ممثلي الاعاقة في الأردن – كشف المستور

تم نشره الثلاثاء 28 أيّار / مايو 2013 07:29 صباحاً
ممثلي الاعاقة في الأردن – كشف المستور
مراد سالم

مازالت الشؤون الاجتماعية والانسانية المتثلة خاصة في الشؤون الاعاقية في الأردن تعاني من التهميش والمضايقة الدائم لقضاياها، أو بأقل الحالات تعاني من عمليات تشويه والتفاف على واقعها القاسي والمرير. فمازلنا وبعد مرور أشهر على فضائح الاعاقة التي اجتاحت الأردن، نعاني من سوء تقدير واقع الاعاقة في الأردن، فلم نستطع رغم كل المحاولات أن نغير من واقع الحال شيئاً، ومازالت هناك الحكايا والروايات التي تنصّب كلها في بوتقة الانتهاكات الصارمة والمقنَّعة لواقع الأشخاص ذوي الاعاقة المرير. ويتمثل ذلك في تهميش واختلاف التأويل في معالجة قضاياهم الأساسية المهمة التي تعطيهم بصيص أمل وتفائل، رغم كل الصلاحيات التي أعطيت للجهات الرسمية لتغيير واقع الحال نحو الأفضل. فمن هو المسؤول مباشرة عن الانتهاكات الفاضحة التي يتعرض لها الأشخاص ذوي الاعاقة على مر السنوات؟ ومن هو المستفيد في تغطية أصحاب الحق وثنيهم عن الظهور للدفاع عن قضاياهم ومشاكلهم علناً؟

هذه الأسئلة التقليدية باتت بديهية وهزيلة كونها تجسد واقعاً مريراً عاشه ومازال يعيشه الأردن على مر السنوات المنصرمة، ولم يكن الحال أفضل في تأسيس المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين في العام 2007 أو حتى في إقرار بضع قوانين وأنظمة تتعارض مع كل مقومات الحقوق الانسانسة والقانونية الواجبة للأشخاص ذوي الاعاقة. بل كانت هذه القوانين والتعليمات والأوامر والهيكلية، بمثابة ذئب جائع ينهم من لحم المعوقين ليزداد تسلطاً وتجاهلاً لقرارات الشرعية الدولية والقوانين المحلية التي أرسيت عليها المبادئ العامة التي تتمثل في تحقيق حياة كريمة يعيش فيها الأشخاص ذوي الاعاقة على قدم المساواة مع الآخرين.

فمازلنا نعيش تحت هيمنة مجموعة أفراد ينأون بنفسهم عن مشاكل الأشخاص ذوي الاعاقة في بلد نحلم فيه أن يكون الأخ مع أخيه في نفس المكان المناسب والملائم له، لا أن نبتعد في مشاعرنا وتعلماتنا عنهم، ونطير بهم في تقاريرنا كي نصور أننا نعيش في واقع المدينة الفاضلة التي تؤمّن سبل العيش لمواطنيها. فالانتقال من المواجهة المباشرة إلى المباشرة عن طريق الآخرين، هو هروب من واقع الحال لصالح المصلحة الذاتية التي أضحت تتسارع لسلب الحقوق الواجبة لهم. فكان الأولى بالقائمين على خدمة ورعاية الأشخاص المعوقين أن يقاربوا وجهات النظر ويبقوا على تواصل مباشر مع المستفيدين من الأشخاص ذوي الاعاقة، ومحاولة ايجاد القاسم المشترك بين الجهات المعني والحقوق الواجبة، لا أن ننأى بهم إلى مكان بعيد حتى لا نواجههم، ولا نحقق لهم قضاياهم. فالانتقال من سيء لأسوء سيؤثر بالتأكيد على حال الأشخاص، وأنا لا ألوم أصحاب القرار في هذا الموضوع، لأن مواجهة الإعاقة ليست بالسهلة، و الطريقة الوحيدة للابتعاد عن مشاكلهم هي ابعادهم عن مقر المجلس، ولكني ألوم الأشخاص ذوي الاعاقة بأنفسهم، كونهم سمحوا بابتذال واستفزاز مشاعرهم، بل والسيطرة على قوت يومهم من مجموعة أشخاص مازالت تعيش في مرحلة الفساد رغم مرور أشهر طويلة على ربيع الاعاقة الذ شهده الأردن. فالذي يزور المراكز المعنية والقائمة على رسم سياسات الأشخاص المعوقين، سيدرك حينها أننا بعيدين أشد البعد عن الاقتراب من الانسانية، لأنهم مازالوا يعتبرون الرعاية والخدمة هي الأساس، وليس الحق والواجب الذي فرضته القوانين.

من هنا، فمازلنا نلاحظ أن استفراد أصحاب القرار في تبيض وجوههم الفاسدة مازالت بعيدة كل البعد عن الحقيقة الغائبة ولكن في طياتهم فقط. وكلنا تابع في الأيام الأخيرة ما أنعم به جلالة الملك من أوسمة ملكية كريمة لأشخاص قضوا معظم حياتهم في خدمة الوطن، وهذه إنما تعكس الحياة الكريمة التي يرد بها ومن خلالها سيد البلاد أن يصبح الأردن حراً كريماً، ولكن البطانة الفاسدة مازالت تحجب العباد عن سيد البلاد، فتوهمه بحسن الاختيار ومربع الانتصار على الواقع الأليم والمرير الذي نصارعه يوماً بعد يوم. فعكسوا له الصورة الحقيقية، ونسبوا لجلالته من يريدون، وهم مدركون تماماً بأن هناك من هو أكفئ بهذا التقدير وبهذا الوسام، فهم ناضلوا وصبروا وحاربوا بل وأبدعوا لايصال الصورة الكاملة للأردن من خلال تمثيلهم بالخارج. فهناك العديد من الأسماء المميزة من أصحاب الاعاقة هي أحق بأن تقلد الأوسمة الملكية وهي أحق بأن تلتقي بجلالة الملك ليستمع لهم ويحقق في مشاكلهم. فصاحب الجلالة ليس مهتماً بتقليد الأوسمة فقط، بل جل همه بأن يصل الاستحقاق لأصحابه حتى لا نقع في باب الانتهاكات الأخرى للأشخاص ذوي الاعاقة، لأن تقليد الأوسمة لمن لا يستحقها هو بمثابة انتهاك واضح لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة. وكلنا يعلم أن من تقلد الأوسمة لتمثيلهم للأشخاص ذوي الاعاقة، هم على صلة بحال أو آخر بأشخاص كشفت عنهم ملفات الفساد في الأشهر الماضية وحتى لا أفهم خاطئاً فأنا لا أهاجم الأشخاص ذوي الاعاقة أنفسهم فهم بدون شك أعطوا ما يستطيعون للأردن، وإنما نحن بإمكاننا أن نعطي البدائل التي لم تأخذ حقها في التكريم أمثال المهندس محمد الطراونة المعاق حركياً والذي مثل الأردن بأهم المنابر الدولية وترأس لجنة الرصد الدولية لمرتين على التوالي، مدافعاً عن حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة في الأردن. وأحمد اللوزي الذي ترأس الاتحاد الآسيوي للمكفوفين والاتحاد العالمي للمكفوفين لسنوات عديدة، وساهم كثيراً في رفع مستوى الكفيف في الأردن، وهو أيضاً معاق بصري، وقام بالعديد من الأعمال التي حسنت من واقع حال الأشخاص ذوي الاعاقة في الأردن. والدكتور مهند العزة ذو الاعاقة البصرية الذي مازال يدافع عن قضايا الأشخاص المعوقين ويدافع عن النيران التي تصوب نحوهم محلياً ودولياً من خلال فكره وخبرته وممارساته الموجودة على أرض الواقع. كل هذه الأسماء والعديد غيرها التي نجحت في رفع تمثيل الأردن محلياً ودولياً لم تنجح في السكوت عن الحق ومواجهة الفاسدين والمتاجرين في قضايا الاعاقة، ولهذا ولذلك لم ولن يتم تنسيبهم لأي فعالية يكون فيها تكريماً لهم. فهم مازالوا غير مؤيدين لواقع الحال، ولا يتفقون مع رؤية أصحاب القرار في مجال الاعاقة، فكيف يتم تكريمهم وهم أهلٌ لها.

أرجو أن يسامحني ضميري ووطني إذ صمت طويلاً، ولكني يا سيدي يا صاحب البلاد قد آمنت بفكرك وبحرصك على تقديم المكرمة لمن يستحقها وتقديم الأوسمة على من هو أهل لها، وأنا على أكيد بأن البطانة الفاسدة المحتوية لقضايا الإعاقة لن تسمح لهم بالاجتماع بجلالتك خوفاً على نفسها وخوفاً على كشف المستور. سامحني يا وطني فالفاسد أقوى.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات