شواهد حضارية أردنية
![شواهد حضارية أردنية شواهد حضارية أردنية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/23549.jpg)
يميل الإنسان بطبعه إلى النقد وذكر السلبيات، ويتجنب المدح وذكر الإيجابيات، وليس ذلك من باب التجني وغمط الناس وجلد الذات، ولكن لأنه يريد الأفضل والأجمل لبلده، ويسوؤه أن يرى في بلده أي نقطة سوداء تنكت فيه، تفسد جماله، وتعكر صفوه، وتكدر نقاؤه.
ويطيب لي أن أعرض لقطات سريعة لجملة من المنارات المضيئة المشرقة في بلدي الحبيب التي أراها تستحق الإشادة والتقدير ، ولا يختلف عليها اثنان، وتلفت انتباه كل مقيم وزائر وسائح.
تشكل الجامعات الأردنية الرسمية صروحاً علمية شامخة، تتوزع على امتداد الوطن، لتغطي حاجة الطلبة أينما وجدوا، وتقدم خدمات للمجتمع المحلي، وتعمل على تنمية المناطق وتطورها وتقدمها، وتساهم الجامعات الخاصة في هذه المهمة الوطنية المهمة، وتلعب دوراً محموداً في تقدم الوطن ورفعته، وتأتي تجربة الجامعة الأردنية برئيسها المفكر الدكتور خالد الكركي كنموذج متفدم مستنير يدلل على أهمية الوعي والفكر والرؤية الواضحة في إحداث التغيير، وتحقيق الحلم، واستشراف المستقبل.
والأردن رغم محدودية الإمكانات، وكثرة التحديات أثبت أن الاستثمار في التعليم الجامعي استثمار ناجح ومثمر، وقدم نموذجاً متقدماً في هذا المجال، رغم الشوائب والهنات هنا وهناك التي لا تقلل من قيمة التجربة وأهميتها.
ومن الضرورة بمكان أن تنفتح الجامعات على المجتمع وتكون منارات علم ومعرفة وبيوت خبرة، وأن تهتم بالبحث العلمي الحقيقي الهادف.
وتأتي المستشفيات والمراكز الطبية بشقيها الرسمي والخاص لتكون من أهم مظاهر رقي وتطور الأردن، ومن أهم عوامل الجذب للسياحة العلاجية، ناهيك عن توفير العناية الطبية للمواطنين، وإن تفاوتت المستويات والتكاليف، إلا إنها تبقى نقطة مضيئة مشرقة تمد الإنسان الأردني بالثقة والراحة النفسية للمستوى الطبي المتطور في الأردن.
ويؤمل من المستشفيات وبالذات الخاصة منها أن تراعي إنسانية المريض، وتبتعد عن المتاجرة بالمرض واستغلال المرضى.
أما الجسور والأنفاق التي تنتشر في ربوع الأردن وخاصة العاصمة عمان، فهي بالإضافة إلى مهمتها الأساسية في تأمين طرق سهلة وسريعة للمواصلات، فهي تعتبر بحق مظاهر سياحية رائعة تشد أنظار المواطن بالإضافة إلى الزائر الذي يعجب بالمستوى الإنشائي المتقدم في الأردن.
ولكي تكتمل الصورة الجميلة للجسور والأنفاق، لا بد من تكون الأولوية فيها للمشاة وليس للمحلات التجارية التي تعتدي على حق المواطن في مرور آمن مريح.
وتنتشر في بلدي الحدائق والمتنزهات وإن حظيت العاصمة بنصيب الأسد، وهي متنفس للمواطن، ومحطة للراحة والهدوء، وتوفر مكاناً آمناً للأسر والأطفال للجلوس واللعب والتنزهة بكل حرية.
ويا حبذا أن تسعى الجهات المسؤولة لتنظيف الحدائق والمتنزهات من العابثين والمزعجين رغم محدوديتهم.
ويعتبر الأمن والأمان ركيزة كل استقرار، ولله الحمد والمنة فالأردن يمتع بهذه النعمة العظيمة، فهو بلد مستقر، يعتبر قبلة للزائرين، يشعر فيه المواطن والمقيم بالراحة والاستقرار والطمأنينة، ورغم ما يظهر على السطح هنا وهناك، إلا إن الأردن سيبقى بإذن الله تعالى واحة للأمن والأمان في المنطقة.
إن الأردن بلد فقير في موارده المادية، محدود الإمكانات، إلا إنه الأغنى في رأس المال البشري المتميز الذي لا مثيل له، فالإنسان الأردني عنصر فاعل مؤثر على الصعيد المحلي والعربي، ولا يخلو بلد عربي من كفاءات أردنية أثبتت قدرتها وتميزها في كل مجال عملت فيه، ويملك الأردن طاقات بشرية جبارة، تعمل ليل نهار من أجل رفعة هذا الوطن وتقدمه، والإبحار به إلى شاطئ المستقبل بكل ثقة وقوة.
ورأس المال البشري بحاجة إلى رعاية أفضل وتشجيع ودعم وتقدير كي يقدم كل ما عنده في خدمة الوطن والمواطنين.
ويفخر الأردن بما يتمتع به مواطنوه من ديمقراطية وحرية تعبير ندر مثيلها في كثير من دول العالم الثالث، فالمواطن الأردني ضمن القوانين المرعية يحظى بحرية كبيرة سقفها السماء وليس لها حدود إلا حقوق الآخرين وحرماتهم، وكل ذللك في نطاق من الأدب والاحترام والضمير الحي المستنير.
وما حدث من فض للاعتصامات باستخدام القوة مرفوض تماماً، ويحدث ذلك في ظل وهم فرض الهيبة التي لم يعد لها مجال في عصر يعتمد الحوار والصراع الفكري والمعرفي، وقد أثبت التاريخ على الدوام فشل الهراوات في تحقيق أهدافها.
ويشكل الحراك على مختلف مستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية على صفحات الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية والمنتديات بشائر خير تبشر بمستقبل واعد مشرق بإذن الله تعالى، فالمجتمع الحي هو المجتمع المتحرك الذي يضج بالأفكار والرؤى وتبادل الرأي والاختلاف وكل ذلك يهدف للوصول إلى قواسم مشتركة متفق عليها بين مكونات المجتمع وقواه الفاعلة، وتأخذ في الحسبان العالم من حولنا.
وأخيراً إن كل ما سبق ما كان له أن يظهر بهذه الصورة الجميلة الرائعة لولا تضافر الجهود الشعبية والرسمية من أجل إنجاز متميز لهذا البلد الطيب في ظل قيادة حكيمة تدفع إلى الأمام وتشجع على الإبداع وتُعلي من شأن كل متميز.
mosa2x@yahoo.com