حول مهرجان جرش للثقافة والفنون !
منذ انطلاق مهرجان جرش للثقافة والفنون في العام 1981 ونحن نُمنِّي النفس أن تعقِد الجهة المنظِّمة للمهرجان ومعها اللجان المُساندة الأخرى ، وحال انتهاء البرامج المقررة كل عام، جلسة مكاشفة وتقييم لا يتمُّ فيها تعظيم شأن الإيجابيات فحسب، بل الأهمّ من ذلك فتح ملف السَّلبيات ومواضع الخلل بصراحة وشجاعة. وَنُجْزِم لو أن النهج السالف قد جرى إتباعه مع سُبُل الوقاية والعلاج منعاً لتكرار وقوع السلبيات والظواهر المُزعجة المُنفِّرة، لما تراكمت وتنامت على النحو الذي بات موضع حديث الناس .
فبعد ثلاثة عقود ونيف من انطلاق المهرجان تجد فئة تسيطِر وتتنافس على مواقف السيارات المتوفرة على الشارع العام قرب مركز الزوار، وَتَزْعُم أنها "تضمَّنت المواقف من البلدية " فتقوم باستيفاء خمسة دنانير على كل مركبة ، حتى وإن وصل المواطن وضيوفه في وقت مبكر والمواقف خالية. ولا حيلة للمواطن حتى وإن كانت دنانيره محدودة سوى الإذعان، اتقاءً لمضاعفات الجدل والرفض الذي قد تكون محصلته خدش جوانب المركبة بشيءٍ حادٍ أو تنفيس إطاراتها! وهناك مَن يدفع المبلغ فوراً كي لا يقع في حرَجٍ أمام ضيوف من الخارج اصطحبهم لحضور نشاطٍ معين . وتبرُز صورة سلبية أخرى عند شباك التذاكر حيث يقدِّم المواطن مثلاً خمسة عشر ديناراً لشراء ثلاث بطاقات دخول فيُجابَه بدفع دينارين إلى جانب العشرة "لعدم وجود فكّه" فيضطر المواطن على مضضٍ ترك ثلاثة دنانير لأخذ التذاكر وهكذا ..!
وما أن يسير الزائر قليلاً ، حتى يجد مخلَّفاتِ مَن لا يُعيرون اكتراثاً لقيمة هذا الموقع الأثري البديع، وقد انتشرت في محيط الأكشاك القريبة من شارع الأعمدة والساحة الرئيسية وفي أطراف الموقع ومداخل المدرجات. أمَّا الأمر المُنفِّر فهو انتشار شبان وأطفال يحيطون بالزوار وينشَبون بهم، حتى على المدرجات، للاستجداء الذي في ظاهِره بيع ما بحوزتهم من مأكولات أو مياه أو هدايا بسيطة . ويتحدث مَن حضر " ليلة أردنية" وسُمِّيت بمسك ختام المهرجان..أن فئة شبابية غير منضبطة كانت تتواجد بين العائلات في المدرج الجنوبي ، ولولا تدخل رجالات الأمن بحِلمِهم لإيجاد أمكنة آمنة لِمن استنجد من العائلات، لاضطروا للمغادرة كما غادر مِن قبلِهم خشية سقوط أحد من الأدراج العليا عليهم ، حيث تواجدت مجموعات دبَّ فيها الحماس،بل التهوُّر فتمادى منهم من قام بإلقاء عبوات المياه الفارغة وأوراق الإعلانات "البوسترات" بعد تمزيقها على الجالسين على الأدراج السفلى.. ويتحدث شهود عيان بمرارة عن الفوضى والجَلَبة التي اتسعت في نحو منتصف الحفل مع فتح المداخل للجميع لتعبئة المدرج الذي غادره مَن غادر من عائلات!
ويشهد مُنصِفون وكما جاء على ألسِنتهم حرفياً: "أنَّه لولا تواجد مرتبات الأمن وعملهم بصبر وخُلقٍ وروحٍ مهنية عالية لما كان لهذا المهرجان أن يتم دون كوارث". إلى هُنا، وبناءً على الملاحظات أعلاه وغيرها حيث لا يتسع المجال للخوض في تفاصيلها، فإن المأمول أن لا يوافينا مهرجان السنة القادمة إلاّ وقد جرى اجتثاث السلبيات كلها، التي إنْ طويت صفحتها وغُضَّ البصر عنها سيؤول الأمر إلى تدمير سُمعة المهرجان في الداخل والخارج، وهذا ما لا يرضاه عاقل .
وختاماً، ومن باب الشفافية وضمن "حق الحصول على المعلومة" ولمُجانبَة ما يقال هنا وهناك، فمن الأهمية عقد مؤتمر صحفي، يُفصَح فيه عن المبالغ التي دُفِعت للمطربين والفنانين الذين جرى استقدامهم بعقود مُبرمة سلفاً لإحياء سهرات حسب برنامج المهرجان، وأن تشمل مصاريف إقامتهم وتوابعها . وأن ينسحب الأمر على تبيان جميع المصاريف والمكافآت التي دفعت لسائر الفعاليات بما في ذلك ما تحقق من واردات.