مشروعات التجارة العادلة رافد لتنمية المجتمع المحلي
المدينة نيوز- بطاقة المناسبات الانيقة ذات الالوان الزاهية التي تصنعها مريم وزميلاتها لا تعني بالضرورة وجود مناسبة معينة للاحتفال بها ، لكنها عمل يومي يعتشن منه يطبق في النهاية مبادئ التجارة العادلة .
يرى الكثير من الاقتصاديين في هذه التجارة , بانها تمثل احد الحلول الناجعة في ايجاد مشروعات صغيرة ومتوسطة توفر فرص العمل للعديد من الحرفيين بأجور معقولة ضمن ظروف عمل مناسبة تحترم ثقافة العامل وتقدر احتياجاته وبدون استغلال حاجته للعمل .
مريم , التي وجدت نفسها في هذا العمل الحرفي الى ان اتقنته كانت سمعت به من زميلة اخرى سبقتها اليه وبدأت بالتدريب عليه لمدة ثلاثة اشهر , وها هي تكمل الخمس سنوات في عملها الانتاجي بصناعة ( بطاقات المناسبات) الذي يحظى بتقدير الكثير من زملائها لسرعة الانجاز وجمالية التصميم .
مدير المرصد الاقتصادي في الجامعة الاردنية الدكتور طالب عوض يقول ان التجارة الحرة القائمة على التنافسية تركز على تخفيف كلف الانتاج الى أقل ما يمكن ، ما ينعكس على العاملين في الدول النامية الذين يتأثرون جراء تدني الاجور ، مبينا ان عدم انتشار التجارة العادلة في هذه الدول يعود الى النظام الاقتصادي العالمي الذي لا يعترف الا بالأقوى وبالمنافسة من أجل تحقيق الربح على حساب العمالة وقيم أخرى في المجتمع .
ويضيف ان مبادئ التجارة العادلة ترتكز على الاسعار العادلة التي تعوض المنتج والعاملين من خلال السلع المنتجة من قبلهم بحيث يأخذون ما يناسب انتاجيتهم دون اي استغلال ، خاصة ان معظمهم من الحرفيين والمبدعين البسطاء ، مشيرا الى ان هذه التجارة تميز بين منتجاتهم من ناحية زيادة اسعارها عن القيمة السوقية لها كنوع من المكافأة على انتاجهم .
وتكمن قيمة التجارة العادلة بحسب الدكتور عوض في عدم تخفيض الاجور لتحقيق ميزة لصاحب العمل ، وتسهم في ايجاد بيئة عمل آمنة وصحية، وتهتم بالقضايا الاجتماعية التي تهم العمال ومنها الضمان الاجتماعي كما انها تمكن المرأة من القيام بدورها الاساسي في المجتمع من خلال اعطائها دورا مهما في مهن منتجة تراعي مصلحة المجتمع .
ويتمنى ان تنتشر مبادئ التجارة العادلة في المملكة ولو بشكل محدود لوجود الكثير من المشروعات التي تصنف كمهن حرفية ويدوية تعمل في أغلبها سيدات في مناطق نائية مصنفة كمناطق أقل حظاً.
ويرى عوض "ان التوسع في هذه التجارة يحتاج الى عمل مؤسسي من خلال جمعية متخصصة تضع مواصفات معينة للمنتجات ضمن شروط بيئية وصحية مع ضمان حقوق العاملين بالإضافة الى فتح الاسواق العالمية امام هذه المنتجات ضمن شروط تحقق مكاسب اجتماعية ترتكز على العدالة بهدف الحد من مشكلة الفقر والبطالة " .
ويقول انه "يجب التشجيع على التجارة العادلة التي تعود بالنفع على الناس الملتزمين بمبادئ هذه التجارة التي تحد من استغلال العمال , وتدفع سعرا أعلى للمنتجات مع الالتزام بالجودة والمواصفات العالية ".
وبالعودة الى مريم فانها تقول ان عملها الحرفي في صناعة البطاقات الخاصة بالمناسبات والاحتفالات يتطلب الدقة والعناية بأشكال مختلفة من ناحية القص والتغليف واللصق ، وهذا الامر يتطلب التأني في العمل الذي لا يخلو من بعض الصعوبة , لكنها تجاوزت ذلك حتى وصلت انتاجيتها الى المستوى المطلوب، اذ وجدت الاستقرار والراحة النفسية التي تنشدها في هذا العمل.
وتشير الى طريقة تعامل الادارة الحضاري مع العاملين سواء من حيث الراتب المستحق في موعده ، والحوافز , والضمان الاجتماعي ، وتنظيم رحلات ترفيهية الى مناطق مختلفة في المملكة .
ويبين جونثان هانكن مدير عام مؤسسة من الأرض التي تعمل بها مريم , الامتيازات التي يوفرها الالتزام بمبادئ التجارة العادلة التي تطبقها المؤسسة ومنها المرونة في تطبيق ساعات العمل وتنظيم الرحلات العائلية وتعليم اللغة الانجليزية في مقرها ومتابعة العاملين عبر امتحانات تعقد لقياس مدى الاستفادة ، اضافة الى توفير مكتبة تحتوي على عدد من الاصدارات، وهناك اهتمام بالمناسبات السعيدة الخاصة بالعاملين .
ويضيف: ان عدد الحرفيين في المؤسسة التي بدات بشخص واحد وصل حاليا الى ثمانية موضحا ان منتجات المؤسسة من الاكسسوارت والبطاقات توزع في المملكة عبر 22 نقطة بيع في اماكن التسوق الكبرى وبالقرب من الاماكن السياحية وعبر شبكة الانترنت في اميركا واستراليا وبريطانيا.
وعن تأسيسه للمؤسسة يقول انه بعد تقاعده من الشركة التي كان يعمل بها في بلده اميركا زار الاردن في اجازة للاطلاع على اماكنه السياحية ومعالمه الاثرية والحضارية , وكان لديه في الوقت ذاته حلم تأسيس مشروع خاص .
واجرى هانكن بحسب قوله دراسة جدوى لمشروع يلبي احتياجات الناس خاصة في المنتجات اليدوية الحرفية , فبدأ بصناعة منتجات تجذب الكثيرين خاصة البطاقات التذكارية مع وجود عدد كبير من السفارات والقنصليات التي يهتم موظفوها بهذه البطاقات ويرسلونها الى ذويهم في المناسبات بشكل دائم .
ويوضح انه مع بدء المشروع باشر بتعلم اللغة العربية والاطلاع على ثقافة المجتمع الاردني وانه لمس لدى العاملين مدى الاهتمام بالعمل وجودة منتجاتهم .
ويقول ان انشاء مثل هذه المؤسسات كفيل بفتح الاسواق امامها لان هناك الكثيرين يشجعون منتجات الشركات التي تعتمد على التجارة العادلة رغم ارتفاع اسعارها بشكل ملحوظ .
(بترا)