شاركنا رايك .. من المسؤول عما جرى من "ضرب" في العقبة .. المسؤولون ام العمال؟
المدينة نيوز - بقلم :أسامة تليلان - ما جرى من استخدام مبالغ فيه للقوة في التعامل مع اعتصام عمال الموانئ في العقبة ومع غيرها من أشكال التعبير السلمي التي حدثت في الآونة الأخيرة ما كان ينبغي أن يحدث فهو اكثر من مؤلم, فمثل هذا اللجوء إلى القوة غير جائز وغير مقبول مهما كانت الذرائع ومن شأنه ان يسيء الى اكثر من جانب وطني وان يضع حقوق الانسان وحمايتها والالتزام بها في الاردن موضع الشك والرصد والمتابعة.
والاهم كذلك انه كلما لجأت السلطات في أي دولة الى استخدام القوة المفرطة تجاه مواطنيها كلما تراكمت العقد وتعثرت الثقة بين الجانبين وهو ما سيؤدي مع تكرره إلى ما هو أسوء من حالة الاعتصام ذاتها مهما كان حجمها ودوافعها وابعادها. بالمقابل فان الاعتداء القوانين وتجاوزها امربالغ السوء وسلوك لا بدا من معالجته.
اعتصام العقبة اعتصام عمالي يرتبط بالاجور والامتيازات وهذه حقوق يكفلها الدستور وكانت بحاجة الى الحوار واتباع الاساليب الديمقراطية من قبل الاطراف المختلفة للوصول الى توافق وحلول, لانه يصعب أن نتخيل أن حجم الإصابات التي حدثت في اعتصام عمال الموانئ قد وقعت في الأردن.
فكيف جاءت القوة كاداة للحل وكبديل عن الحوار وهذا سؤال بالغ الاهمية وفيما اذا كان هذا الاسلوب بات يدخل ضمنا في قائمة ادوات الحلول, والامر الاخر الذي كان يحتاج الى حوار وربما يحتاج الى حوار وطني واسع وهو الاجابة على لماذا الاعتصام...الظاهر ان الناس لا تلجأ الى الاعتصام كاسلوب لحل بعض الاشكالات بسبب القلة او الشحة او الحاجة اذا كان كل ذلك أمر عام ينطبق على الاخرين, فالحاجة الى المياه ووصولها الى المواطنين في طيبة الجنوب قد لا يكون هو المحرك المباشر لاعتصام اهاليها امام رئاسة الوزراء لو كان هذا الامر عام في كل المملكة او كانت طبيعة خدمة المياه في المملكة كما هي في الطيبة والوصول الى طرق مسدودة في قضية عمال موانئ العقبة واللجوء الى الاعتصام ليست بسبب احتجاج العاملين على ضعف الرواتب في مؤسسة الموانئ او في المؤسسات العامة وانما بسبب الخلل في سلم الرواتب والامتيازات بين الفئات الوظيفية المختلفة في الميناء كحالة. في الحالتين الطيبة والموانئ كمثال فان التوزيع غير العادل بالنسبة للطيبة وتفاقم خلل الرواتب والامتيازات والبدلات بالنسبة للموانئ كان السبب المباشر وراء الاعتصامات وليس الشح او الحاجة.
تزايد حالات الاستخدام المفرط للقوة في التعامل مع التعبير عن المواقف بالطرق السلمية والدستورية أمر بات مقلق للغاية ومؤشر بالغ الخطورة وبات يقترب من أن يشكل ظاهرة سلبية للغاية على اكثر من صعيد ومعنى, ويحتاج الى تدخل سريع ومباشر قبل ان يقود هذا المظهر الجديد الى طرق مسدودة وتراكمية, وما جرى في العقبة ينبغي ان يشكل علامة فارقة في اسلوب التعامل مع مثل هذه الحالات, وان تحقق لجنة في كافة الاجراءات التي تمت وقادت الى ذلك بحيث يتحمل كل طرف المسؤولية المباشرة عن تقديراته وقرارته وصولا الى ممارسات ديمقراطية ناجزة سواء من المعتصمين والمعبرين عن مواقفهم بطرق سلمية ودستورية او من الطرف الاخر الذي يمثل سلطات الدولة.
فرض الامن لا يتأتي من خلال اللجوء المكثف الى القوة في كافة القضايا التي تقع بين الدولة ومواطنيها وانما من خلال الحوار والحكمة والادارة السليمة للازمة او الموقف ومعالجة اسباب الاشكالات التي تستجد وبخلاف ذلك فان المقاربه الحالية في التعاطي مع هذه القضايا اقرب بمن يعالج الخطأ بالخطيئة ويقول هذا هو العدل.
