الإعفاءات الجمركية: ماذا تخدم؟ ومن تخدم؟
منذ أكثر من ستون عاماً قامت الحكومات المتعاقبة بإصدار قوانين الإعفاءات الجمركية للكثير من الشركات والمؤسسات، ومع الأسف فإن هذه القوانين الصادرة لم يتم مراجعتها لغاية الآن من قبل أي حكومة من هذه الحكومات المتعاقبة، والتحقق من موجبات بقاءها أو موجبات إلغاءها، بل إن أي من هذه الحكومات لم تقم بحساب قيمة هذه الإعفاءات الجمركية السنوية من أجل الإطلاع على ضخامة الرقم وفداحته وتأثيره على عائدات ودخل الدولة، ولا أعرف هل هذا الأمر مقصود أم لا، ولكن بكلتا الحالتين فإن هذه الحكومات تحملت وتتحمل المسؤولية عن الخسائر المترتبة على هذا الأمر، سيما لو عرفنا أن الخسارة المترتبة من هذه الإعفاءات الجمركية تزيد عن المليار دينار سنوياً.
ربما يقول قائل أن قوانين الإعفاءات الجمركية كان لها موجبات مثل تشجيع ودعم الكثير من الصناعات التي قامت في بلدنا، مثل الإعفاءات الجمركية التي تم منحها في قانون إمتياز شركة البوتاس العربية عام 1956، أو الإعفاءات لشركة مناجم الفوسفات الأردنية، أو شركة الإسمنت الأردنية، أو مصفاة البترول الإردنية، أو شركة الاتصالات الأردنية، شركة الكهرباء الأردنية، أو..... أو، ولكن هل يعقل أن يكون قانون الإعفاءات الجمركية لأي من هذه الشركات أبدي وبدون مدة محددة أو شروط محددة ومنطقية، وهل يعقل أن يبقى الحال بالإعفاءات الجمركية للكثير من هذه الشركات بعد خصخصتها، وبعد أن سقطت موجبات هذه الإعفاءات الجمركية عنها، مثل شركة البوتاس العربية، وشركة الفوسفات الأردنية، وشركة الاتصالات الأردنية، وشركة الكهرباء الأردنية، وغيرها الكثير من الشركات المخصخصة.
من ناحية أخرى إذا كانت حكومتنا الحالية قد قامت برفع الدعم عن المحروقات وما تبعه من تبعيات مست كل المواطنين بلا إستثناء من أجل توفير مبلغ ملياري دينار سنوياً كما تدعي لسد العجز الكبير في موازنة الدولة، ودقت كل نواقيس الخطر أنه في حال عدم رفع الدعم عن المحروقات فإن الدولة مفلسة لا محالة، فمن باب أولى أن ترفع الدعم عن الشركات المعفاة جمركياً من خلال إلغاء هذه القوانين لدعم ميزان الدولة الأيل إلى الإنهيار، ومن باب أولى على نوابنا الأكارم تبني وسن التشريعات والقوانين التي تعيد إلى خزينة الدولة مبلغ يزيد عن المليار دينار سنوياً طالماً أن العجز في الموازنة ما زال قائماً والخطر بالإنهيار الاقتصادي ما زال سيفاً مرفوعاً على رقابنا كما تدعي الحكومة، علماً بأن إلغاء الدعم عن هذه المؤسسات والشركات سوف لن يؤثر بشكل ملحوظ على نجاحها وأدائها وربحيتها، فبمراجعة بسيطة لميزانيات وأرباح هذه الشركات والمؤسسات نجد أن ما تدفعه كرسوم جمركية لا يكاد يذكر بالنسبة إلى حجم مشترياتها وحجم أرباحها، يعني بلغة أصح الحكومة تمارس التهرب الجمركي بنفسها على نفسها من خلال إبقاء قوانين الإعفاءات الجمركية الحالية نافذة وبدون إلغاء، وتسمن مساهمين وشركاء خارجيين على حساب قوت وأم المواطن الاقتصادي.
في الختام ومن أجل بيان دقة المعلومات والرقم الذي أوردت أعلاه حول خسارة الدولة جراء قوانين الإعفاءات الجمركية، فإني أتمنى على حكومتنا الحالية وعلى مجلس نوابنا الحالي القيام بالإجراءات البسيطة التالية:-
• حصر قوانين الإعفاءات الجمركية الممنوحة للشركات والمؤسسات وموجباتها
• حصر قيمة الإعفاءات الجمركية السنوية المترتبة على هذه الشركات والمؤسسات نتيجة هذه القوانين
• حصر الشركات والمؤسسات التي تم خصخصتها، وحصر قيم الإعفاءات الجمركية الممنوحة لها، وكذلك حصر الشركات غير المخصخصة وحصر قيم الإعفاءات الجمركية الممنوحة لها، ودراسة النسبة المئوية لكل من هاتين الفئتين
• بعد ذلك، وبعد كشف الأرقام والنسب المذهلة المترتبة من سن قوانين الإعفاءات الجمركية لهذه الشركات والمؤسسات المخصخصة وغير المخصخصة، مراجعة هذه القوانين من أجل القيام بإتخاذ الإجراءات القانونينة المناسبة لإلغاءها