ما بين صدام حسين ووصفي التل؟!

تم نشره الإثنين 06 أيّار / مايو 2013 12:09 صباحاً
ما بين صدام حسين ووصفي التل؟!
تحسين التل

عندما بدأت العصابات الصهيونية تشن هجماتها على الفلسطينيين، وتدمر القرى الفلسطينية، وتهجر سكانها، وترتكب المجازر بحق النساء والشيوخ والأطفال؛ شكلت الجامعة العربية جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، وكان حينها وصفي التل برتبة نقيب في الجيش العربي، ومن ثم قائداً للفوج الرابع ضمن قوات اليرموك التي أعيد تشكيلها من جيش الإنقاذ، عادت القوات برئاسة حسني الزعيم ووصفي التل الى دمشق وحدث انقلاب على حكومة شكري القوتلي، وكان الشهيد وصفي التل يعتقد أن الزعيم يريد ترتيب أوراقه ويعيد استئناف الحرب على إسرائيل.

العقيد حسني الزعيم كان اتخذ قراراً بالإتفاق مع اليهود والأميركان بعدم مواصلة الحرب، ووقف العمليات العسكرية، وحل جيش الإنقاذ، وإلحاق قوات اليرموك بالجيش السوري ومن يريد المغادرة الى بلاده فليغادر، إلا أن وصفي التل اشتبك في قصر الرئاسة مع حسني الزعيم، واتهمه بخيانة فلسطين، فأصدر الزعيم أوامره باعتقال التل لمدة ثلاثة أشهر وكان ينوي اعدامه إلا أن تدخل أصدقاء الشهيد حال دون تنفيذ حكم الإعدام، وتم ترحيله إلى أربد في شمال المملكة الأردنية الهاشمية.

عام 73 اشتبكت القوات العراقية والسورية مع الجيش الإسرائيلي، ومنعوا تقدم موشيه دايان الذي أقسم على تناول طعام الغداء في دمشق، وأطلق النظام السوري على الحرب؛ حرب تشرين (التحريرية)؟!، وكبدوا جيش اسرائيل خسائر كبيرة في المعدات والأرواح.
كان الجيش العراقي يتكون من سبعة ألوية من المشاة، والدروع، والمدفعية والطيران، واستطاع منع تقدم القوات الإسرائيلية، والتفوق عليها، والتجهيز من أجل دخول أرض فلسطين خلال ساعات معدودة، فقد كانت القوات المعادية منهكة القوى وما هي إلا جولة واحدة من الجيش العراقي وبمساندة من الجيش السوري وتنتهي الحرب بتحقيق مكاسب على الأرض تؤدي الى مفاوضات تعود من خلالها أرض فلسطين المغتصبة بقوة السلاح، ولن نبالغ في القول كثيراً لكن يمكن للجيوش العربية أن تفرض تسوية تاريخية ترضي جميع الأطراف بما فيها الطرف الفلسطيني صاحب الأرض والعرض، لكن؛ والكلام للشهيد صدام حسين، كانت الخيانة السورية أكبر من التاريخ نفسه، إذ بدأ حافظ الأسد يلعب بمجموعة من الأوراق لتحصيل مكاسب خاصة تبقيه على عرش سوريا الى الأبد، ومن هذه المكاسب ما يأتي:

أولاً: استطاع أن يوقع هدنة مع إسرائيل تنسحب على إثرها القوات الإسرائيلية، والسورية، والعراقية، بعد ذلك جاءت تعليمات من الولايات المتحدة الأميركية بضرورة وقف إطلاق النار، ومنح سوريا الأسد؟! مكاسب مالية، واقتصادية، وإقليمية، وأن تكون سوريا حاضرة في أي تسوية تتعلق بفلسطين، والجولان.. نلاحظ أن التعليمات وصلت من أميركا وليس من الإتحاد السوفييتي الحليف الإستراتيجي لسوريا.

ماذا يعني هذا؟

ثانياً: الحصول على مساعدات مالية بالغة الأهمية، إذ حصل الأسد على 50 مليون دولار من العراق بالرغم من أن حافظ الأسد هو الذي طلب إلى الجيش العراقي الإنسحاب من أرض المعركة، ومع ذلك وافقت القيادة العراقية إبانئذٍ على الطلب السوري بسرعة وخلال أيام معدودات، ونتج عن ذلك زيارة قام بها الرئيس حافظ الأسد الى بغداد طلب الى الرئيس العراقي إعادة القوات العراقية الى أرض المعركة.

مع أن الأسد هو من أشار على العراقيين بالرحيل بسبب وقف اطلاق النار وإعلان الهدنة بين السوريين والإسرائيليين، فرفض الرئيس العراقي الطلب السوري لأن القوات العراقية كانت متواجدة في دمشق، وطلبوا سحبها، فلماذا يعيدها بهذه السهولة وكأن الجيش العراقي هو مجموعة من حجارة الشطرنج يتحرك وفق أهواء الخونة..

وكان شرط الرئيس العراقي بعودة الجيش الى ساحة الحرب، أن يعلن الأسد عن إبطال الهدنة وإعلان حالة الحرب، عندها رفض الأسد الطلب العراقي.

الزيارة السورية للعراق كانت سرية لأن الرئيس السوري ارادها سرية ولا يعلم بها أحد، وهذا ضرب من المستحيل فالأقمار الصناعية تراقب كل شيء، وتقوم بنقل الأخبار عن تحركات الجيوش العربية، وحركة الطائرات العسكرية والمدنية، فمن غير المعقول أن تبقى الزيارة السورية الى بغداد في طور السرية، وإنما كان المقصود منها أن يعرف الجميع ما الذي يدور في الخفاء، فقد طلب الأسد من القيادة العراقية أن تعيد الجيش الى الحدود السورية الفلسطينية، مما شكل حالة من الإستغراب عند العراقيين، وجاء الرد فورياً؛ أنكم لو أردتم بقاء الجيش لما طالبتم بالإنسحاب الى عمق الأراضي العراقية، لكن المقصود من حركة الأسد المكشوفة هو إيصال رسائل للمجتمع الغربي أن هناك أوراق يمكن للأسد أن يلعب بها ومن بين هذه الأوراق؛ ورقة الجيش العراقي المرعب، أو تقومون بتلبية مطالب الدولة السورية فوراً.

بعد عشرات السنين؛ شارك الجيش السوري في القضاء على الجيش العراقي، وإضعاف قوة الدولة العراقية وبمساندة أميركا وحلف الشر تم القضاء على العراق لتصبح كما نشاهد الآن حارات تتصارع على المخترة، كل مائة مختار يحكمون حارة واحدة، وها هي القيادة السورية التي تخلت وحاربت الجيش العراقي وساهمت في تدميره تسقط في شرور اعمالها لكن ليس مع الأجنبي بل مع السوري الحر الشريف الذي يطالب بحريته من نير الإستعمار العلوي الأسدي.

يبدو أن النظام السوري استمرأ الخيانة وعلى القارىء أن يقارن بين الحالتين؛ الأولى والثانية ويحكم على النظام السوري منذ خيانة حسني الزعيم لوصفي التل وجيش إنقاذ فلسطين؛ مروراً بحافظ ووريثه في الحكم بشار الأسد وما يفعله بشعبه بدعم من روسيا الدولة الأكثر كفراً وعداءً للأمة العربية والإسلامية.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات