مشروع مارشال
هل تم تقييم قيمة الدمار المادي للدول التي عصف بها الربيع العربي
هل تم تغيير الأنظمة في هذه الدول أم تم تغيير أشخاص في قمة الهرم
ما هي قيمة الأموال التي نُهبت وسُرقت وفُقدت في بطون الحسابات السرية وتحت مسمى الفساد في البنوك العالمية وفي مؤسسات الإستثمار الأجنبية وكيف سيتم استردادها
ما هي الخسائر البشرية التي فقدتها الدول العربية في ربيع الثروات وكيف سيتم تعويض عائلاتهم أم أن الذي مات قد مات وماتت بموته كل حقوقه وكل حقوق من خلفهم من بعده
كم عدد الجرحى وكم هي تكلفة علاجهم وإعادة تأهيل من أصيبوا أو فقدوا أطرافهم هل هناك ثمن للعين أو للذراع أو لقطرة الدم التي سُفكت . أو للمرأة التي أغتصبت .
ما هي التكلفة الفعلية للحروب التي خاضتها الأنظمة العربية من الناحية العسكرية وكيف سيتم تعويض الأسلحة التي تدمرت أو استهلكت
كيف ستتمكن الدول العربية من إعادة بناء البنية التحتية من طرق ومباني ومستشفيات ومدارس وجوامع ومواسير المياه والجسور ومحطات الكهرباء والمصانع والموانىء وشبكات المواصلات وشبكات الإتصالات ومباني حكومية ومنازل المواطنين وما هي المدة الزمنية لرأب الصدع المادي والإنساني وعلى رأس هذا الصدع ما أحدثته هذه الحروب في ذاكرة الأطفال
هل سيقوم المنتدى الإقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت بمناقشة الآثار الإقتصادية التي تعرضت لها الدول العربية نتيجة الربيع العربي.
هل سيقوم المنتدى الإقتصادي العالمي المنعقد في البحر الميت بوضع تصورات أو حلول للأبعاد الإقتصادية التي تتعرض لهل الدول العربية نتيجة الربيع العربي.
هل سيقوم المنتدى الإقتصادي العالمي بمناقشة أبعاد وآثار هذه الثورات على الدول العربية وعلى وجه الخصوص تأثير ما يدور في سوريا على الأزمات التي يتعرض لها الأردن وبالذات الأزمة الإقتصادية نتيجة إستضافة اللاجئين السوريين.
تتم في هذا المؤتمر معالجة الكثير من القضايا الدولية ولماذا لا يتم مناقشة الأزمات التي يعاني منها الأردن وعلى رأسها الأزمة المالية وأزمة الطاقة وأزمة المياه وأزمة الكهرباء وأزمة تأمين مصادر الطاقة وأزمة الخصخصة ونتائجها على الشعب الأردني وأزمة المديونية وأزمة الفساد وبيع مقدرات وثروات الوطن.
مشروع مارشال :
هو برنامج المساعدة الإقتصادية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى دول أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية بناء على الإقتراح الذي قدمه الجنرال مارشال في جامعة هارفارد بتاريخ 5/6/1947 والذي تبناه الرئيس الأمريكي ترومان بموجب القانون الموقع في 3 نيسان 1948 بإسم برنامج إعادة بناء أوروبا . والمحددة مدته بأربع سنوات أي من ألأول من نيسان 1948 لغاية 30 حزيران 1952 . وكان من المنتظر أن تتمكن الدول الأوروبية حتى نهاية مدة البرنامج من تحقيق إعادة توازن ميزانياتها الحسابية وإستعادة إستقلالها الإقتصادي والمالي.
ولقد اعتبر هذا المشروع أنجح مشروع إقتصادي للسياسة الأمريكية الخارجية إبان عهد الحرب الباردة . ولقد تم إتخاذ قرار البدء بتنفيذ هذا المشروع إنطلاقا من رغبة الولايات المتحدة بتقليص النفوذ الشيوعي بين دول أوروبا وذلك عن طريق دعم هذه الدول ورفع مستوى إقتصادها وتحقيق مستوى من المعيشة يجنب هذه الدول الظروف الصعبة التي سيطرت على دول أوروبا لا سيما بعد الحرب العالمية الأولى مثل الكساد الإقتصادي الذي ساد العالم في العشرينات والثلاثينات بالإضافة إلى محاولة تجنيب العالم ويلات حرب عالمية ثالثة .
ولقد استمرت الحرب العالمية الثانية منذ عام 1939 حتى عام 1945 ودمرت نتيجتها المدن والمصانع وشبكات الطرق وسقط الملايين فريسة الفقر والجوع . ولقد قتل ما يقارب 10% من مجموع سكان أوروبا في ساحات القتال.
كما أن المزارعين قد فشلوا في استغلال أراضيهم أولا لعدم توفر الأسمدة والآليات اللازمة وثانيا لإنهيار طرق المواصلات بالإضافة إلى فقدان معظم المواشي . ولقد كان المصدر الرئيسي للطاقة في ذلك الوقت الفحم الحجري حيث فشلت مناجم الفحم في تلبية احتياجات الناس والمصانع .
ولقد افتقد عمال المناجم آلات وأدوات استخراج الفحم وحتى لو تمكن المنجم من إنتاج كميات كافية كانت وسائط النقل متعذرة بسبب إنقطاع المواصلات وتدمير الطرق . وكان نقص الفحم الحجري يعني توقف المصانع عن العمل والإفتقار إلى الطاقة والدفء وتوقف القطارات واستسلام أوروبا إلى شتاء بارد طويل .
ولقد قامت الولايات المتحدة بالتعاون مع الأمم المتحدة بتمويل برنامج خاص لإغاثة وإعادة تأهيل المناطق الأوروبية المنكوبة بالحرب من أجل التغلب على المصاعب الإقتصادية والإجتماعية . وبعد ثلاث سنوات من بدء المشروع والذي أطلق عليه إسم برنامج الأمم المتحدة لإغاثة وإعادة تأهيل المناطق المنكوبة بالحرب . قام الكونغرس الأمريكي بمطالبة الرئيس الأمريكي بالتوقف عن دعم هذا المشروع سيما وأن بعض الدول المستفيدة من هذه الأموال هي دول واقعة في فلك الإتحاد السوفياتي . وفي عام 1946 أعلن الرئيس الأمريكي ترومان توقف حكومته عن الإستمرار في تمويل المشروع .
ومع إنتهاء الحرب أخذ الخلاف يدب بين الحلفاء واتسعت هوة الخلاف بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي . وطالبت الولايات المتحدة الإتحاد السوفياتي بسحب قواته من إيران وعدم ممارسة الضغوط على تركيا من أجل بناء قواعد عسكرية سوفياتية . بالإضافة إلى إختلاف وجهات النظر حول وضع الأسلحة النووية تحت المراقبة الدولية . كما نشب خلاف أيضا حول الطريقة التي يقوم فيها الإتحاد السوفياتي بمعاملة سكان الأراضي الألمانية المحتلة .
وفي هذه الأثناء أخذت الأحزاب الشيوعية في كل من إيطاليا وفرنسا تنمو . وأخذت الأفكار تنتشر وخشيت الولايات المتحدة أن يؤدي الفقر الأوروبي وسؤ الأحوال الإقتصادية إلى سقوط هذه الدول فريسة للعقيدة الشيوعية ومبادئها تحت قيادة ستالين .
وفي مطلع 1947 كانت بريطانيا تعاني أزمة إقتصادية خانقة حيث بلغت قيمة الديون 3750 مليون دولار . ولقد اضطرت الحكومة البريطانية إلى وقف دعمها لحكومة المحافظين اليونانية وذلك في ظروف حرب أهلية يونانية يقودها الحزب اليساري اليوناني وتدعمه يوغوسلافيا بالسلاح ويؤيده الإتحاد السوفياتي .
ولقد خشي الرئيس الأمريكي أن تؤدي سيطرة الشيوعيين على الحكم في اليونان إلى زيادة النفوذ السوفياتي في تركيا وإلى زيادة نشاط الأحزاب الشيوعية في كل من إيطاليا وفرنسا . وبتاريخ 12/3/1947 طالب الرئيس الأمريكي ترومان الكونغرس الأمريكي الموافقة على تخصيص مساعدة عسكرية بمقدار 400 مليون دولار لكل من اليونان وتركيا. وقد وضعت الحكومة الأمريكية لنفسها ثلاثة أهداف هي : الأول دعم منظمة الأمم المتحدة وثانيا العمل على زيادة وتعزيز القوة العسكرية الأمريكية وتولي زمام القيادة السياسية بين الدول الصديقة والثالث معالجة المشاكل الإقتصادية والإجتماعية ومساعدة الدول الأوروبية للنهوض وتحقيق الإكتفاء الذاتي والبدء بدفع عجلة الإقتصاد وبرامج التنمية .
الجنرال جورج مارشال :
في شهر تشرين الثاني عام 1947 تسلم جورج مارشال مهام عمله كوزير للخارجية الأمريكية بعد أن خدم كرئيس لهيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي حيث كان مسؤولا عن الإستراتيجية الأمريكية العسكرية . وقبل ذلك وخلال عامي 1945 و1946 كان جورج مارشال على رأس فريق أمريكي في مهمة في الصين . وذلك من أجل التقريب بين وجهات نظر الصينيين الوطنيين والصينيين الشيوعيين من أجل منع نشوب حرب أهلية بين الطرفين . ولقد حظي مارشال بإحترام وثقة الرئيس الأمريكي . فما أن تولى وزارة الخارجية حتى باشر سلسلة من الدراسات على برنامج المساعدات الأمريكية وأوجد مركزاً في وزارة الخارجية مختصا بدراسة التخطيط السياسي للولايات المتحدة وقد تم تعيين " دين أشيسون " كنائب لوزير الخارجية . وقد اشتهر أشيسون بالدراسة والمعرفة وأدرك أن الولايات المتحدة قد بدأت حمل أثقال وبقايا المشاكل التي عانت منها بريطانيا . كما أن شيسون لم يثق بالأمم المتحدة ولم يقتنع بدورها في تحقيق التنمية الإقتصادية . ولقد طالب حكومة الولايات المتحدة بأخذ زمام المبادرة من أجل دعم المشاريع الإقتصادية لدول أوروبا بالإضافة إلى تقويتها من الناحية العسكرية ودعمها سياسيا لتتمكن من مجابهة التوسع السوفياتي.
في مطلع شهر آذار عام 1947 قام وزير الخارجية الأمريكي بزيارة موسكو لحضور إجتماع وزراء خارجية الإتحاد السوفياتي وبريطانيا وفرنسا . ولقد تم بحث موضوع ألمانيا واقترح مارشال على الوزراء الآخرين ضرورة إنعاش إقتصاد ألمانيا ومساعدتها على بدء حياة جديدة وفي شهر نيسان 1947 عاد جورج مارشال إلى واشنطن بعد أن عارض كل من وزير خارجية فرنسا والإتحاد السوفياتي مقترحاته . وأصدر أوامر بتشكيل لجنة خاصة من وزراء الخارجية والدفاع والبحرية ووزارة المالية لدراسة برنامج مساعدة لدول أوروبا . ولقد أوصت هذه اللجنة بضرورة الإسراع في تقديم المساعدات الإقتصادية اللازمة للدول ذات الأهمية الإستراتيجية والدول الغنية بمصادرها الطبيعية مثل المعادن والبترول أو الدول ذات المواقع الجغرافية الهامة من الناحية الإستراتيجية
وبتاريخ 5 حزيران 1947 قام وزير الخارجية ألأمريكي جورج مارشال بطرح برنامج متكامل لمساعدة دول أوروبا . واستعداد الولايات المتحدة لتقديم المساعدات المالية للخروج من الأزمة الإقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية والإجتماعية . كما دعا الإتحاد السوفياتي للمشاركة في هذا البرنامج من أجل تجنيب العالم خطر نشوب حرب جديدة . كما أنه دعا دول أوروبا إلى إعداد خطة خاصة بهم من أجل تنمية بلدانهم والإستفادة من المساعدات التي ستقوم الولايات المتحدة بتقديمها لهم . ودعا إلى قيام مشروع متكامل تتبناه الدول الأوروبية حيث دعاهم إلى تقديم إقتراحاتهم بهذا الخصوص .
ولقد استجاب كل من وزير الخارجية البريطاني بيفين ووزير الخارجية الفرنسي جورج بيدولت لنداء وزير الخارجية الأمريكي واجتمع الوزيران في باريس . ووجها دعوة إلى وزير الخارجية السوفياتي " مولوتوف " لعقد اجتماع في باريس . وبالفعل فلقد حضر مولوتوف لباريس ولكنه غادرها بعد أيام ليشن حملة سياسية ضد مشروع مارشال ووصف المشروع بأنه يهدف إلى إحتكار الإقتصاد الأوروبي وحماية النظام الإقتصادي للولايات المتحدة من الإنهيار وما أن غادر مولوتوف باريس حتى بادر كل من وزير الخارجية البريطاني والوزير الفرنسي إلى دعوة إثنين وعشرين دولة أوروبية من أجل الإجتماع في مؤتمر عام لمناقشة خطة شاملة للنهوض بالإقتصاد الأوروبي .
ولقد لبت الدول الإشتراكية هذه الدعوة في بادىء الأمر إلا أنها ما لبثت أن تراجعت تحت تأثير الإتحاد السوفياتي والذي أعلن بدوره عن توقيع إتفاق تجاري مشترك بين الدول الإشتراكية أطلق عليه " مشروع مولوتوف " ينادي فيه إلى التعاون الإقتصادي بين الإتحاد السوفياتي والدول الإشتراكية ويطالب الدول الإشتراكية على تخفيض تعاملها التجاري مع الغرب.
بتاريخ 19/12/1947 قدم الرئيس الأمريكي ترومان اقتراحه القاضي بتخصيص 17 مليار دولار لمساعدة أوروبا .
وبتاريخ 3 نيسان 1948 تم التوقيع على مشروع مارشال وأقر اكونغرس الأمريكي تقديم مبلغ 4.3 مليار دولار للسنة الأولى من برنامج المساعدة لدول أوروبا الغربية ويتم توزيع باقي المبلغ على أربع سنوات.
وفي السنة الأولى تم إنفاق معظم هذه المساعدات في شراء المواد الغذائية والبترول وفي السنة الثانية اتجه الإهتمام إلى شراء الآلات والأدوات وتحسين المصانع الأوروبية لزيادة إنتاجها وبالتالي إلى إنتاج وتصنيع الآليات .
في هذه المرحلة قام الإتحاد السوفياتي بإحتلال تشيكوسلوفاكيا وفي شهر آب 1949 نجح الإتحاد السوفياتي في تفجير قنبلته الذرية الأولى .
في شهر حزيران 1950 بدأت الحرب الكورية ومع توالي الأحداث تحول مشروع مارشال من مشروع إقتصادي إلى مشروع تكامل عسكري بحيث يعمل على تقوية وتعزيز القوة العسكرية لدول أوروبا لمواجهة التزايد في القوة العسكرية السوفياتية والمعسكر الشرقي. ولقد قامت الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبا الغربية بالتوقيع على معاهدة شمال الأطلسي . وتم تعيين الجنرال دوايت آيزنهاور قائدا لقوات حلف الأطلسي وتم إرسال فرق أمريكية لتأخذ مواقعها في أوروبا.
وفي نهاية عام 1950 قامت الدول الأوروبية بالتوقيع على مشروع السوق الأوروبية المشتركة.
ولو حاولنا تقييم مشروع مارشال من الناحية السياسية لوجدنا أنه ساهم في تقسيم أوروبا إلى معسكر شرقي ومعسكر غربي . ومن الناحية الإقتصادية فبالرغم من أن قيمة المساعدات لم تتجاوز 5% من موازنة الدول الأوروبية إلا أن هذا المشروع قد ساهم في تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي على حد سواء . وفي نهاية مشروع مارشال في عام 1952 ارتفعت نسبة الإنتاج الصناعي وزادت عن معدلات الإنتاج السابقة بمعدل 35% كما أن الإنتاج الزراعي أيضا قد زاد بنسبة 10% عن السنوات السابقة.
كما ارتفع ميزان التبادل التجاري بين الدول الأوروبية بمقدار 70% نظرا لتطبيق ميثاق السوق الأوروبية المشتركة وما صاحبها من استبدال القوانين والأنظمة .
وبالطبع فإن المستفيد الأول والأخير هو الولايات المتحدة سيما وأنها حولت أوروبا إلى منطقة عازلة وخط دفاع استراتيجي أول ضد المعسكر الشرقي والإتحاد السوفياتي كما ساهمت الأموال التي تم إنفاقها في الولايات المتحدة بالبحث عن أسواق جديدة للإستهلاك والتصدير.
باحث في الدراسات الإٍتراتيجية والأمن القومي