الاستقلال ماض .. وحاضر.. ومستقبل

تم نشره الجمعة 24 أيّار / مايو 2013 12:56 مساءً
الاستقلال ماض .. وحاضر.. ومستقبل
الملك عبد الله الثاني مع الملك الرحال الحسين بن طلال

المدينة نيوز - إعداد مديرية التوجيه المعنوي - لكل أمة من الأمم أيامها الخالدة التي تعتز بها وتفاخر بين الشعوب والأمم , تلك الأيام في تاريخ أردننا الحديث التي صاغها الغر الميامين من آل هاشم العظام بجهدهم ومثابرتهم وعرقهم ..

أول تلك الأيام يوم الاستقلال الذي كافح الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه من أجل نيله وتحقيقه للبلاد العربية ووحدتها تحت ظل راية الثورة العربية الكبرى وقد تحقق ذلك على يد جلالة الملك فيصل الأول عندما دخلت قواته مدينة العقبة عام 1917 ومدينة دمشق عام 1918 لترفع علم راية الثورة العربية الكبرى خافقة على سفوح قمم سوريا المستقلة ..

إلا أن غدر الحلفاء وتنفيذ سياستهم الرامية إلى منع قيام دولة قوية عربية مستقلة وتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو واتفاقية سان ريمو وتطبيق الانتداب على سوريا والعراق والأردن وفلسطين حال دون ذلك فقامت القوات الفرنسية باحتلال سوريا وانهزمت القوات العربية بمعركة ميسلون , عندها لبى شريف العرب وسيد الأحرار الحسين بن علي نداء وجهاء شرق الأردن فصنع لها أمجادها وجسد آمالها وطموحاتها حينما أرسل سمو الأمير عبد الله إلى شرق الأردن ليحقق لهم الاستقلال الأول عام 1923، والاستقلال الثاني عام 1946 وبذلك أعاد للأردنيين كرامتهم وحريتهم في اتخاذ القرار واختيار منهاج حياتهم بأنفسهم .

لقد أعاد الاستقلال للأردن انتماءه لفكره وعروبته وهويته وعقيدته ودوره التاريخي تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية , فالاستقلال مبدأ نبيل وهدف سياسي سامٍ من أهداف ثورة العرب الكبرى التي سعى مفجرها من جوار بيت الله العتيق لاستقلال الأمة وتحريرها بعد أن عانت من التبعية زهاء أربعة قرون مضت فطمست هوية العرب وذوبت شخصيتها ، فكانت الثورة النور الذي انبثق منه الأمل , وجاء الاستقلال ليكون الرجاء وبداية الطريق الصحيح لبناء أردننا الحر المستقل الكريم .

فالاستقلال رحلة طويلة سنحاول الوقوف على أبرز محطاتها , لكن الذي يجب التأكيد عليه أننا وحينما نحيي ذكرى الاستقلال فإننا نحيي في الأمة نهضتها , وعزها , ومجدها ,كما نقف بإجلال واحترام لصانعي الاستقلال , ونترحم على أرواحهم وأرواح شهدائنا الأبرار ..

ويأتي إحياؤنا للذكرى في هذا الظرف المفصلي الدقيق والصعب الذي تمر به الأمة ليدفعنا للتوقف واستقاء العبر من معاني الاستقلال , فحتى وقت قريب كانت قبلتنا وأفئدتنا تتجه غرباً صوب ما يعانيه الأهل غربي النهر , ثم أصبحنا ننظر شرقاً وغرباً بعد أن فُتِق في الأمة جرح العراق النازف , والآن أصبحنا ننظر شرقاً , وغرباً , وشمالاً , وجنوباً , حيث يتهدد استقلال الأمة , وتُقيد حريتها , وتنتهك محارمها .

الأردن .. الذي نحتفل باستقلاله يعني ككلمة وكما جاءت في (معجم البلدان ) لياقوت الحموي (الشدة والغلبة) , وقيل ان الأردن هو أحد أحفاد سيدنا نوح عليه السلام , نقول: إن الأردن هو وطن المحبة والسلام , أرض العروبة والإسلام , أرض أهل العزم , وأرض الرباط والحشد..

أما الموقع : فيقع الأردن بين خطي عرض 23 و 29 درجة شمالاً وخطي طول 34 و 39 درجة شرقاً .. ونقول : إن الأردن يقع بين الواقع والطموح .. بين الإمكانات والتحدي .. بين الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة وبين التهديدات التي أصبحت تواجهها الأمة من كل حَدب وصوب.

أما مساحة الأردن فتبلغ 297ر89 كيلو مترا مربعا .. ونقول : إن المساحة الأردنية تتجاوز حدود الجغرافيا .. إنها مساحة يمتد فيها العطاء الأردني منذ العصور الحجرية القديمة .. مروراً بالحضارات العظيمة التي تعاقبت على الأرض الأردنية ( العمونيون ، الأدوميون ، المؤابيون ، اليونانيون ، الأنباط ، الرومانيون ، الأمويون ، العباسيون ، الأيوبيون ، المماليك ، والعثمانيون).. واليوم , تمتد المساحة الأردنية لتتجاوز الحدود الجغرافية , وليزيدها الأردنيون اتساعاً برفدهم الإنسانية بالخير الأردني على الصعد كافة : الفكرية ، العلمية، الإنسانية ، العسكرية وغيرها.

أما حدود المملكة الأردنية الهاشمية , فيحدها من الشرق السعودية والعراق ، ومن الغرب فلسطين المحتلة ، ومن الشمال سوريا ، ومن الجنوب السعودية , ونقول : إن الأردن يحده من الشرق العراق الجريح والبركان المتجدد الانفجار، ومن الغرب الاحتلال الإسرائيلي الجاثم فوق الأرض العربية وما يمثله من تهديد وأطماع عدوانية تجاه الأردن تختفي وتعاود الظهور بحسب التطورات في المنطقة والتقلبات التي تطرأ على سدة الحكم هناك , ويحد الأردن من الشمال الشقيقة سوريا وهي تمر بمرحلة صعبة من التهديد الداخلي والخارجي .. ومن الجنوب السعودية الشقيقة العزيزة وما تمثله من ثقل في العالمين العربي والإسلامي وما تواجهه من تهديد لأمنها الداخلي.

وهكذا.. فإن عوامل الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والأمن والإستراتيجية والإيديولوجيا الأردنية وما يعتريها من تداخلات كلها عوامل تجعل الأردن يتأثر بطريقة أو بأخرى بكل ما يجري في دول الجوار , وتجعله يأخذ زمام المبادرة ويتفاعل إيجابياً مع كل ما يجري في محيطه , ولم يقدم شعب لأمته ما قدمه الشعب الأردني لأمته العربية , ولم يلق شعب من جحود ونكران بقدر ما تلقاه الأردنيون من بعض من لا يحسبون على الأمة العربية " إلا عند التعداد السكاني !! " .. فقد حارب الأردنيون .. ودافعوا عن الكرامة العربية .. عن الأرض .. والعرض .. والشرف العربي، تجاوزت دماؤهم حدود الدولة الأردنية .. وحينما عجز القاعدون ـ من الذين أبَوْا إلا أن يكونوا مع الخوالِف من الأمة ـ أن يقدموا للأمة ما قدمه الأردنيون .. راحوا يخلقون لأنفسهم الأعذار .. ويشككون في المواقف والإنجازات الأردنية .. ويزورون التاريخ بمداد آسن تفوح منه رائحة الغدر والخيانة.

الأردن ( موئل الأحرار ,وموطن الاستقلال , بلد الكرامة , وفخر العرب ) , مر كسائر الأوطان بمراحل تجاذبتها التحديات والإمكانات , وتجاوز بعزيمة أهله ومضاء قيادته الهاشمية المظفرة أشد المصاعب والمحن , ولم تكن رحلة استقلاله بالشيء الهين , ولا بالأمر اليسير , بل مرت بمراحل طويلة امتدت جذورها إلى بطون الحجاز حين أطلق شريف مكة الحسين بن علي رصاصة الثورة العربية الكبرى معلناً انطلاق فجر جديد , وثورة على قوى الظلم والاستبداد , وتأطيراً لمنهجية الاستقلال والتحرر من القوى والنفوذ الأجنبية , وتحريراً للأمة بعد أن عانت من التبعية مدة 400 سنة طمست في نهايتها هوية العرب وذوبت شخصيتها.

لقد ورث الأردن مبادئ وفكر الثورة اللذين منحاه ذلك الوجه العربي على أساس من عقيدة الإسلام، وظل الأردنيون عرباً في زمن ذابت فيه العروبة بين ثنايا الأيديولوجيات الوافدة ، وظلوا وحدويين في حقبة من التاريخ انتصرت فيها الإقليميات ، ومن هنا كان الظلم الكبير الذي لحق بالمسيرة الشعبية الأردنية لأنها مسيرة استعصت على فهم الكثيرين لأن فكرها ومنطلقاتها تختلف عن فكر ومنطلقات الآخرين.

أما المحطة التالية في مسيرة الاستقلال الأردني فقد كانت عندما لبى شريف العرب .. وسيد الأحرار الحسين بن علي نداء أحرار الأمة وأرسل ابنه الأمير عبد الله ليساعد أبناء سوريا الذين كانوا يدافعون عن استقلالهم بقيادة شقيقه الأمير فيصل .. ولينقذ منطقة شرقي الأردن من حالة الفوضى وانعدام الأمن ويؤسس فيها عام 1921 إمارة استقلت فيما بعد 1923 وأصبحت رمزاً للاستقرار والتحرر , وموئلاً للأحرار العرب , فأسس الجيش العربي على مبادئ الاحتراف والحرية , وعلى عاتق الجيش أُلقيت مهمة النهوض بالوطن الناشئ إضافة لمهمة الدفاع عن حياضه.

وتمضي مسيرة الاستقلال إلى محطتها الثالثة , لتحقق الاعتراف بالاستقلال الأكبر في 25 أيار 1946 على يد الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين ليعيد للأردنيين حريتهم ويصون كرامتهم ويحررهم من الاستعمار البريطاني ..

لكن أركان هذا الاستقلال لم تكتمل حتى آلت الراية الى المغفور له جلالة الحسين بن طلال الذي قام بتعريب قيادة الجيش العربي عام 1956 واناط مهمة قيادته بضباط أردنيين عرب بدلاً من القيادة البريطانية التي كانت تقف عائقاً أمام إكمال الاستقلال , ثم أتبع جلالته تلك الخطوة العظيمة بقرار شجاع تمثل في إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957 .

وبذلك أصبح الأردن يتمتع بجميع حقوقه , ويمارس سلطاته بإرادته دون إملاء من أحد أو شروط خارجية , وأصبح الجيش الضامن الأساس لحرية واستقلالية القرار السياسي , ثم مضى الحسين يصون الاستقلال من خلال بناء الشخصية الأردنية وفق أسس تقوم على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والقيم الإنسانية الراقية ..

فعمد الى تحديث وتطوير بناء الجيش العربي الأردني من خلال تزويده بأحدث الأسلحة والمعدات وتنويع مصادر تسليحه , وخاض به معارك الشرف والرجولة للدفاع عن الثرى العربي الطهور , وعن الكرامة العربية , حتى غدا الجيش مثالاً للاحتراف والانضباط اللذين جعلاه أهلاً لثقة الأسرة الدولية , وأصبحت تناط به مهام حفظ السلام والأمن والاستقرار ومساعدة الشعوب في نيل حريتها واستقلالها , والعيش بكرامة في أوطانها , أما الإنسان الأردني فقد كان محط عناية واهتمام جلالة المغفور له الحسين بن طلال , فعمل على تحقيق سبل رفاهيته وإسعاده من خلال بناء دولة المؤسسات والقانون التي ارتكزت إلى الدستور الأردني الذي أنجز في عهد الملك طلال طيب الله ثراه.

وفي ظل المملكة الرابعة في مسيرة الدولة الأردنية نعم الأردنيون بالأمن والاستقرار , ومضوا بقيادة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في انطلاقة جديدة ,عمادها العمل الدؤوب بمضاء أهل العزم , وصون منجزات الاستقلال من خلال الإيمان بحق الفرد في العيش بكرامة وحرية على أرضه , وأن لا يشعر بأي تمييز بسبب عرقه أو دينه أو لونه ..

الاستقلال لا يقف عند طرد المستعمر الأجنبي وإقامة حكومة وطنية فقط , فالتاريخ الحديث يشهد على العديد من الدول التي كان الاستقلال بالنسبة لها وبالاً حينما اكتوت بنار الحرب الأهلية , واستبدادية النظم الحاكمة , لذلك فإن معنى الاستقلال وأهدافه السامية في أية دولة يرتبط بما يمثله من إنجازات على الساحتين الداخلية والخارجية , ويتسامى هذا المعنى كلما أصبح إرثاً لا يمكن التنازل أو الاستغناء عنه , وفي ظله تتجسد معاني الحرية والعطاء والسيادة والانعتاق من القيود الأجنبية.

التحديات .........

وعلى الرغم من كل الإنجازات التي حققها الاستقلال , إلا أن أمتنا ما زالت تواجه تحديات يجب الاهتمام بها إذا ما أردنا أن نصون الاستقلال ونحميه , ولعل أهم هذه التحديات تلك التحولات الخطيرة في المنطقة والعالم بعد أحداث 11 أيلول , وما آل إليه الوضع في العراق الشقيق , وما جرى ويجري في بلدان الربيع العربي من قتل ودمار ، والاعتداء الوحشي المتواصل الذي يتعرض له أشقاؤنا الفلسطينيون على يد آلة الحرب واليمين الإسرائيلي الحاكم ..

ونحن نعيش الاستقلال حياة وواقعاً , فإننا ننظر بعين الأسى لما يعيشه أهلنا في فلسطين الحبيبة , ونشعر بالحزن حينما نرى الشعوب الأخرى وقد نالت استقلالها الواحدة تلو الأخرى , وتنعم بالعيش حرة في أوطانها , إلا الوطن الفلسطيني المحتل , الذي لا زال الجرح النازف في الجسد العربي , وما زال الهم الفلسطيني شغلنا الشاغل , وإذ ينظر الأردنيون والعرب , ويتابعون باهتمام شديد المواقف المشرفة لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين تجاه ما يجري لأهلنا في فلسطين المحتلة , والمساعي الحثيثة لجلالته في سبيل إيجاد حل عادل ومشرف للقضية الفلسطينية ليجددون البيعة لقائد المسيرة , ويقفون الى جواره وهو يصون الاستقلال , ويدافع عن الحرية العربية.

أما التحدي الآخر فهو التغلب على شح الموارد المحدودة , فتواضع الموارد الذاتية يحتم علينا انتهاج سياسة اقتصادية مرنة تحكمها قوانين واضحة ونافذة وبيئة ديمقراطية ناضجة.

والتحدي الآخر الذي يواجهه الاستقلال هو تحدي الفقر والبطالة ، وهنا يقع على عاتق الدولة مهمة مساعدة الشباب والأسر الفقيرة على التخلي عن مفهوم ثقافة العيب تجاه بعض الأعمال والمهن , وعلى الدولة أيضاً أن تمضي في انطلاقتها الاقتصادية الجديدة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، وأن نستمر في التحولات البنيوية العميقة في الاقتصاد والاستثمار في الإنتاج , كما أن على الأفراد أن يساعدوا الحكومة في هذا المجال وفي مجال استكشاف مواطن القوة والإنتاج لديهم , وذلك للمساعدة في تجاوز هذا التحدي ببعديه الاجتماعي والاقتصادي.

أما تحدي الوحدة الوطنية والتحدي الأمني فهو التحدي الأهم , فقد اجتزنا قبل مدة وجيزة تحدياً صعباً وأحبطنا بفضل الله أولاً , ثم بوعي أجهزتنا الأمنية , وتكاتف أبناء مجتمعنا الأردني , عدة محاولات جبانة استهدفت أمن البلد واستقراره من خلال زمرة لا تضمر للأردن إلا الشر , فالذين يسعون للضرب هنا , أو في السعودية , أو في سوريا , أو في الدار البيضاء , أو في أي مكان يستهدف أرواحاً بريئة إنما يضربون النظام العربي في صميمه , ويخدمون أعداء الأمة ويساعدونها في تمرير أجنداتها , كما يسيئون في الوقت ذاته لسمعة ديننا الإسلامي الحنيف ..

وهنالك تحدٍ آخر يتمثل في انعكاسات القضية الفلسطينية على الساحة الأردنية ، فقد قيض للوليد الأردني بعد الحرب العالمية الأولى أن يكون برعاية الملك عبد الله الوالد المؤسس الذي تميز بالحكمة والبصيرة وبعد النظر , ولا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية في جانب كبير منه، هو محصلة تفاعل الأسرة الهاشمية الحاكمة مع الشعب الأردني وتفاعل الأردن قيادة وشعبا مع القوى الإقليمية والدولية والقضايا القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ويكفي أن نذكر في هذا الصدد الإنجاز التاريخي للمغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين الذي أخرج بحنكته وجهده الأردن من الإقليم الذي شمله وعد بلفور وأكد عليه صك الانتداب الصادر في 24 تموز 1922 ، والآن ينقذ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين فلسطين من وعد بلفور ثانٍ من خلال زياراته وجولاته وانتزاع ضمانات أميركية وأوروبية أعادت خلط أوراق المنطقة من جديد بعد أن كانت ترتب على نحو كان يستهدف وجود الأمة وينكر عليها حقوقها التاريخية.

تقوم كل دولة على ثابتين أساسيين ( الأرض والشعب ) لكن في حالة الدولة الأردنية يضاف لهما ثابتان آخران هامان هما ( الجيش والقيادة الهاشمية ) ، فقد قام الجيش العربي بدور أساس في نشوء الكيان الأردني وتطويره ولا يمكن للدارس أن يستوعب بشكل صحيح تطور الكيان الأردني دون أن يتتبع المراحل المختلفة التي مر بها الجيش منذ تأسيسه حتى استكمال الأردن لاستقلاله في آذار 1956، حينما عرّب جلالة الحسين طيب الله ثراه قيادة الجيش.

وعلى عاتق الجيش كانت مهمة صيانة الاستقلال سواء في الذود عن حياض الوطن أم في المساهمة بشكل مباشر في النهوض ببرامج التنمية وخططها المتعاقبة ، كما سعت القيادة العسكرية على الدوام الى خلق مجتمع عسكري معرفي تقني متطور وذلك بإدخال الحوسبة وتقنية المعلومات وتوطين التكنولوجيا في كل جوانب حياتنا العسكرية التي هي جزء من هذا الوطن الغالي، وخير دليل على ذلك معرض سوفكس الذي يقام سنة بعد سنة في عمان، وتمرين الأسد المتأهب الذي يجري بمشاركة دولية واسعة وكذلك مسابقة المحارب التي تساهم في ترويج الأردن والتعريف به، وسنستمر بكوننا الجسر الذي يعبر عليه الأردن إلى العالمية، من خلال المشاركة في عمليات السلام الدولية، لترسيخ مفهوم ( الأردن أولاً ) في كل شيء، وعلى ذكر مفهوم الأردن أولاً فإننا كقوات مسلحة ما كان الأردن في وجداننا إلا أولاً .

والقوات المسلحة هي إحدى أهم أعمدة السيادة في البلاد، هذه السيادة المنبثقة دائماً عن الاستقلال، ونسعى دائماً إلى منع تسييس القوات المسلحة في ضوء أنها ضامنة الاستقلال وحامية الدستور، ودرع الوطن وحصنه المنيع ، كما أن الأردن أولاً كمفهوم يعني لنا في القوات المسلحة أن الوطن فوق كل اعتبار وأن أمنه واستقراره خط أحمر لا نسمح بتجاوزه، ونعاهدكم أن يظل أمن الأردن واستقراره مهمة أساسية وكل لا يتجزأ إن سلماً أو حرباً، على اعتبار أنه جزء من السيادة وأن الاستقلال منقوص إن غادر الأمن والاستقرار ربوع الوطن.

أما ما يعنيه لنا الاستقلال كعسكريين .. فهو اكتمال سيادة الدولة على بقعتها الجغرافية وشعبها , مع قدرتها على ممارسة هذه السيادة في شتى المجالات , ومن هنا فمهمتنا الأساس هي حماية وصون الاستقلال من خلال مساعدة الأجيال على تحقيق ما تصبو إليه من تطلعات نحو المستقبل المشرق من خلال الدفاع عن الوطن ضد أي تهديد قد يفقد الاستقلال معناه الحقيقي , فالاستعداد المتواصل والتدريب والتخطيط والمشاركة في برامج التنمية والجاهزية للقتال كل ذلك يساهم في تحقيق أمن واستقرار الوطن ودرء العاديات عنه.

ومن هنا نؤكد أن القوات المسلحة (الجيش العربي الأردني ) كبرى مؤسسات الوطن وحامية استقلاله , سيبقى جندها سيوف الأمة وسياج الوطن ونبض الأرض الصادق , يستذكرون تلك البدايات التي تأسست فيها قواعد دستورية تقدمية , جنبت مشروع النهضة عسكرة الفكر وتسييس الجيش , ليبقى الجيش واقفاً على المسافة نفسها من الأردنيين كافة , فنجونا من شبح الانقلابات العسكرية , ونجونا من الإعدامات السياسية , فقد أثرت تلك الإعدامات والانقلابات في عدم استقرار وازدهار بعض من دول الجوار الشقيقة , لكن جيشنا العربي بقي منذوراً للوطن والأمة .. يحمل شعار ( الجيش العربي ) المتعلق بالأرض العربية في علاقة حميمية .. كالعلاقة ما بين الطل وبواكير الورد.

في ظل المملكة الرابعة .......................

اليوم ونحن نتفيأ الظلال الهاشمي , حيث المملكة الأردنية الهاشمية الرابعة التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لننظر بعين الإعجاب والتقدير والاعتزاز للقيادة الشابة التي ما أن تولت زمام الأمر حتى سارعت في بناء مشروع نهضوي أردني عماده فكر تقدمي متحرر من الجمود ورواسب الزمن .. فكر يتعامل مع الأمور بروية .. وإستراتيجية شاملة .. ولتصليب عود الأردن كان لا بد من الابتداء بالإصلاح من أساس البناء .. وإن ثورة الإصلاح التي يتولى إدارة دفتها جلالة الملك لتدعونا إلى البدء بإصلاح البيت الأردني وإعادة ترتيبه من الداخل .. ومن هنا جاء شعار (الأردن أولا ) ليعمل على تدعيم أركان الاستقلال خاصة بعد أن تكرست القطرية بشكل واضح في منطقتنا بعد حرب الخليج الثانية.. وبعد أن استقوت الدول الكبرى على سيادة الدول الصغرى خاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول الشهيرة .. وإذا ما نظرنا إلى منجزات الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة التي هي أساس صون الاستقلال لوجدناها متعددة ومتجذرة .. فقد تولى بنفسه مهمة تنمية حقوق الإنسان الأردني وصهر جميع الأردنيين من شتى المنابت والأصول في بوتقة واحدة , وأثرى العملية التربوية بحوسبتها وتطوير تقنيات تكنولوجيا التعليم , وعمل على توسيع مظلة الأمن الاجتماعي , والرعاية الصحية , والشبابية , وعمل على إطلاق الطاقات الكامنة في المرأة ( نصف المجتمع ) واستثمارها في العملية التنموية.

أما على الصعيد الخارجي فقد استحوذ جلالة الملك على إعجاب العالم بفكره التقدمي ونضوج آرائه واعتدالها , وما زال في فكر الملك الشاب تصور لمملكة عصرية تمثل منطقة جذب وقدوة يحتذى بها في المنطقة والعالم , لكن الظروف الإقليمية والبيئة غير المستقرة التي تشهدها المنطقة ما زالت تحول دون إطلاق كامل ما يختمر في ذهن مليكنا وقائدنا الأعلى.

ختاماً.. وحينما نستذكر مناسبة الاستقلال ونحييها .. وحينما ننظر من حولنا حيث معاناة الشعوب وتضحياتها في سبيل الاستقلال .. فإننا ندين بالعرفان لصانعي الاستقلال .. ونجدد البيعة ونحفز الهمم لصونه .. ونعاهد جلالة قائدنا الأعلى بأن نبقى جنده الأوفياء المؤتمنين على رسالة الثورة العربية الكبرى .. رسالة الحرية والنهضة والتقدم .. ونعاهد أمتنا العربية بأن نبقى في طلائع التحرر العربي .. ويظل يحفر في أعماق وجداننا (بالشام أهلي وبالفسطاط إخواني ) .. نفيء فيه إلى البحر الهاشمي كلما داهمتنا الملمات نؤلف ونرتق ما مزقه الآخرون .. ونجمع ما فرقوا .. ونداوي ظلم ابن عم السوء بالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس .

حفظ الله الأردن حراً عربياً وحفظ جلالة قائدنا ورائدنا الملك عبد الله الثاني .. ( بترا )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات