إلا الكرامة دولتك ...
عندما تابعنا المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأخيرة للأردن، فوجئنا به يقول بأن الأزمة في سوريا لن تتوقف في سوريا فقط، وإنما ستمتد وتنشر نيرانها إلى جميع الدول المجاورة !!
الأمر الذي لم نفهمه إلا كتهديد لنا ومن قلب عاصمتنا، والمأساة أن ذلك كان بوجود وزير خارجيتنا بجانب الوزير الإيراني ..!!!!
لم يوافقنا البعض، وإتهمونا بتهويل الأمر، ليخرج السفير السوري قبل أيام ساخراً من النظام الأردني، ومتلفظاً على السياسات الأردنية بكل أنواع السخرية و"التهديد" المبطن، ويبدو بأن الحكومة وبعض مناصريها لم يجدوا في الأمر تهديداً ولا إهانة أيضاً !!!
ثم جاءت بالأمس الصفعة على وجه كل الأردنيين، وفي مقدمتهم الحكومة التي تغيب في سبات عميق رغم إنتهاء فصل الشتاء ..!
يقيم سفير النظام العراقي الذي جاء على ظهور الأمريكان في المركز الثقافي الملكي في قلب العاصمة الأردنية فعالية "يوم المقابر الجماعية"، للنيل من الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله.
ويخرج عليه عدد من المحامين الأردنيين، ومن بينهم محامي الرئيس العراقي الراحل زياد النجدواي، هاتفين لنظام البعث والرئيس الراحل، ليقابلهم حرس السفير العراقي بالضرب والتنكيل والشتائم بحق الأردن والأردنيين !
منذ متى كان الأردني "الذي هو أغلى ما نملك"، يهان ويضرب في بلده بسبب موقفه أو رأيه السياسي ! ثم أين كان أمن المركز الثقافي الملكي لمنع ذلك الاعتداء !
لا ندري ماذا تنتظر الحكومة حتى تتحرك وصدور المواطنين تزداد اشتعالاً، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى التهديد باقتحام السفارة العراقية، بل وقتل هؤلاء الذين لا يمكن وصفهم بالدبلوماسيين العراقيين، فهم ليسوا أكثر من "بلطجية شوارع".
لن يثور معظم المواطنين يا دولة النسور من أجل حبة قمح ولا كسرة خبز، ولكن عندما يصل الأمر إلى كرامتهم وفي بلدهم، عندها سيذهب كل النفط العراقي إلى المزابل مقابل حفظ كرامة ابن البلد.
يا دولة النسور أنت أخبر الناس بأن الأردن ربما تكون دولة فقيرة بكل شئ، إلا بشئ واحد فقط، فهي من أغنى دول العالم فيه، ومواطنيها مستعدين لحرق العالم من أجله، وليس فقط السفارة العراقية، وهو "الكرامة" يا سيدي.
قد نختلف مع المحاميان الأردنيان زياد النجداوي ومحمد عربيات في مواقفهما السياسية، فلم نكن يوماً من مناصري حزب البعث كما إختلفنا مع بعض سياسيات الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله، ولكننا نؤمن بأن بلدنا كان دائماً يتقبل كل الآراء والأفكار، ولا يجوز لكائن من كان أن يعاقب مواطناً على فكره أو رأيه، ويقوم بهكذا اعتداء همجي على المحاميان الأردنيان وفي عاصمة بلدهما كما شاهدنا بالفيديو !!
ذكرى إستقلال بلادنا بعد أربعة أيام يا دولة الرئيس، فأي شعور سيكون لدى أبناء الوطن في ذكرى إستقلال بلادهم، وهم يشاهدون أبناء بلدهم يهانون ويضربون في عاصمة بلدهم قبل هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا بأيام قليلة !
إلا الكرامة دولتك، فلو لم تتخذ الحكومة اجراء سريع بطلب تبديل السفارة لهؤلاء الأشخاص بآخرين "دبلوماسيين"، أو طلب مغادرة هؤلاء الاشخاص "على أقل تقدير"، لرد ولو جزء من كرامة أبناء البلد، فلن يعرف أحداً ماذا يمكن ان يحدث لو انفجر الاحتقان الذي في نفوس المواطنين، ولو أراد وزير الداخلية او رئيس الوزراء التأكد من تعاظم الاحتقان في النفوس ما عليه الا التجول في شوارع عمان، وبين صفحات الاردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، لسماع وقراءة اين وصلت الامور.
دولة الرئيس عبدالله النسور، هل تتذكر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر رحمه الله الذي خرج ذات يوم ليقول: اذا كان الامريكان يريدون التدخل في شؤوننا مقابل معونة القمح فمعونتهم "عالجزمة" ...!! والباقي عندك دولتك.