لوحة العرس الفلسطيني
حفةٌ رائعة تقف باستقبالك تمد يدها اليك مصافحة بحبور ..شاكية وخز الاهمال ..رغم العناية الفئقة بها.....!و كأنها في غرفة الانعاش,لسان حالها يقول:انا مكاني بالساحات الحية و الحارات ,و ليس على حائط بغرفة الاستقبال !او حجرات الضيافة العربية بغرف الجلوس او الديوانية ..
تحفة واسعة الانتشار ؛اسمها برواز العرس الفلسطيني ,تٌباع بثمن مرتفع جدا و لا يبالي المشتري,و يعلقه لوحةً قيّّمة جدا في أكثر الجدران جذبا للنظر ,و اوسعها مساحة, و في أكثر الغرف افتخارا,كتعبير ِ عن التقدير و الاجلال ,يحضنها الدفء الاجتماعي و الحنين ,و تحضن هي الحلم الجميل بالوان احلى من كل الالوان ...
من منا لم يرى تلك اللوحة!من منا لم يتفرس في شخوصها ! لله در صاحب فكرتها!صبايا و شباب بالزي الفلسطيني الاصيل,بزركشته يحكي قصة كفاح طويل ..
تماما كما هو طول خطوط الكنباز المقلّم ,باللونين الابيض و الاسود ,او الرمادي, او الالوان الحيادية على اية حال,,,
و الكنباز السلرطلي ذو الوان متناسقة منها الفاتح و منها الداكن غير انها اياً كانت الوانها نراها متناسقة و منسجمة تماما كما وديان بلادنا مع طبيعة الارض و التراب و السماء .
أما أثواب الصبايا ,فأنها قد أخذت من العلم الفلسطيني اشكالاً و ألواناً و كأنها تعد الارض بأنها سوف تبقى نابتة لغراس الحياة لترفع العزة رمزاً يرفرف فوق كل الكنائس و كل الجوامع ..
خيّال قد اعتاد جواده الرقص على أنغام اليرغول الذي يكثر النفخ فيه في هذه المناسبة ,و قهوة عربية بكثير من الهيل تُصبُ بطريقة تُثير فينا مشاعر الالانتماء و الكرامة و الاصالة ,,,شاب و فتاة يرتديان ملابس العرائس المطرزة , صُنعت بأنامل جنيات حالمات كن قد أتين خصيصاً من اجل هذه المهمة من قصص سيف ابن ذي يزن و كأنهن أخوات لعاقصة.
أهكذا تكون الامور!لماذا أمست مراسيم العرس الفلسطيني لوحةً نُزين بها الجدران!و تفتخر باقتنائها النسوة!
منذ عقد من الزمان أو أكثر أخذت مظاهر العرس الفلسطيني بالاختفاء و لاسيما الدبكة الشعبية و أخشى ماأخشاه ان تختفي مع اختفاء مظاهر العرس الفلسطيني امورٌ أخرى لا تستقيم الحياة بدونها...و لا تصلح و الافراح تتحول الى أشباه ..
الدبكة الشعبية ليست مجرد مرسوم من مراسيم العرس؛ و لكنها بذات الوقت مثالٌ سام على المساوة و الوحدة ,اذ ينتظم الشبان و الصبايا بل قل الرجال و النسوة كلق على حدة او مختلط(في حال وجود روابط القرابة)بخطوط اشبه بأسنان المشط و ان كان )المشط( دائريا ......
الدبكة الشعبية بألوان أثواب أعضائها و حركاتهم تحمل الهم الفلطسني و تبثه أملاً في نفوس الحاضرين مع كل خبطة قدم,تُثير النقع و تزيل الدمع من العيون و تحفر في القلوب الاصرار على الانتصار ,تنقل الاصالة من جيل الى جيل ..تلك التي نكاد نفقدها على منصات الرقص الغير منسجم مع لحن خلود الارض ..على وقع موسيقى تصلح!و لكن بوجود ألاصلح يجب ان تُختصر ما أمكن.
للدبكات الشعبية المنظمة وقع كبير في نفوس الفلسطينين نطرب لها كثيرا لمنا لا نعيرها كثيرا من الاهتمام على مستوى أعراسنا على الرغم من العروض المستمرة و الكثيرة التي يقدمها بالتلفزيون الفلسطيني ..غير أنها تغيب غيابا شبه كلي عن ساحات أعراسنا .. و برأيي هذه مشكلة يجب حلها..
في حياة الشعوب قاطبة ,يحتل الفن الشعبي مكانة عالية جدا في نفوس الناس على المستوى الرسمي و الشعبي ,و يسعى الحكام _عادة_لتعزيز عذا الشأن في نفوس افراد الشعب ,مما يعينهم على صلاح الحال ,و يحافظ على الهوية الوطنية .. نظراً لان هذا الفن الشعبي أحد اهم ركائز التراث و الهوية و التي يحاول المحتل محاربتنا من خلاله و تعزيز موقفه _اقصد موقف الاحتلال_ فهو يسعى جاهدا لطمس مظاهر الهوية ..ذلك لان التراث الفلسطيني يشكل هويتنا الفلسطينية و أحد اهم أشكال و أسباب وجودنا...
ان تعالي الاصوات من اجل الحفاظ على مظاهر التراث عموما و الدبكة الشعبية بالذات ..لا يعني الرجعية الفكرية و لا رفض التقدم على أية حال؛انما اسناداً للمقولة التي تقول:من لا ماضي له ..لا حاضر و لا مستقبل بانتظاره ..
و التراث بعموم الامر ,يقف سدا منيعا أمام الانفلات الذي يسعى له المغضرون ..و ما أكثر مؤيدوه القادمين مع موجات التقدم العلمي المتسارع الذي يعتمد اثراء المادة و أًفقار الروح.!
و كون أعود للحديث عن الدبكة الشعبية الفلسطينية كمظهر من مظاهر التراث كضرورة قسوى يجب ان توضع في دائرة الاهتمام المركز كونها حديث الروح للروح..
في العام 1961 كان ميلاد اول فرقة للدبكة و الرقص الشعبي و كان قد قام بتشكيلها الفنان حسين نصر الله ..و قد قدمت فرقته الكثير من العروض في دالية الكرمل مسقط راس الفرقة ..أما مدرب هذه الفرقة الام,فكان عازف عازف الشباب الفنان سامي حديد .
و للدبكة عدة أنواع تقليدية ,اشهرها الشعراوية و البداوية و الشمالية و القرادية ,و تستخدم فيها الآلات الموسيقية النافخة كاليرغول و الشبابة و المجوز الذي تبدأ به أحدى الاغنيات الجميلة ...
جيب المجوز يا عبود و رقص ام عيون السود ..
أما ما يُغني للدبكة:علدلعونا لها نصيب كبير و كذلك الجفرا و و زريف الطول ... و تأتي الكلمات عادة بسيطة مستوحاه من البيئة لكنها منسجمة و برتم جميل .
و الدبكة فن لا يختص بجنس دون آخر.. فكما للرجال نصيب ٌ منها فللنساء دبكة خاصة بهن تُسمى باسمهن "الدبكة النسوانية"وقد تجتمع المرأة وز الرجل من الاهلية في دبكة موحدة...يثريها التريد الجماعي المناسب خلف الحادي..و السحجة القوية التي تعبر عن مدى المشاركة في الفرح و التعاون و الاندماج ...
الثوب و العقال و الطرحة و الكنباز ..يرتديه العروسان ..او الدبيكة ..قصة ما أروعها..تذودان عن النفس الكآبة و تطرح بالروح حلاوة الانتماءالرفيع!و لتأثير هذه الدرر وقعٌ يعز عن البيان ..لكنني استطيع القول أن لها شأن عظيم في تنظيم الانفعالات النفسية , و تسمو بانسانية الانسان و تسهم في بناء القيم و الاخلاق التي تكاد تنهار تحت أمواج التغيير في معايير الفن الحديث الذي يخطو خطوات غريبة متقاربة و متسارعة لا تدع فراغا الا وشتمه بسمها.. في طريقنا الشرقي الذي نريده دائما شرقيا بروح عربية خلوقة...
بكل المدن الفلسطينية و بكل القرى ,هنالك مجاميع من الشبان شكلت فرقا عديدة للدبكة و بمجهودات شخصية ..و لكننا في الغالبنجهل وجودهم لأنه وجودهم عشوائي و غير منظم.. اعتقد ان البحث عنهم و اشراكهم في أعراسنا ,و أفراحنا و احتفالتنا ..مسؤولية وطنية .. .. لنجرب هذا الامر و لندع الاصالة و العراقة و الشعور بالمسؤولية على مستوى الفرد و الجماعة تجوبان حدود الارض و السماء ..
وزارة الثقافة نشكرك على رعاية عذا اللون الوطني لكنني آمل منك المزيد و انت _وزارتنا_ قادرة و لك خططك الممنهجة المستقبلية في ابراز أنشطة نثل هذه الفرق,ليدخلوا لاحقا في كل البيوت و كل الصالات ..لنغير من خلالهم على الثقاقة الدخيلة.
الجميع ؛رئيس و مرؤوس ..فرد و جماعة..علينا الاعتناء بانفسنا من خلال اعتنائنا بفرقنا كلٌ في محليته الافراد..المراكز الثقافية التي لا تخلو منها حارات القرى و المدن ... كل الوزارت بكل اسماءها ..كلٌ له شأن في هذا المجال ( فلنلتقي و نرتقي..عبارة ليست لي) .
و لنخلي سبيل الشروش الفلسطينية تخبط خبطتها القوية فوق الارض ,ضاربة بعمق الثرى تزرع الحب ..تغرس النقاء و الانتماء ..ترويه من انهار المنابيز الهائة أو السرطلي المائجة الهائجة بحنو السماء ..على الارض مهدهدة بنواميس الكوفية الفلسطينية و الطرحة و الزنار..........
@ عاقصة ..هي الجنية في قصة سيف بن ذي يزن و هي اخته بالرضاعة. ..