الحمار الذهبي
وقف المحامي الشاب على باب المحكمة عله أن يغنم قضية من القضايا، وكان كلما مر شرطي يقتاد متهما الى داخل المحكمة إستقبله متوسلا ومتسائلا منه، إن كان بحاجة الى محام ليدافع عنه عسى أن ينفعه في الحصول على البراءة المتمناة ،وكان الكل يرفضون والمحامي سئ الحظ لم يكن ليتراجع عن محاولاته اليائسة تلك ،حتى غنم متهما بائسا برفقة شرطيين وصديق له ودعه عند باب المحكمة متمنيا له السلامة والخروج من الورطة التي وقع فيها .وفي الأثناء داهم صاحبنا لحظات الوداع تلك وطرح سؤالا مستعجلا على المتهم : هل لديك محام ؟لا .طيب :هل تريد محاميا يدافع عنك؟ ياريت ،بس ماعندي فلوس ياحسرة. ولايهمك أنا ادافع عنك مجانا وسأحصل لك على الحكم المناسب واللائق بك ،ولكن ماهي تهمتك؟ تهمتي هي سرقة حمار ! ضحك المحامي بقسوة وقال،حمار ؟ بسيطة ياسيدي سأخرجك من القضية كما تسحب الشعرة من العجين ولايهمك ، ولكن عليك أن تعمل لي توكيلا رسميا .
في داخل المحكمة ذهب المحامي وصديق المتهم لكي يعملا التوكيل المناسب لكن الموظف فاجأهما بطلب مبلغ من المال لم يكن لدى المحامي ولا لدى صديق المتهم، وحينها طلب المحامي من الصديق أن يتدبر المبلغ لكنه إعتذر وقال ،ليس لدي هذا المبلغ إدفعه أنت ! قال المحامي ،أنا سأدافع عنه مجانا وأنت لاتريد دفع حتى رسوم التوكيل ؟فقال الصديق ،ليس معي النقود إدفع وسأدفع لك في وقت لاحق ،حينها خرج صاحبنا مسرعا يركض في أروقة المحكمة وهو في خوف من ضياع القضية التي صارت بيده وخشي أن تفوته فرصة التلويح بها لزملائه ليؤكد لهم إنه ليس فاشلا وإنما هو قادر تماما على النجاح وتأكيد حضوره ،وسيتخلص من فكرة إنه محام عاطل عن العمل.وكان أن إلتقى بصديق محام سلمه المبلغ المطلوب وهنأه على ذلك .
في اليوم المحدد للمرافعة دخل القاضي ومعه هيئة القضاة وجلس مكانه بينما كان حرامي الحمار في القفص والقاعة تضج بالمواطنين ،وطلب القاضي للمحامي أن يبدأ في دفاعه ،وبالفعل فقد كان محامينا شاطرا للغاية وهو يدافع عن المتهم ويؤكد بما لايقبل الشك براءته من سرقة الحمار ،وإنه أرفع من أن يسرق حمارا، وهو لايشك أبدا في عدالة المحكمة التي ستقرر في النهاية الإفراج عنه ،وإستقبل الحضور دفاع المحامي بالتصفيق، وكان المتهم يصفق في القفص ،وصفق رجال الشرطة متناسين وجود القاضي ،وبإبتسامة عريضة رد القاضي متسائلا ، عن أي حمار تتحدث وعن أي سرقة ؟ومن قال لك إن المتهم سرق حمارا ؟ألم تقرأ أوراق التحقيق ؟فالقضية هي ،إن المتهم يحاكم لأنه سرق حمارا ذهبيا من العصر الروماني وجده في مكان أثري وهذا يمثل إعتداءا على المال العام وعلى ثروة وطنية...حينها بهت صاحبنا ولامن ورا ولامن قدام ....الكثير من الذين لايجدون عملا يمكن أن يذهبوا في إتجاهات مختلفة ويتصرفون بكيفية غير مواتية وربما تسبب المتاعب لهم ولسواهم من الناس وهذا مايحصل في كثير من الأحيان للأسف.