العطش يدفع أهالي الطيبة لاقتحام بوابة رئاسة الوزراء ولقاء الذهبي !

المدينة نيوز- تمكن عشرات من أهالي قرية الطيبة الجنوبية التابعة لمحافظة الكرك من لقاء رئيس الوزراء نادر الذهبي دون موعد مسبق أمس، وذلك إصرارا منهم على إيصال شكواهم إلى رئيس الحكومة شخصيا إثر عدد من الأزمات التي تعاني منها منطقتهم، وعلى رأسها حسب رأيهم انقطاع المياه عن بعض أجزاء المنطقة لأكثر من ستة أشهر.
الأهالي الذين استقلوا عددا من الحافلات الصغيرة منذ الفجر، استطاعوا الوصول إلى بوابة رئاسة الوزراء في الصباح الباكر، واعتصموا أمام البوابة، ورفعوا يافطاتهم، وأصروا على دخول مبنى الرئاسة ولقاء رئيس الوزراء شخصيا، وهو ما تم لهم بعد مناوشات بسيطة مع الحرس المكلفين بحماية مبنى الرئاسة، قبل أن يتمكن بعض موظفي الرئاسة من تدارك الأمر والسماح لهم بالدخول.
وروى الأهالي معاناتهم منذ ساعات الصباح الباكر للوصول إلى عمان، بغية الاحتجاج على استمرار انقطاع المياه عن مناطقهم، وأكدوا أن دوريات الأمن العام اعترضتهم عند وصولهم إلى منطقة القطرانة بناء على أوامر من محافظ الكرك، وفقهم. عندها لجأ الأهالي إلى قطع الطريق الصحراوي قبل أن يسمح لهم بمواصلة السير إلى الدوار الرابع.
وأكد رئيس الوزراء نادر الذهبي لدى لقائه في دار رئاسة الوزراء أمس وفدا من أهالي البلدة أنه سيزور لواء المزار الجنوبي خلال الأسبوعين القادمين للوقوف على أرض الواقع على مطالب واحتياجات المواطنين فيه.
والتقى المواطنون أولا وزير المياه والري رائد أبو السعود، وأمين عام سلطة المياه منير عويس، وشرحوا له معاناتهم من تكرار انقطاع المياه عن منازلهم ولفترات وصلت في بعض المناطق إلى ستة شهور. وزادت المشكلة تفاقما في بلدة الطيبة الجنوبية التي شمل انقطاع المياه فيها معظم أحياء البلدة.
وأوضحوا أن المياه لم تصل إلى بيوت بعضهم منذ شهور، ما يدفعهم للتزود باحتياجاتهم من المياه عن طريق الصهاريج بكلفة تزيد على 60 دينارا شهريا.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة ستعمل على إيجاد حلول فورية وناجعة للقضايا التي عرضها وفد أهالي الطيبة، خاصة المتعلقة بالمياه والمدارس والصحة، مبينا أنه سيوعز للوزراء كل حسب اختصاصه لتلبية احتياجات المواطنين من خدمات البنية الأساسية بما فيها الطرق الداخلية والزراعية.
وقال أحد المعتصمين ياسين الحريرات إن الإحباط داخل نفوسهم من إمكانية وصول المياه إلى منازلهم عبر صنابير سلطة المياه وصل حدودا غير طبيعية.
وأشار عبدالغني البطوش إلى أن مشكلة شح المياه وانقطاعها كانت في السابق تقتصر على حي المدرسة الثانوية وحي الرأس، إلا أنها أخذت تتزايد خلال الآونة الأخيرة حتى شملت معظم الأحياء ووصلت فترات انقطاعها إلى أسابيع عدة، وطالب بإيجاد حلول ناجعة لهذه المشكلة.
وتعهد وزير المياه والري بإيجاد حل سريع لمشكلة انقطاع المياه في البلدة، مبينا أنه سيزور البلدة مع الأمين العام لسلطة المياه يوم السبت المقبل للوقوف مباشرة على حل المشكلة على أرض الواقع.
وقال رائد أبو السعود إن رئيس الوزراء أوعز إليه بإيجاد حل فوري لهذه المشكلة، موضحا أن الوزارة ستلتزم بإيصال المياه إلى سكان بلدة الطيبة حسب نظام الدور المعمول به في جميع أنحاء المملكة وبواقع مرة في الأسبوع، مؤكدا التزامه بهذا الموضوع.
وقال إن الوزارة ستعمل على وضع حل مؤقت خلال أقل من أسبوع، فيما ستباشر إجراءات طرح عطاء مد خط ناقل للبلدة للمباشرة في تنفيذه قبل نهاية هذا العام.
وأفضى الحوار مع وزير المياه وأمين عام السلطة إلى مطالبة المواطنين بمقابلة رئيس الوزراء، وعندما أخبرهم أمين عام الرئاسة محمد الشريدة أن عليهم أن يختاروا ثلاثة وجهاء لمقابلة الرئيس رفضوا الفكرة وأصروا على المقابلة الجماعية، قائلين: "لو كنا وفودا من دول أخرى لقابلنا".
انتظر أعضاء الوفد نحو أربع ساعات ريثما قابلهم الذهبي، بسبب من انشغالاته، وأوجز المتحدث باسم المعتصمين حمزة البطوش مشاكل السكان بالقول: "إن بلدية الطيبة لواء المزار يا دولة الرئيس ذات جغرافية متدهورة وتبعد عن اللواء 15 كيلومترا، وهي نهاية الخط وعدد سكانها 12 ألفا، وهي أقدم بلدية قبل الدمج، مساحتها الجغرافية 40 كيلومترا مربعا، والتنظيمية 7 كيلومترات مربعة، فيها سبع مدارس ومركز صحي أولي يفتقر إلى طبيب دائم، وفني مختبر، وعدد من الجمعيات في البلدة، وناد ثقافي رياضي اجتماعي، ومعظم أهلها يعملون في القوات المسلحة".
وعرض البطوش جملة من مطالب الأهالي، على الوجه الآتي:
1- فصل بلدية الطيبة كبلدية مستقلة، لأن دمج البلديات لم يقدم لنا شيئا.
2- استحداث قضاء في بلدية الطيبة.
3- بناء مدرسة ذكور حديثة وشاملة.
4- تعبيد الشوارع الداخلية، وتعبيد الشارع النافذ الوحيد.
5- دعم جمعية الطيبة للتنمية الاجتماعية لبناء قاعة عامة تحمل اسم القاعة الهاشمية، علما أن الأرض متوفرة لدى الجمعيات.
6- دعم نادي الطيبة الثقافي الرياضي بإكمال بنائه، وجمعية الأمل للسيدات.
7- تحديد شبكة المياه المهترئة.
8- بناء سكن كريم لعيش كريم.
9- الاهتمام بالطالب بشار مأمون البطوش الذي اكتشف نظريات رياضية جديدة.
وقال البطوش إن على الحكومة إنشاء تمثال لسكان البلدة بسبب كثرة الصبر، إذ لم يزر البلدة أي من المسؤولين منذ سنوات طويلة، حيث كانت آخر زيارة من رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل عندما داهم السيل ضفتي الطيبة، وخلال أسبوع تم حل المشكلة، وزيارة الملكة الراحلة علياء منتصف السبعينيات.
ورد رئيس الوزراء بشأن مطالب الوفد بفصل منطقة الطيبة عن بلدية مؤتة والمزار بالقول إن الحكومة ومن خلال وزارة الشؤون البلدية أعدت دراسة، وهي الآن في مراحلها النهائية لتقييم تجربة دمج البلديات في المملكة، مؤكدا أن الحكومة لا توجد لديها مشكلة في التراجع عن قرار الدمج إذا ارتأت عدم جدواه ومنافعه على البلديات ووفق أسس واضحة وسليمة.
وحول مطالب الوفد بالاهتمام بالطالب المدرسي بشار مأمون البطوش من البلدة الذي اخترع نظريات جديدة في الرياضيات والكيمياء، أبدى رئيس الوزراء اهتمام الحكومة بتبني هذا الطالب ودعمه وتوفير الظروف الملائمة له لمواصلة إبداعاته مستقبلا.
وقال رئيس بلدية الطيبة الأسبق توفيق البطوش إن معاناتهم من انقطاع المياه بدأت منذ ستة شهور، ووصلت حدا أصبح فيه الأهالي يتسولون فيه المياه من سلطة المياه.
واعتبر أن جدول توزيع المياه ليس إلا ذرا للرماد في العيون، فالسلطة لم تلتزم به ومعاناة السكان تتفاقم.
ووصف المواطنان يوسف وجميل البطوش دور سلطة المياه بالغائب، "ولا تجد سوى التعذر عن تواصل انقطاع المياه بحجج مختلفة من مثل تعطل المحطة، وانقطاع التيار الكهربائي، وقلة المياه، وعطل الخطوط..". وقال المواطن عبدالمجيد النجديين إن صهاريج السلطة تصل إلى قرية الطيبة في بعض الأيام، ولا تفي بالغرض، وتتدخل فيها الوساطة والمحسوبية، ولا يمكن أن تلبي حاجات أهالي القرية. وأضاف: "قمنا ببيع المواشي التي نملكها بسبب قلة المياه، التي استمر انقطاعها لشهور".
واشتكى مواطنون لرئيس الوزراء محافظ الكرك الذي لم يزر القرية، وطلب أن يقوم وفد يمثل القرية بزيارته.
وذكر أحد مواطني البلدة أن الطفل محمد الطورة البالغ من العمر تسع سنوات اقترح على ذويه بيع الخزان والمواسير، وإعادة عداد المياه للسلطة.
وقال المواطنون إن مشكلة بلدتهم ليست جديدة، بل مضى عليها سنوات، لكنها ازدادت خلال الصيف الحالي رغم الحلول التي تم تنفيذها بمبالغ طائلة.
وبين المواطن مصطفى البطوش أنه لم يعد أمام سكان الطيبة حلول سوى الاستنجاد بأصحاب الصهاريج، ما أدى إلى انتعاش تجارة المياه بشكل كبير. وتكمن مشكلة الينابيع الثلاثة التي تغذي البلدة "عين السراب، والمرزاب، والسراق" في تلوثها، فضلا عن بعدها عن البلدة. وبات مشهد انهماك نساء البلدة في نقل المياه من هذه الينابيع على رؤوسهن مألوفا.
وتؤكد أم أحمد أن المياه الملوثة تستخدم فقط في الطبخ وغسل الأواني وتنظيف البيت، أما مياه الشرب فتشترى بأسعار خيالية.
ويبحث أهالي الطيبة عن حلول ناجعة لمشكلة عدم توفر المياه في منازلهم. ومنها مبادرة أحد المواطنين بإقامة خزان كبير بتكلفة زادت على خمس آلاف دينار يتسع إلى 100 متر مكعب من أجل استخدامه مستقبلا في توفير مياه الشرب لمنزله وجيرانه.