقال عضو الهيئة التدريسية في جامعة فيلادلفيا الدكتور يوسف ربابعة إن قانون الملكية يعدّ من القوانين الحديثة التي جاءت مع ثورة الاتصال والإعلام بحيث اصبحت الافكار متاحة للجميع ومتوفرة ويمكن استغلالها والاستفادة منها بسهولة ويمكن تداولها أيضا دون أي صعوبات.
وقال : اننا اليوم أمام حالة من السيطرة والرقابة التي تمارسها أجهزة الاتصال الحديثة بكل أنواعها، فهناك محركات البحث التي تتمكن من تسجيل وكشف أي تشابه بين نصين أحدهما في الصين والآخر في غرب كندا مثلا ، وهناك برامج تستطيع أن تكشف النسبة المئوية عن التشابه بين منتجين.
وأضاف الدكتور ربابعة ان الحماية الفكرية تشمل الأفكار المعنوية والمنتج المادي أيضا، لذا فهو يخضع لحاجة تجارية جاءت مع مبادئ العولمة ومنها مبدأ حرية التجارة وانتقال السلع العابرة للقارات.
وأكد أن القانون وضع من أجل منع فكرة التقليد التي يحتاجها الفقراء دوما ، حيث يسعون إلى سلعة بسعر أرخص , كما أن التقليد ليس دوما مضرا وخطيرا , لكنه قد يكون كذلك، فهناك فرق بين تقليد أنواع من الأدوية التي تؤثر في صحة الانسان وحياته وبين تقليد قميص من القماش لا يكون في لباسه أي تأثير سلبي.
واعتبرت الدكتورة حنان الخريسات من جامعة الزيتونة في اليوم العالمي للكتاب أننا بحاجة الى معرفة معنى الكتاب الذي تحول وتغير وتبدل شكله عبر وسائل التكنولوجيا ، والكتاب المطبوع الذي ساد وحكم قرونا طويلة رغم انه ما زال متربعا على عرش الثقافة امام القرص المدمج الذي أخذ يدنو من مكانته وعرشه.
واشارت الى اننا لن نتجاوز عثراتنا النفسية وازماتنا دونما قراءة , وعلينا ان نجعل الكتاب جليسنا الدائم وأن نكون امة تأتمر بأول كلمة منزلة ( اقرأ ) وبالقراءة نقاوم حواجز كثيرة .
ويتفق امين سر رابطة الكتاب سابقا الشاعر سعد الدين شاهين مع الدكتورة الخريسات بانه اذا كانت الاختراعات والابتكارات العلمية منتجا صناعيا كناتج طبيعي للفكر يتطلب حمايته من السطو والسرقة ، فإن الفكر نفسه الذي تمخض عنه المنتج أولى بالحماية منذ ان يصبح مخطوطا بيد المفكر الذي سهر وجرب ووصل وأوصل النتائج في صورة منتج اما علميا او صناعيا او ثقافيا في صورة ابداع شعري او موسيقي او غنائي او قصصي او روائي او تاريخي او فلسفي او غير ذلك مما يصل به الحال الى التدوين والتناقل في صورة كتاب او مخطوط او منتج او مصور او مسجل مرئي او مسموع.
واكد سعد الدين ان سرعة انتشار المعلومة تبعا لاتساع اطراف المعمورة كان سيشكل في اعتقاده هاجسا للخوف من ضياع الجهد والخسارة الكبيرة لو لم تلتزم كل دول العالم ومؤسساتها في تضامنية مؤسسية للحفاظ على مجهودات فئة المفكرين والادباء المبدعين والمخترعين بالتعهد بحماية حقوقهم لضمان استمرار التطور الانساني والاجتماعي فكريا للحفاظ على سلامة هذا العالم .
واعتبر ان حماية حقوق المؤلف التي نصت عليها المواثيق الدولية هي الضمانة الاكيدة لتطور العلوم جميعها ..
لمثل هذه الاهداف السامية نشارك العالم ككتاب وادباء ومفكرين بالاحتفال بهذا اليوم الذي اطلق عليه , اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف مطالبين بتوسيع دائرة الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية لتعم كل الدول وتعم المعرفة بعد ان تستقى من قنواتها الحقيقية.
(بترا)
