أكاديميون : مديونية الجامعات تؤثر سلبا على المخرجات وتسرب الكفاءات
المدينة نيوز- دق اكاديميون ناقوس الخطر محذرين من أن تراكم مديونية الجامعات ينذر بتسرب الكفاءات العلمية وتراجع مستوى المخرجات الأكاديمية ونوعية الخريجين.
فإنهم يؤكدون أن الجامعات، وبسبب المديونية، غير قادرة على استقطاب أعضاء هيئة تدريسية جدد او حتى الحفاظ على الموجودين لديها، في ظل مديونية ما تزال تلقي بآثارها السلبية على مستوى التعليم العالي في المملكة وعلى البنى التحتية اللازمة للقيام بالعملية التعليمية.
وللقضاء على عجز موازنة الجامعات، يقترح أكاديميون تقليل الإنفاق فيها، من خلال تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات، حيث يمكن تحقيق ذلك بتوجيه الطلبة إلى التعليم التقني الأقل كلفة، وتقليل عدد الطلبة الذين يصلون إلى امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" عن طريق إنشاء امتحان في الصف العاشر يوجه طلبة إلى التعليم المهني وآخرين إلى الأكاديمي.
ويؤكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الدكتور وليد المعاني "أن مديونية الجامعات ستؤدي إلى "استنزاف" العقول من الجامعات، وعدم قدرة الأخيرة على استقطاب او الحفاظ على أعضاء الهيئة التدريسية.
كما يؤكد أن المديونية تؤثر سلبا على امكانية توفير البنى التحتية اللازمة للقيام بالعملية التعليمية"، مشيراً إلى عدم وجود منشآت كافية في الجامعات الجديدة، واستهلاك القائمة في الجامعات القديمة.
ويضيف "إن ذلك يبدو واضحاً من خلال نظرة على واقع المدرجات التعليمية في الجامعة الأردنية، كمثل صارخ على كيفية عدم توفر الامكانات المالية للقيام بالإصلاح اللازم.
ويشدد المعاني على ضرورة استبدال المنشآت القديمة في بعض الجامعات بأخرى جديدة وحديثة، لافتاً إلى أن كليتي الآداب في جامعتي الاردنية واليرموك انشئتا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ويمكن الحكم على واقع الخدمات في هاتين الكليتين من خلال حساب عمرهما. ويتابع ان المديونية تبدو اكثر وضوحا في تهالك المختبرات والمنشآت العلمية المساندة، وعدم قدرة الجامعات على استبدالها، بل أن بعض الجامعات الجديدة تفتقر لهذه المنشآت لعدم قدرتها على توفيرها، لافتاً إلى أن مبنى مجمع القاعات في جامعة الطفيلة لم ينشأ إلا منذ عامين فقط.
من جهته، يؤكد رئيس الجامعة الأردنية الدكتور إخليف الطراونة أن للمديونية "آثارا سلبية على جودة العملية التعليمية التعلمية"، فضلاً عن أن لها تأثيرات على رواتب أعضاء الهيئة التدريسية، وشراء الأجهزة والمعدات اللازمة للعملية التعليمية، والحفاظ على البنى التحتية.
ويضيف إن تراكم مديونية الجامعات ينذر بحدوث مشكلة قد تنعكس على تسرب الكفاءات العلمية وتراجع مخرجات العملية الأكاديمية ونوعية الخريجين.
بدوره، يصف رئيس جامعة مؤتة الدكتور رضا الخوالدة مديونية الجامعات بـ "الهم الكبير"، الذي يقف عائقاً أمام تطور الجامعات وخصوصاً جامعة مؤتة، التي تقف عاجزة عن تطوير منشآتها ومختبراتها وبناها التحتية، أو حتى صيانة المنشآت القديمة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على تنمية برامجها لمواكبة متطلبات العصر والتكنولوجيا، مؤكدا أن المديونية تؤثر أيضاً وبشكل سلبي على المسيرة التعليمية واستقطاب الكفاءات والابتعاث وتسرب الكفاءات.
ولمعالجة عجز موازنة الجامعات، يبين المعاني أن هناك ثلاثة حلول، الأول: رفع الرسوم الجامعية وهو أمر غير مرغوب به وغير مقبول، والثاني: زيادة الدعم الحكومي للجامعات وهو أيضاً أمر غير متوقع بسبب العجز الدائم في موازنة الدولة.
أما الحل الثالث وفق المعاني فهو تقليل الإنفاق في الجامعات، موضحا أن ذلك ممكن في حال تم تخفيض أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات، وبالتالي يصبح إنفاق الجامعات أقل من الإنفاق الحالي.
ويتابع المعاني أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال توجيه الطلبة من التعليم الجامعي إلى التعليم التقني الأقل كلفة، وتقليل عدد الطلبة الذين يصلون إلى امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" عن طريق إنشاء امتحان في الصف العاشر يوجه طلبة إلى التعليم المهني وآخرين إلى التعليم الأكاديمي.
فيما يقول الطراونة إن معالجة مديونية وعجز الجامعات يمكن من خلال العودة مرة أخرى إلى فرض نسبة معينة على الشركات والمواطنين، كما كان معمولا به سابقاً، مشيرا الى ان قيمة تلك النسبة كانت تصل إلى حوالي 400 مليون دينار سنوياً.
وبالتوازي مع ذلك يؤكد الطراونة اهمية منح الجامعات المزيد من الاستقلالية مع إمكانية التوسع في الاستثمارات داخل الحرم الجامعي.
ويوضح الطراونة أن الدعم الحكومي السنوي للجامعات يصل لنحو 70 مليون دينار، منها 25 مليونا لدعم صندوق الطالب الفقير، والباقي يذهب إلى جامعات الحسين ومؤتة والطفيلة وآل البيت.
وحول التمويل الحكومي للجامعات، يقول المعاني إن هذا التمويل المتدني بالأساس، سيفقد الكثير من غاياته عندما تسدد الجامعات المديونية منه، مشيرا الى ان هذه المديونية ستنتهي في العام الجامعي 2015 - 2016.
ويرى أنه يجب إعطاء الدعم الحكومي للجامعات الناشئة والمحتاجة، مشيراً إلى أن الجامعات تسلمت 620 مليون دينار ما بين عامي 2001 و2012، حيث حصلت جامعة مؤتة على أكثر الدعم( 104 ملايين دينار) تلتها "اليرموك" (94 مليونا)، فيما كان أقلها الألمانية الأردنية (13 مليون دينار).
وحول احتمالية تحقيق الجامعات اكتفاء ذاتيا في حال سداد مديونيتها، يجيب المعاني بالنفي، قائلاً إن ما يدخل الجامعات من أموال لا يساوي ما تنفقه على الأمور كافة، وبالتالي سيظل هناك عجز بموازنة كل جامعة في كل عام.
وفيما يدعو الطراونة الحكومة إلى عدم ترحيل مشكلة عجز موازنة الجامعات، بل تسديد العجوز في الموازنات وليس المديونية، مبينا ان الجامعة الأردنية "تعاني من عجز يقدر بنحو 25 مليون دينار"، فإن الخوالدة يدعو الحكومة إلى تقديم دعم أكبر للجامعات حتى تستطيع القيام بدورها على أكمل وجه، فضلاً عن تغطية فارق العجز الموجود بالجامعات.
ويضيف الخوالدة إن نسبة كبيرة من الدعم الحكومي تذهب لتغطية الرواتب، مشيراً إلى أن أكثر من 80 بالمئة من موازنة جامعة مؤتة، البالغة للعام الحالي حوالي 64 مليون دينار بعجز مقداره 15 مليونا، مخصصة للرواتب.
وبين أن تغطية الجامعات ودعمها بشكل كبير سيساعدها في تنمية مشاريعها وخططها وتنفيذ استراتيجيتها بشكل أفضل مع التركيز على عناصر الجودة وخصوصاً في المجال الأكاديمي.
وحول حجم مديونية الجامعات والبالغة 125 مليون دينار، يؤكد المعاني أنه تم تسديد 69 مليون دينار منها لغاية 13 كانون الأول 2012، فيما بقي 56 مليون دينار.
ويضيف إن المديونية بلغت 125 مليون دينار في العام 2005، حيث تم تسديد 11 مليونا في العام 2006، ومثلها في العام 2007، و10 ملايين دينار في العام 2008، و22 مليونا في العامين 2009 و2010 بالتساوي، و8 ملايين دينار في العام 2011، و7 ملايين دينار في العام الماضي.
ويقول إن أكثر الجامعات مديونية هي العلوم والتكنولوجيا بحجم 5ر18 مليون دينار، تليها اليرموك (12 مليونا)، مشيراً إلى عدم وجود مديونية على جامعات البلقاء التطبيقية والألمانية الأردنية والطفيلة.
(بترا)