بدائل المفاوضات العقيمة
في ظل المساعي الاسرائيلية لتقويض عملية السلام ، وعرقلة استئناف المفاوضات المعطلة منذ سنوات، وفي ظل رفضها كافة استحقاقات عملية السلام ومتطلباتها والتزاماتها ، واصرارها على استمرار البناء الاستيطاني ، ومداهمة المنازل والمؤسسات ، وملاحقة الناس واعتقالهم ،وهدم البيوت وتهجير السكان من منازلهم، وحرق المزارع والاشجار وقلعها ، وفرض حقائق جديدة على الارض ، وبالتالي تدمير الجهود الامريكية ، رغم ان ليس ثمة خطة مطروحة لدى كيري ، والتي يقال انها ان وجدت فهي في طور الاعداد ،وقد توأد في مهدها ، اذ ليس من المستبعد ان ينفض كيري يديه من عملية التسوية في المنطقة ، وذلك بتحميل كلا الجانبين مسؤولية فشل جهوده ، مع ان الجانب الفلسطيني يسعى بكل جهد ويعمل بامعان ، ويحرص كل الحرص، على انجاح مساعي كيري او اية مساعي من شانها العودة إلى طاولة المفاوضات باقصى سرعة ؛ للوصول إلى حل كل القضايا العالقة لتحقيق السلام على اساس حل الدولتين والحدود المحتلة عام 1967 ، والتعاطي مع جميع القضايا الاخرى برو ح ايجابية ؛ لكن اسرائيل وبصريح العبارة ، ليس لديها اي مشروع او خطة مطروحة للانسحاب لحدود 1967، وانما هي تطرح اصلا ما يسمى ب"تبادل اراضي". كما انه ليس لديها حتى نية تهيئة الظروف المناسبة بالاعلان عن تجميد الاستيطان والالتزام بمرجعيات معينة ، كحل الدولتين ؛ وذلك تمهيدا لاطلاق المفاوضات ، رغم عقد جولات خمسة حتى الان ، من الاجتماعات الفارغة المضمون بين الجانبين ، ورغم الضغوط الاوروبية والامريكية التي يقال انها تمارس على نتنياهو.
ان اسرائيل تتعلل بعدم وضع شروط مسبقة ، لكنها تضع خططا انتقالية كما تشاء ، وتتحدث عن حدود مؤقتة وحدود امنية ، وترفض وضع تصورات واضحة لقضية الحدود والامن هذه ، كما انها تتعلل بالجولات الاستكشافية، رغم ان الرباعية الدولية طلبت سد الطريق امام استمرار هذه الجولات ؛ لان هدفها عبثي لا قيمة لها،
ان تعليلاتهم تلك ، وتكرار حديثهم ان لا شروط مسبقة ، انما يعني تهربهم وتخليهم النهائي عن المفاوضات ، وهو بداية القاء اللوم على الطرف الفلسطيني والتنصل من العملية ، ولربما هم يتحينون الفرص الاتية في الشرق الاوسط بالتغيير المطلوب ، والمواتية لهم، والتي يظنون انها ستكون لصالحهم ؛فحينئذ يملون شروطهم املاء ويحققون رغباتهم ومطالبهم ، لذلك فان الشعب الفلسطيني لا يقبل بمقولات فارغة المضمون، من اولئك الذين يرضخون ويتوسلون اسرائيل ومن يساندها، ويتشبثون باهداب المفاوضات العقيمة فتراهم يرددون : - ( هددت اللجنة المركزية باللجوء إلى خيارات بديلة في حال استمرار تعثر عملية السلام....وقالت اللجنة في بيان ..... وتؤكد اللجنة انها تمتلك كل الخيارات ، واضافت اللجنة..... وطالبت اللجنة وزير الخارجية الامريكي .... وادانت اللجنة بشدة...... واكدت اللجنة....وهكذا ) فهذا الكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ، بل ان على القادة الفلسطينيين السعي إلى ايجاد بدائل حقيقية فاعلة - وهي حاضرة لديهم - لمواجهة هذا الصلف والتعنت الاسرائيلي ، واول تلك البدائل هو تحقيق المصالحة الوطنية ، وحل الخلافات بشكل جذري، ونبذ الانقسام، وتحقيق الوحدة الفلسطينية بين جميع الفصائل ؛ فالانقسام الفلسطيني هو من اهم الاسباب التي يؤجج التعنت الاسرائيلي ويدعم المواقف الامريكية المساندة. كما انه لا بد من التمسك بالثوابت الفلسطينية ، وبالمسار السياسي كاساس وحيد للحل وليس المسار الاقتصادي الذي يزعمون ، والتمسك بان القدس هي جوهرة دولة فلسطين وقمرها الساطع ،وان الحفاظ عليها وعلى مكانتها في قلوب العرب والمسلمين واجب مقدس ، وهي مقياس السلام وبوصلة الحل السياسي ، فبدونها لا يكون هذا ولا ذاك، ومن البدائل سحب مبادرة السلام العربية ، وبعث روح انتفاضة جديدة عارمة ، ومسيرات ومظاهرات مدوية تستقطب محبي السلام في العالم ، حيث يتم نقلها إلى ساحات الوطن العربي والاسلامي والدول المحبة للسلام، والتأهب للكفاح المسلح والمقاومة المشروعة المدروسة ،وتنشيط روحها ،والدعم العربي والاسلامي للفلسطينين علانية، سياسيا واقتصاديا واعلاميا ، وعلى كل الساحات العربية والاسلامية والدولية ،والعودة إلى تصحيح الخطأ الذي ارتكبه الفلسطينيون بتوقفهم عقب الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للامم المتحدة عن مواصلة التوجه إلى المؤسسات الدولية للانضمام اليها، اذ عليهم الآن وفورا السعي وبكل جدية من اجل نيل عضوية جميع المؤسسات الدولية الحقوقية والسياسية والاجتماعية والعلمية والانسانية ...