نظرة غيورة
العمل التطوعي يعتبر من الأصول الكبرى الداعمة للاقتصاد العالمي، وقد صار من الحقائق والنظريات الثابتة الممنهجة التي يعتمد عليها الاقتصاد الحديث والمعاصر في العالم من حولنا، فالعمل التطوعي أحد أبرز الوسائل الداعمة لمنظومات النمو الاقتصادي في الأوقات العادية، أو التي تساهم في درء ومكافحة الأزمات في الأوقات الطارئة وأوقات الأزمات والمحن.
ولكن في الاردن يجب ان ننظر نظره غيورة على الإحصائيات العالمية العملاقة للتطلع لما أحرزه العمل التطوعي من نتائج اقتصادية كبيرة وعملاقة في العالم من حولنا لتكون هي المحفز الأول والأخير على ضرورة توفير الأدوات وتقريب المسافات التي تسمح لهذه القاطرات الاقتصادية التطوعية أن تنطلق دائماً من قلب مجتمعاتنا إلى الأفق العالمي، معتمدة على القواعد البشرية العملاقة والمؤهلة أخلاقياً لتنقل الاقتصاد الاردني إلى مناطق القوة التي لا تعبث بها الأزمات مع حدتها أو ضعفها.
فمن خلال القراءات الإحصائية لبعض الدول سندرك أن هناك علماً وعملاً دقيقاً له أدوات قوية هي التي تساهم في هذه الصناعة الخيرية الإنسانية التي تسمى بالعمل التطوعي بكل ما تقدمه للمجتمعات في أوقات قوتها وهوانها، فمثلاً في الولايات المتحدة الامريكية وحسب التقارير التي اوردتها صحف امريكية متعددة إلى أن الأزمة المالية عام 2008 خلقت تحدياً كبيراً لدى القطاع الكبير من المتطوعين؛ مما ساهم في زيادة جهودهم، وتقديم ساعات عمل أكبر تبلورت في صورة إحصاءات ونتائج، ولقد بلغ عدد المتطوعين البالغين ممن قدموا جهودا وخدمات تدعم الاقتصاد والمجتمع الأمريكي في عام 2010م، حسب هذه الإحصائية، 62.800000 مواطن في كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، قدموا خلالها 81 مليار ساعة من ساعات العمل الدؤوب والمتكامل، والذي قدرته وكالة البحوث السنوية للعمل التطوعي في أمريكا بالتعاون مع القطاع المستقل بما يساوي 173 مليار دولار أمريكي بثت في صلب الاقتصاد الأمريكي مباشرة, واما في بريطانيا فتشير الإحصائيات والدراسات بأنه يوجد في المملكة المتحدة 22 مليون شخص يشاركون بالتطوع الرسمي كل عام، يشارك عشرة ملايين منهم في هذه المنظومة كل أسبوع، ويساهمون بما يساوي 90 مليون ساعة عمل أسبوعياً، وتقدر الدراسة القيمة الاقتصادية للتطوع بـ40 مليار جنيه إسترليني سنوياً على الأقل تصب في عصب الاقتصاد البريطاني، وتعود مباشرة على المجتمع والمواطنين.
واما في استراليا فحسب دراسات المكتب الأسترالي للإحصاءات (ABS) عام 2006، ظهرت النتائج المبهرة والكبيرة لعطاء الأفراد والمؤسسات التي شاركت في مجالات العمل التطوعي المختلفة، وقد حققت مشاركة الأفراد أعدادا وصلت 5.2 مليون نسمة (34 ٪) من السكان فوق 18 عاماً، بمتوسط ساعات عمل سنوية وصلت لـ 56 ساعة لكل فرد، وهي ما حققت مبالغ وصلت 713 مليون دولار، انصهرت في صلب الاقتصاد الأسترالي.
ومن هنا نستنتج ان العمل التطوعي لم يعد عملاً بديهياً تحث عليه الأزمات والكبوات، فالإحصاءات العالمية تؤكد أن وراءها منظومة علمية متكاملة وممنهجة تستطيع العمل دائماً على استقتطاب المتطوعين بكافة أشكالهم وصورهم وإمكانياتهم في أوقات الأزمات وفي غير أوقاتها.