طريق قانون ضريبة الدخل غير سالكة في مجلس النواب

المدينة نيوز- راكان السعايدة- يواجه قانون ضريبة الدخل مأزقا كبيرا في مجلس النواب ما يشي ان إقراره خلال الوقت المتبقي من الدورة الاستثنائية مسألة مشكوك في إمكانيتها، بالإشارة إلى أن "الاستثنائية" التي شارفت على تجاوز مدتها الشهرين تكاد تكون أطول دورة استثنائية منذ عودة الحياة النيابية في العام 1989.
ومأزق القانون يتجسد في أربعة مفاصل: أولا: أن عدد مواد القانون تصل إلى 70 مادة وكلها تحتاج إلى نقاشات جوهرية وطويلة.
ثانيا: الدورة الاستثنائية لا يمكن بحال من الأحوال ان تستمر إلى أبعد من منتصف الشهر الحالي وعلى أبعد تقدير بداية الثلث الأخير من الشهر أي قبل حلول شهر رمضان المبارك.
ثالثا: ان مجلس النواب وعلى مدار ثلاث جلسات استغرقت نحو 12 ساعة عمل متواصل لم يقر إلاّ ثلاثة مواد ونصف المادة الرابعة، علما بأن من بين المواد المقرة مادة تحمل اسم القانون، ما يعني في المحصلة ان إقرار 70 مادة يحتاج إلى أكثر من شهر مقارنة بما أقر والمدة التي استغرقها ذلك الإقرار.
رابعا: حال تم إقرار القانون من مجلس النواب فانه سينتقل إلى مجلس الأعيان ليمر بدورة تشريعية أخرى وهي تحتاج إلى وقت ما بين مناقشة القانون في اللجنة المالية والاقتصادية ومن ثم عرضه على هيئة المجلس لإقراره وهذا الأمر يحتاج إلى أسبوع على الأقل.
مع الأخذ بالاعتبار أن الأعيان قد يعترض ويرفض تعديلات معينة أدخلها النواب إلى القانون ما يعني عودته (القانون) مجددا إلى مجلس النواب للنظر في ما رفضه الأعيان من قراراتهم وتعديلاتهم على القانون.
ومنذ الجلسة الأولى لمناقشة القانون التي أقر فيها مادتين فقط بدا أن الحكومة ورئيسها على وجه التحديد منزعج من الوقت الطويل للمناقشات الأمر الذي جعلها تتيقن أن إقرار القانون خلال المدة المتبقية من عمر الدورة الاستثنائية احتمال ضعيف حتى لو ألفت بكل ثقلها لتسريع المناقشات.
ويعد أكبر مؤشر على أن المجلس يتخبط في التعامل مع القانون أنه في جلسته التي عقدها الأحد الماضي أقر مادتين وسط حالة من عدم التركيز ما أضطره إلى إعادة مناقشة المادتين في جلسة عقدت صباح الاثنين قضاها كلها في مناقشة وإقرار مادة ومناقشة وإقرار جزء من مادة أخرى، أي أن الجلسة التي استغرقت نحو 4 ساعات لم يقر بها إلاّ مادة ونصف المادة تقريبا.
والأمر لم يقف عند هذا الحد بل أن رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي الذي راهن على قطع شوط في إقرار مواد من القانون في جلسة دعا إلى عقدها مساء يوم الاثنين صدم من غياب النواب وعزوفهم عن الحضور ما اضطره إلى إعلان تأجيل الجلسة لعدم اكتمال النصاب القانوني إلى موعد آخر هو اليوم الثلاثاء لعقد جلسة مسائية.
وبدا ان العودة إلى مناقشة مواد أقرت في جلسة سابقة وفشل المجلس في عقد جلسة إضافية لعدم توفر النصاب يعطي إشارات لمراقبين أن مزاج النواب أو جزء كبير منهم بات يميل إلى ترحيل مناقشة القانون وإقراره إلى الدورة العادية المقبلة.
والسبب في هذه الرغبة، كما يقول نواب، ان الوقت المتبقي من عمر الدورة قصير ومواد القانون كثيرة، ومثيرة للجدل وتعظم نحوها الإحساس والقناعة أنها تميل لصالح الأغنياء على حساب الفقراء.
في الجلسات الثلاث السابقة كان واضحا أن مزاج شريحة لا بأس بها من النواب تحاول عند مناقشة أي مادة أو فقرة أن تؤكد على أن القانون منحاز ضد الفقراء وينهي الطبقة الوسطى المنتهية أصلا.
كما أن دفاع طبقة نيابية مقاولة عن مصالحه عبر النص على إعفاء شركات الإسكان من الضريبة ونجاح النائب محمد السعودي في تمرير ذلك شكل إحراجا شديدا لأغلبية النواب أمام الشارع والرأي العام بوصفه (المجلس منحاز لمصالح طبقة مستفيدة من أصحاب الشركات العقارية دون اعتبار لمصالح الناس وخزينة الدولة الأمر الذي دفع نواب يوم الاثنين الماضي لإنقاذ ماء وجه المجلس عبر إعادة مناقشة إعفاء شركات الإسكان والتراجع عن ذلك الإعفاء.
في المحصلة فان فرص إقرار قانون ضريبة الدخل خلال الدورة الاستثنائية الحالية تراجعت إلى مستويات كبيرة ما جعل نواب يعتقدون أن فض الدورة الاستثنائية وارد في أي لحظة.